ذكريات رمضانية خاصة جدا في بورسعيد

محمود ياسين

TT

بداية أهنئ كل قراء «الشرق الأوسط» بشهر رمضان وكل عام وأنتم بخير، وأتمنى أن يعيد الله شهر رمضان على أوطاننا العربية باليمن والبركات والسؤدد.

لأنني لست قاهري النشأة فدائما ما تأخذني مشاعر الحنين في ذكريات شهر رمضان بعيدا عن القاهرة إلى مدينة بورسعيد - مدينتى - التي نشأت وتربيت فيها وعشت بها أجمل أيام حياتي. فكل أبناء بورسعيد يعشقون بلدهم وينحازون لها بموضوعية وبعاطفة شديدة، وأنا تربيت في بورسعيد واكتسبت منها كل قيمي وتعليمي وثقافتي النابعة من ذلك الزمن العريق. ولازلت أتذكر شهر رمضان في هذه المدينة الساحلية الجميلة وملامح احتفالاته الرمضانية التي تميل للطابع الشعبي والاجتماعي مع صبغة ثقافية أثرت في وجداننا جميعا دون انفصال عن الطابع الديني سواء الإسلامي أو المسيحي للمدينة بحكم أن بورسعيد كانت تزخر بعدد كبير من المسيحيين الأجانب الذين يأتون عبر الميناء المطل على البحر المتوسط بشاطئه الرائع الممتد.

من صغري وأنا أنعم بخصوصية بورسعيد وأهلها واحتفالاتها في الشهر الكريم ومن أكثر الأماكن التي لا أنساها وكنت أرتادها في رمضان كان مسرح رمسيس الذي سمى على اسم فرقة رمسيس التي أسسها الفنان الكبير يوسف بك وهبي، وما زال هذا المسرح منارة ثقافية فنية جميلة قضينا فيه أجمل ليالي رمضان الفنية الراقية. وفى مواجهة فنار بورسعيد يوجد أيضا مكان آخر لا أنساه أبدا ودائما ما أتذكره في ليالي رمضان وهو نادي المسرح الذي لا يوجد له مثيل في بلد شكسبير نفسه فهو عبارة عن مساحة كبيرة من أربع فيلات ملئ بالحدائق الغناء، حيث تقابلنا والتقينا مع أساتذة الفن ورواد الإبداع في ذلك الزمن الجميل وكنا نقضى ليالي رمضان في مشاهدة العروض المسرحية بينما كنا نرتاد النادي في فترة النهار.

أعترف أن حنين الذكريات الرمضانية دائما ما يراودني ويحلق بي نحو فترة الصبا والشباب، حيث كانت الهواية تشدني وتأخذني لليالي الإبداع الرمضانية للاستمتاع بأداء الرواد ومشاهدة الأعمال المسرحية العظيمة وهى فترة أسهمت في صقل الموهبة والارتقاء في الإبداع.

رغم حنيني لهذه الذكريات الرمضانية البورسعيدية إلا أنني أستمتع أيضا بشهر رمضان حاليا في القاهرة وفى كل وقت، لأن رمضان كما هو سيظل دائما له خصوصيته وروحانياته وتظلله ثقافة الإيمان والصيام بسمته المميز بما نتمتع به من تراث عبر تاريخنا العربي العريق خاصة مع الجو الأسري العائلي مع زوجتي شهيرة والأبناء والأحفاد والارتباط بموعدي الإفطار والسحور وكلها أشياء من صميم عقيدتنا وما فيها من ثراء روحي جبار وعظيم مع امتداد العمر.