ساندرا بولوك لـ «الشرق الأوسط»: أنا فوق الأربعين ومصدومة لأنني مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى

عادت بعد غياب بفيلمين وخطة لإنتاج ثالث

لقطة من الفيلم إلى جانب ميليسا مكارثي
TT

بعد غيبة عامين، سنرى ساندرا بولوك في فيلمين هذا العام؛ أولهما بدأ عرضه في الحقيقة وهو كوميديا بوليسية من بطولتها إلى جانب ميليسا مكارثي. الثاني فيلم مختلف تماما بعنوان «جاذبية» تقع معظم أحداثه في الفضاء، وتؤدي فيه دور ملاحة تسبح في الفضاء غير قادرة، لا هي ولا شريكها جورج كلوني، على العودة إلى الأرض.

خلال هذين العامين التزمت البيت بسبب الطفل الذي تبنته والذي بات يشكل محورا جديدا في حياتها، لكنها ليست في وارد الاعتزال.. ليس من بعد أن حقق هذا الفيلم رواجا كبيرا حال بداية عرضه في صالات السينما الأميركية والأوروبية. أكثر من ذلك، يتم وضع الخطط لإطلاق جزء ثان محتمل (أمر لا تؤكده أو تنفيه بل تقول إنها لا تعرف عنه شيئا محددا). وفي المستقبل غير البعيد عودتها إلى الإنتاج بفيلم عنوانه «واحد من الفتيان» الذي ستقوم ببطولته أيضا.

ساندرا بولوك تبلغ الثامنة والأربعين من العمر، وكانت بدأت حياتها المهنية، التي تشمل حتى الآن 49 عملا، سنة 1987، وبعد أدوار سينمائية وتلفزيونية بدأت تلفت الأنظار بوصفها موهبة من نوع بديل لتلك التي تمتلكها ممثلات أخريات من جيلها (جوليا روبرتس) أو جيل سابق لها (ميريل ستريب)، فساندرا تجيد الدراما ومثلت منها عددا كبيرا مثل: «بينما كنت نائما» و«الشبكة» (كلاهما سنة 1995) و«28 يوما» (2000) و«صدام» (2004)، كما تبدع في الكوميديا تبعا لأفلام عديدة منها «اثنان بحرا» (1996) و«قوى الطبيعة» (1999) و«الآنسة ملاءمة» (2000) و«العرض» (2009).

إنها ملاحظة في مكانها: كيف أن نجاحاتها، تجاريا وبين النقاد، هي أعلى اليوم مما كانت عليه من قبل، وأنها في وضع قد يثير حسد ممثلات أخريات يجدن أنفسهن اليوم منسيات حتى وإن كن أصغر سنا مما هي عليه الآن.

الفيلم بحد ذاته، وفي أفضل حالاته، عمل هوليوودي يلبي رغبة قطاع كبير من المشاهدين خصوصا النساء من ناحية، والرجال الذين وقعوا في حب الممثلة منذ سنوات وصاحبوا أعمالها من مرحلة إلى أخرى.

* في «الحرارة» تؤدين دور امرأة تحب التنافس ولا تتحمل منافسة الغير لها.. هل هذا شيء تمارسينه في الحياة اليومية؟

- بصفتي ساندرا؛ نعم. أنا أحب التنافس، لكن مع نفسي، من باب أنني أحب، على ما أعتقد، أن أبذل كل ما في وسعي لإنجاح ما أقوم به. أتوقف وأتساءل إذا ما كنت بذلت كل ما في وسعي بالفعل.. هل أنا مقصرة؟ إذا وجدت أن الرد إيجابي شعرت بالرضا. لكني لا أتنافس والآخرين. لا أحب المنافسة. نحن في مهنة تتطلب صبرا وحنكة.. في مهنة قد نُرد فيها خائبين دائما.

* ساندرا بولوك تُرد خائبة؟

- هل تمزح؟ هذا هو الواقع. لكن حذار أن تأخذ ذلك الصد على نحو شخصي وإلا أصبت بالاكتئاب. هذه هي شروط المهنة التي نحن فيها. هنا تكمن الحيلة: كيف يمكن أن تقابل الرفض أو الصد بابتسامة حقيقية وبأقل قدر من الإحساس بالأسف. التمثيل هو مجرد عمل. هناك ما يحدث كما تريد، وما يحدث كما لا ترغب، وعليك أن تخرج نفسك من حالة الترقب والحسبان وتقول لنفسك: هناك أشياء أهم من أن يُرفض لي طلب.

* تقترح شخصيتك في هذا الفيلم أيضا اختلافا عن المعتاد لك في أفلام أخرى.. أنت هنا ما يصح اعتباره «مهارة شوارع» Street smart..

