«دقلة النور».. تباع في 70 دولة في العالم

التمور التونسية في الشهر الكريم

«دقلة النور» التونسية في أحد محلات بيع الغلال في سوق وسط العاصمة التونسية
TT

مهما كان الفصل الذي يحل فيه شهر رمضان المعظم، صيفا أو شتاء، ربيعا أو خريفا، فإن «ملكة» الفاكهة التي يحرص التونسيون على اقتنائها خلال شهر الصيام هي من دون منازع «دقلة النور» التونسية. ولهذا السبب فإن محلات بيع الخضر والغلال في كل المدن التونسية، وكذا المساحات التجارية الكبرى تحرص على اختيار أفضل الأماكن وأبرزها لعرض «دقلة النور» في الأيام السابقة لشهر رمضان وكامل أيام الشهر الكريم.

تنتج التمور في تونس بشكل أساسي في أقصى الجنوب الغربي على أطراف «شط الجريد» في واحات «الجريد» (محافظة توزر) وواحات «نفزاوة» (محافظة قبلي). ويصل عدد أنواع التمور التونسية إلى نحو 300 نوع، ولكن «دقلة النور» هي الأكثر شهرة من بين كل هذه الأنواع سواء في تونس أو خارج البلاد.

* مذاق عسلي ولون ذهبي

* تتميز «دقلة النور» بمذاق فريد من نوعه وبشكل متميز جذاب. فهي ذهبية اللون بلورية شفافة تكاد ترى نواتها خاصة عند جنيها. وهي عسلية الطعم غنية بالسعرات الحرارية، وبها الكثير من المعادن إضافة إلى الفيتامين ج. وما صنع شهرة «دقلة النور» التونسية هو جودتها الكبيرة والعناية التي تلقاها من المزارعين في كل مراحل إنتاجها، قبل أن تصل إلى مرحلة التسويق.

وينطلق موسم جني التمور عادة منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) وبداية شهر نوفمبر (تشرين الثاني). وتحتاج أشجار النخيل وهي في أوج مرحلة نضج ثمارها إلى الكثير من الحرارة ومن الماء (مياه الري لا مياه الأمطار) لأن التمور تبقى حساسة للرطوبة وللأمطار في مرحلة نضجها، ومخافة تلف الصابة بسبب أمطار الخريف الأولى يحرص أصحاب واحات النخل المنتجة لـ«دقلة النور» خاصة، إلى تغليف «العراجين» بمادة بلاستيكية خاصة تحفظها من الرطوبة والأمطار، وتحافظ على نظارتها وكل قيمتها الغذائية وذلك بمجرد خروج فصل الصيف.

ومباشرة بعد قطع العراجين من النخلة يقع فرز «الدقلة» وتصنيفها. ويحدث أن تجد في نفس العرجون الواحد بعض حبات «الدقلة» متوسطة النوعية، حيث يقع فصلها عن النوع الممتاز لتباع كصنف ثان. وتباع الأصناف الممتازة في السوق المحلية إما في شكلها الطبيعي كعراجين كبيرة بعد تغليفها بورق «السيلوفان»، أو كعراجين صغيرة بعد تقليمها، أو بعد تعليبها ووضعها في صناديق صغيرة. ويصل سعر الصنف الممتاز إلى أكثر من 7 دنانير تونسية للكيلوغرام الواحد (نحو 5 دولارات أميركية).

كما تحفظ الدقلة بعد جنيها في مخازن حديثة ومتطورة على امتداد السنة، وخصوصا استعدادا لشهر رمضان المعظم، حيث تصبح أهم فاكهة للتونسيين، أو لتصديرها على امتداد السنة للأسواق الخارجية.

* رقم قياسي في التصدير هذه السنة

* تبقى «دقلة النور» «نجمة» المنتجات التي تشارك بها تونس في الصالونات الزراعية التي تنتظم في كل أرجاء العالم. وقد أسهمت بالتعريف بتونس في الكثير من أنحاء العالم لأنها من بين أكثر المنتجات الزراعية التونسية تسويقا في الخارج إلى جانب زيت الزيتون التونسي.

وتحتل تونس المرتبة الأولى عالميا في تصدير التمور، وخصوصا «دقلة النور»، وذلك من حيث القيمة المالية الإجمالية لعمليات التصدير. وقد تمكنت إلى حدود 10 يوليو (تموز) 2013 من تصدير 91 ألف طن من «دقلة النور» إلى الخارج، مقابل 96 ألف طن لكامل سنة 2012، ويتوقع السيد سمير بن سليمان مدير تمنية الصادرات بالمجمع المهني المشترك للغلال، الذي تحدثت إليه «الشرق الأوسط» أن «تحقق تونس هذه السنة رقما قياسيا في تصدير (دقلة النور) باعتبار أنه بقي في الموسم شهران كاملان». ومما يعكس تزايد شهرة «دقلة النور» في الأسواق العالمية أن تونس لم تكن تصدر قبل نحو عشر سنوات سوى 30 ألف طن.

وتباع «دقلة النور» التونسية اليوم في 70 دولة في العالم مثلما أكد سمير بن سليمان لـ«الشرق الأوسط» وأضاف: «عدا الأسواق التقليدية مثل فرنسا وإسبانيا والمغرب وبلدان الخليج العربي، اقتحمت «دقلة النور» التونسية أسواقا جديدة مثل ماليزيا وإندونيسيا والهند والولايات المتحدة الأميركية وروسيا، حيث تحقق مبيعاتها ارتفاعا لافتا».

وقد استفادت تونس من تقدم شهر رمضان المعظم الذي أصبح يأتي قبل موسم الجني بأشهر لترفع من حصتها في التصدير باعتبار أنه أصبح لها تقاليد عريقة في التصدير وفي حفظ وخزن التمور لتحافظ على كامل نظارتها وفق ما أكده سمير بن سليمان.

أما على مستوى الاستهلاك الداخلي فإن الإقبال على التمور يتزايد في شهر رمضان وهو ما أكده صاحب محل مختص في بيع التمور في السوق المركزية بالعاصمة التونسية لـ«الشرق الأوسط» بقوله إن «70 في المائة من رقم معاملات المحل مع المستهلك التونسي تتم خلال شهر رمضان، أما بقية أشهر السنة فنتعامل مع الأجانب والسياح أو التونسيين الذين يبعثون بـ«الدقلة» لأقاربهم في الخارج أو يهدونها لأصدقاء أجانب».

من جهة أخرى، ومحاولة لمواكبة كل الأذواق تجري محاولات لتعليب الدقلة التونسية بطرق جديدة كبيعها من دون نواة في علب راقية أو استخدامها كمكون أساسي لبعض أصناف الحلويات التونسية سواء التقليدية أو الحديثة.