الطلبة العرب في الجامعات الهندية يجدون في تقارب العادات متنفسا في رمضان

يعدون بالآلاف من الدول العربية مثل السودان وعمان وسوريا والعراق وإيران ومصر والسعودية

لقطة للطلبة العرب في إحدى الجامعات الهندية أثناء موعد الإفطار في الشهر الفضيل («الشرق الأوسط»)
TT

بن حماد، طالب من اليمن انتقل إلى الهند الشهر الماضي لاستكمال دراسته في جامعة دلهي، ويمضي أول رمضان له بعيدا عن وطنه. إلى جانب الروحانيات العالية التي يتسم بها الشهر الكريم، أبدى بن حماد إعجابا كبيرا بحياة الليل في دلهي القديمة خلال شهر رمضان، التي كانت تجربة فريدة بالنسبة لقضائه الشهر بمفرده. ويقول حماد، الذي يستغل الشهر لحضور حلقات العلم الرمضانية في المساجد: «إنها مدينة مختلفة تماما، فالمتاجر تفتح حتى وقت متأخر من الليل، وبمقدور المرء تذوق الأغذية من المطاعم الصغيرة المنتشرة حول مسجد جاما الذي بني في القرن السابع عشر، بينما أتطلع إلى الصلاة في المسجد التاريخي».

مع حضور الآلاف من الطلبة من الدول العربية مثل السودان وعمان وسوريا والعراق وإيران ومصر والسعودية كل عام للدراسة في الجامعات الهندية، لا يشكل رمضان في الهند اختلافا من ناحية التقاليد والطعام عن بلدانهم الأصلية.

يفد عدد كبير من الطلبة الأجانب في جامعة الملة الإسلامية وجامعة جواهر لال نهرو في دلهي. وتقدم غالبية الجامعات الهندية التي تستقبل طلبة الشرق الأوسط وجبات الإفطار في أماكن إقامة الطلبة.

تتحول المقاصف خلال رمضان في أماكن إقامة هؤلاء الطلبة في كلتا الجامعتين إلى محور نشاط ومكان للتفاعل بين الطلبة من دول وثقافات مختلفة.

فيقول حفيظ الله سعدات، طالب في جامعة جواهر لال نهرو: «نقوم بتحصيل 500 روبية من كل فرد لشراء طعام الإفطار. ويقوم الطلبة بتنظيم موائد الإفطار، سواء الطلبة المحليون أو الهنود، ونقوم بدعوة البعض لتناول الإفطار معنا». أما في جامعة آميني نويدا فتقدم وجبات الإفطار في الساعة 6:43 مساء.

يتجمع الطلبة حول مائدة وتتكون كل مجموعة من اثنين أو ثلاثة، تسودها أجواء المرح وهم يتبادلون النكات ولكز بعضهم بعضا أثناء تقطيع الجوافة والرمان. وخلال تناول الفاكهة يقوم العاملون في مطبخ الجامعة بإعداد الوجبات للطلاب الصائمين.

وتقول شيخة الشاعر ومجموعة من أصدقائها: «ينبغي على الجميع عمل الخير خلال الشهر، ونحن نسهم بالبعض كل عام حيث نقوم بشراء ملابس جديدة للأفراد الذين ينامون في محطات السكك الحديدية أو المراحيض. ونقوم في أحد ليالي رمضان بالتجول في المدينة وتوزيع الهدايا على المحتاجين».

في رمضان الماضي كانت أسماء الكاري ومكوناته تسبب ارتباكا للطالبة هيا، مصرية تدرس في جامعة ميلايا الإسلامية، لكنها تقوم بانتظام الآن بطهي دجاج البرياني مع صديقاتها لطعام الإفطار.

وقالت هيا: «والدتي طلبت مني أن أرتدي ملابس محتشمة خلال رمضان وتتصل بي يوميا لتتأكد من أنني أصلي وأقوم بالأعمال الخيرية الأخرى».

أما الطالب اليمني فواز الناشف فيصف طبق رمضان ساتاه (المصنوع من الخبز المنقوع في مرق اللحم) أو مهالادياه (طبق الحلوي) بأنها تشكل ضرورة بالنسبة لهم في وجبة الصباح. وتنتهي كل سهرة من سهراتهم بكوب من الحليب الذي يعلوه العسل والتمر.

الإفطار بالنسبة لهؤلاء الطلبة لا يتعلق بالإفطار بقدر ما هو التجمع سويا، فكل طالب يستضيف أربعة أو خمسة ضيوف، بغض النظر عن ديانتهم أو جنسيتهم خلال وجبة الإفطار.

ويتطلع الكثير من أصدقائهم غير المسلمين إلى أطعمة رمضان الشهية. وبالنسبة للطلبة الذين يطهون في المنزل، تعد الأطعمة الساخنة الأكثر تفضيلا، كالطبق المصنوع من شرائح الخبز واللبن المتخثر والفلفل الأخضر الذي يدعى شافوت. وبالنسبة للآخرين تعد تلك رحلة إلزامية لدلهي القديمة لتناول للبرياني والكباب اللذين يضيفان إلى الحالة الاحتفالية، بحسب حسين جاسم المطلك، طالب عراقي يدرس الدكتوراه.

أما نجوى، الطالبة اللبنانية التي تدرس في جامعة أوسمانيا في حيدر آباد، فكانت في عجلة للرحيل إلى حيدر آباد لزيارة ابنة عمها في دلهي للبقاء عندها طوال رمضان.

وقالت نجوى: «نظرا لارتفاع عدد السكان المسلمين في حيدر آباد تشبه أجواء رمضان نفس الروح في الدول العربية. فعندما أزور منزل أي من المسلمين أستقبل بالتمر والقهوة العربية تماما كما يحدث في بلدي».

وترى نجوى أن أطباق الشوربة أو الشرمال لا تقاوم في حيدر آباد. فتقول: «الإفطار والغداء أو العشاء، لا يمكن لمنطقة تشارمينار أن تفشل في مفاجأتك بأطباقها الشهية».

أما زميلتها أحمس من مصر، التي تعشق الطعام، فقالت إنها تعشق التسوق في شهر رمضان لشراء أساور حيدر آباد وفساتين أناركلي لها ولأخواتها كهدايا عيد، وشراء المأكولات العربية واللبنانية. وتقول: «خلال شهر رمضان نقوم بزيارة مطعم عربي صغير أنشأه طالب سوداني في مرأب بالقرب من منطقة الجامعة، وهو يشكل محورا رئيسا للطلاب العرب، وفي غير شهر رمضان يصبح مكانا للصلاة مشتركا ونقوم بجمع أموال الزكاة لشراء الملابس والأحذية لتوزيعها على الفقراء وسط مدينة حيدر آباد».

وتغلق المطاعم التي يملكها المسلمون في حيدر آباد أبوابها في رمضان. ولا تفتح أبوابها إلا بعد المغرب، حيث يستقبلون مجموعات كبيرة من العملاء الذين يتطلعون إلى وجبات رمضانية خاصة.

ويقول الطالب الإيراني محمد نوران إنه يفتقد بداية يومه الأول في الشهر جرعة دسمة من الحليب، ويقول: «لا يتوافر الحليب إلا في شهر رمضان، لكننا نتناوله في بلادنا كل صباح مع وجبة الإفطار. إنه شهي لدرجة أنني آكل أكثر من طاقتي».