- أنت لم تسمعني أستخدم لغة سائقي الشاحنات بعد.. (ضحك).. بعض الناس سمعوني أفعل ذلك ولم يتحملوني. أعتقد أنني أحمل وجهين في شخصيتي.. لا تخف.. لا؛ أقصد أنني مصابة بانفصام ما. من ناحية منظمة وأحب جدولة كل شيء وأحب الوضوح في الحياة، ومن ناحية أخرى، لدي شيء من الشخصية التي ظهرت بها في هذا الفيلم، ولدي شيء من الشخصية التي مثلتها ميليسا مكارثي.

* أي جانب منها؟ كونها صادقة؟

- نعم. هذا ما أقصده. أحب الناس المخلصين والصادقين. يجذبني هؤلاء الناس الذين لا يتوانون عن قول الصدق حتى ولو شعرت بالأذى. أحب الناس الذين لا يخافون من تصحيح الخطأ والذين يسبحون ضد التيار. أعتقد أن ما يفعلونه كل يوم مذهل. كذلك أحب الشخص الذي لا تفرق معه كيف يفكر الآخرون فيه لأنه مختلف عنهم.

* هل توافقين على أن الممثلات فوق الأربعين باتت لديهم مساحة أكبر من الحضور في أفلام هوليوود في مقابل ما كانت عليه الحال حتى حين قريب؟

- أنا فوق الأربعين ومصدومة من أنني مطلوبة أكثر من أي وقت مضى. ولا أريد أن أبدو أنني مستاءة من ذلك. ليس على الإطلاق. لكن صنع هذا الفيلم لم يكن عملية سهلة. كانت هناك مثابرة في العمل من الكتابة إلى الشاشة وبعض التردد من قبل الإنتاج إلى أن بدا أنه بالإمكان تجربة فيلم نسائي يعرض في موسم الصيف، الذي عادة ما هو ملك للممثلين الرجال والممثلين الروبوتس، والمؤثرات الخاصة، والإنتاجات الضخمة. لكن نجاحات سابقة لمثل هذا الفيلم مهدت له. وشخصيا، كنت أبحث عن فيلم من هذا النوع ثنائي البطولة حتى من قبل أن أتسلم العرض بسنة أو ربما أكثر.

* لكنك بدأت الإنتاج منذ سنوات بعيدة، هل قيامك بالتمثيل في فيلم من إنتاج سواك يحمل أي تغيير في مهنتك؟

- لا. ما زلت أنتج، وأعتقد أنني سأبقى أنتج لأنني أحب ذلك، وهذا لا يعني أنني سأرفض عروضا جيدة إذا جاءت من منتجين آخرين. ما حدث معي هو أن الأفلام التي أحب إنتاجها هي الأفلام التي أحببت الأدوار النسائية فيها.

* لياقة بدنية

* من قراءة لائحة أعمالك، لاحظت أنك لم تنتجي شيئا في العامين الأخيرين..

- أنتجت طفلا خلال هذه المدة، وهذا يأخذ وقتي. لقد قررت أنه الأهم في حياتي الآن، وعليه، كان علي أن أتوقف عن العمل إذا ما كان سيأخذني بعيدا عن العناية به. نجاح «الحرارة» سيجعل مهمتي حين أعود للإنتاج أسهل مما كانت عليه.

* ما تاريخ هذا الفيلم إذن.. كيف وجد طريقه إليك؟

- قبل عامين سألتني منتجة صديقة عما أريد أن أقوم به، فقلت لها لا أريد شيئا الآن. لم تكن لدي الرغبة في العمل حينها. ردت قائلة: لكن لو كنت تريدين تحقيق مشروع معين أو تكليفي بالبحث عن مشروع معين، فما هو المشروع الذي قد تفكرين به؟ قلت لها: كوميديا من بطولة نسائية ثنائية. قالت: إن هذا ليس موجودا. الفكرة التي خطرت لي هو أن نبحث في السيناريوهات التي كتبت لبطولات رجالية ثنائية لعلنا نجد شيئا يمكن تحويله ليناسب امرأتين بدل رجلين. بعد عام بعثت لي تلك الصديقة بسيناريو لم يحمل عنوانا بل تعريفا يقول: «سيناريو غير معنون لفيلم بوليسي نسائي ثنائي». كنت أقلعت عن قراءة السيناريوهات حينها وكنت سعيدة بذلك. رغم هذا، فإنني قرأته ووجدت نفسي أضحك من أول السيناريو لآخره. وعلمت أن ميليسا كانت تقرأه أيضا. بعد أسبوعين تقريبا كنت في مدينة أتلانتا ومع ميليسا نقرأه من جديدة.. كان معنا المخرج بول فيغ. هكذا تبلور العمل، والاستوديو أخبرنا أن لدينا 45 يوما للتصوير وأن الميزانية محددة.

* قلت إن البداية كانت صعبة وربما بطيئة، لكن يبدو لي أن التنفيذ كان سريعا..

- قصدت أن المشروع كان يمر بقنوات ما قبل التصوير منذ فترة، وأعتقد أنه كانت هناك ريبة من إمكانية نجاحه. هذا ربما تغير حين وافقت وميليسا على بطولته. كل شيء سار سريعا بعد ذلك. بالكاد مُنحنا الوقت الكافي لكي ندرس تفاصيل الشخصيات أو نختار الملابس التي سنرتديها وكيف سنظهر على الشاشة.

* من الأمور التي تجذب الجمهور إليك لياقتك البدنية حين تؤدين أدوارا تتطلب منك جهدا بدنيا.. من الواضح أنه لولا تلك اللياقة لما كنت تستطيعين القيام بها. سؤالي هو إذا ما كان ذلك عائدا إلى تمارين رياضية أو لأسلوب الغذاء؟

- عائد إلى الغباء أساسا (ضحك)، لكني أنا رياضية منذ أن كنت صغيرة، ولو أنني أعتمد على جسدي أكثر مما ينبغي. أحيانا أشعر بأن بدني لا يستطيع أن يواكب ما أريد أن أقوم به، لكني أدفعه لذلك. أحب ذلك وأمارس الرياضة أربع أو خمس مرات في الأسبوع. إن لم أفعل شعرت بانزعاج شديد. إنها طريقة الحياة اليوم. أحب الطعام لكني آكل بمنهج مدروس. اللياقة البدنية تمنحني القدرة على أن أكون نشطة دائما، وهذا يجعلني أشعر بالراحة وبالمتعة ويمكنني من أن أجن قليلا حين أمثل.

* من أين تستقين معلوماتك حول تقنيات العمل البوليسي؟

- جارتي تعمل في «إيه تي إف (وكالة الكحول والتنباك والأسلحة النارية ومهمتها مراقبة التجارة غير القانونية)»، وهي تعمل مدربة لشرطة هذه الوكالة، وكثيرا ما أعود للبيت فأجد في حديقتي بقايا التدريب.. خرطوش فارغ، متفجرات (تضحك). وهناك شرطي أعمل معه عن كثب ويلقنني المعلومات التي أحتاج إليها. لذلك في كل مرة أريد فيها تنفيذ مشهد قتال أو سلاح ناري أستشيرهما.

* المعروف أن الكوميديا «لا تسافر جيدا» كما يقولون.. ومن الصعب التأكد من أن الفكاهة الأميركية تنجح في فرنسا أو في الهند أو سواهما.. هل تعتقدين أن هذا الفيلم يملك علاجا سحريا لهذه الحالة؟

- أعتقد أن حظوظه من النجاح عالميا أفضل من سواه. أنت على حق، الكوميديا لا تسافر سريعا، لكنني أعتقد أن عملية تسويق هذا الفيلم ستزيل أي صعوبات. المخرج عمل جاهدا على هذا الفيلم، والنتيجة رائعة.

* كان من المفترض عرض هذا الفيلم قبل بضعة أشهر.. أليس كذلك؟ أعتقد أن الشركة الموزعة (فوكس) أجلته.. هل تعرفين السبب؟

- ما أعرفه أن السبب لصالح الفيلم.. إنه سبب تسويقي، ومثل هؤلاء المديرين المسؤولين عن شؤون التوزيع والتسويق يعرفون أكثر منا جميعا ما يقومون به. لم أطلع على أسباب أخرى غير ذلك، ولا أعتقد أنه كانت هناك أسباب أخرى.

* حقق الفيلم نجاحا جيدا وميزانيته ليست مرهقة..

- هذا هو الرائع في مثل هذا الفيلم. أقصد أنه فيلم معقول يناسب الصيف، ومختلف عن الأفلام الأخرى، وليس عليه أن يجلب 150 مليون دولار في أسبوعه الأول لأن تكلفته تجاوزت المائتي مليون دولار. سعدت طبعا لنجاحه، لأن تفكيري هو: كم هو رائع أن تصبح المشاهدات جزءا من النجاح التجاري خصوصا في موسم الصيف. هذا حقا منعش، لأنه من الجميل أن تكون هناك أفلام لكل المشاهدين في كل الأوقات.. أليس كذلك؟