بئر الحصينية.. تراث تجاري يعود تاريخه إلى 300 عام

هيئة السياحة السعودية ترصد 500 ألف ريال لتطويرها وتأهيلها

بناء البئر يعود إلى 300 عام فقد كانت القوافل التجارية تمر بها وكانت موردا مهما للبادية
TT

في الشمال الشرقي لمنطقة نجران، وعلى الطريق المؤدي إلى منطقة الرياض بمسافة عن المنطقة تقدر بـ50 كيلومترا؛ تجد بئرا تقف شامخة رغم عوامل التعرية، تلك هي بئر الحصينية التي كانت فيما مضى مصدر المياه الوحيد لقاطنيها القدامى وللقوافل أثناء رحلاتهم بين اليمن ونجد والحجاز أحيانا، وغيرها من البلدان الأخرى.

وبادرت هيئة السياحة السعودية لضم هذه البئر لتكون ضمن المآثر التاريخية؛ لاكتسابها أهمية كبيرة قديما، وما زالت، إذ كشف المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار في نجران، صالح بن محمد آل مريح، لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتماد مشروع تطوير وتأهيل بئر الحصينية الأثرية بقيمة نصف مليون ريال، مشيرا إلى أن تاريخ بناء البئر يعود إلى 300 عام، فقد كانت القوافل التجارية تمر بها، وكانت موردا مهما للبادية بما يعرف بقلمة الحصينية، ما أكسبها أهمية تاريخية.

وقال صالح آل مريح إن البئر تقع على ضفة وادي حبونا، وهي عبارة عن بئر قديمة عمقها تقريبا 70 مترا مطوية بالحجر، وما زال يوجد بقعرها قليل من الماء، وتوجد بالقرب منها غرفتان مبنيتان من الخرسانة، كما كان يوجد بها مضخة مغطاة بالحديد تعرضت للعبث بعد انهيار السور الذي كان يحيط بها بشكل مستطيل على مساحة 2480 مترا مربعا جراء السيول.

وبين آل مريح أنه سيتم إدراج بئر الحصينية ضمن الأماكن السياحية المهمة في المنطقة، والتي سيكون لها مشروع تهيئة، علما بأنه تم توصيل طريق إسفلتي إلى الجهة الأمامية للبوابة الرئيسية الخاصة بالموقع من قبل أمانة منطقة نجران، ممثلة في بلدية الحصينية، إضافة إلى عدد من المشاريع المهمة التي تدعم السياحة بالمنطقة.

وأضاف صالح مريح أنه يجري العمل حاليا على تهيئة آبار حمى الأثرية التي يوجد بها أكثر من 138 موقعا أثريا تميزت بالنقوش والكتابات والرسومات الصخرية على جبالها.

وقال آل مريح إن الهيئة العامة للسياحة والآثار تقوم بعمل لوحات إرشادية وأرصفة وجلسات خرسانية وتسوير بعض المواقع، كما سيتم عمل مسار سياحي يقوم بتغطية جميع المواقع.

وعن فتح المجال للاستثمار في آبار حمى، قال المدير التنفيذي للهيئة العامة للسياحة والآثار في نجران، إن لجنة التنمية السياحية في محافظة ثار سترفع للهيئة الفرص الاستثمارية، وستتم الموافقة على ما يتناسب مع توجه الهيئة.

وقال إن تكوين وطبوغرافية المنطقة يوحيان للزائر بأنه داخل محمية ثقافية طبيعية، حيث إن الهيئة حريصة على الرقي بتطوير المنطقة وتأهيلها سياحيا من خلال مشاريعها المنفذة والجاري تنفيذها، ما جعل هذه الجهود محل تقدير المجتمع والمسؤولين في المنطقة.

إلا أن اللافت في منطقة الحصينية، التي تضم البئر التي أخذت التسمية منها، أنها تعاني نقص المياه، خاصة مياه الشرب، إلا أنها ومع المشاريع التي تعيشها البلاد تم إدراجها ضمن خطط الدولة لإيصال كامل الخدمات لها.

وتحتضن الحصينية نحو 10 آلاف نسمة يعمل معظمهم في قطاع الدولة، والبقية يعملون في مجال الزراعة والتجارة وتربية المواشي، وأغلبهم من البادية الرحل الذين يتبعون أماكن الرعي وتجمع المياه والأمطار برفقة قطعانهم المكونة من الإبل والأغنام التي تعتبر مصادر الرزق الوحيدة لهم، باستثناء بعض التبادل التجاري البسيط للسلع مع سكان منطقة نجران الذين كانوا يشتغلون بالزراعة والصناعة.

يذكر أن الهيئة العامة للسياحة والآثار أخذت على عاتقها تذليل العقبات أمام انطلاق صناعة السياحة في السعودية، خاصة تلك العقبات والتحديات التي واجهتها الهيئة في بداية انطلاقها، حيث مثل تداخل الصلاحيات والتخصصات التي تتعلق بالسياحة والقطاعات الرديفة عقبة أمام أخذ المبادرة في العمل، فكان لا بد من السير بخطى ثابتة وأسس علمية للتمكن من إعادة هيكلة تلك الصناعة، ورسم منهجيتها، وتوحيد خططها في جميع مناطق المملكة بما يوافق طبيعتها وخصائصها.

ومن منطلق التأسيس لمنهج علمي في العمل للنهوض بتنمية سياحة مستدامة وفق أحدث النظم والهياكل والاستراتيجيات، أنشأت الهيئة «مشروع تنمية السياحة الوطنية» ليكون أول الثمار التي تجسد ذلك النهج الذي ارتضته لنفسها، وهو المنهج العلمي والعملي والكفاءة لإنجاز أهدافها.

وقد استهدف هذا المشروع تنمية السياحة في المملكة بشكل مستدام يدعم المجتمعات المحلية، ويوفر فرصا للعمل، ويحافظ على البيئة؛ وذلك من خلال عمل تكاملي بالشراكة مع جميع الأطراف على مدى 20 عاما وعلى عدة مراحل، منها: وضع برنامج عمل ينفذ توصيات الاستراتيجية العامة، ويحدث نقلة نوعية شاملة تبدأ بهيكلة الأنظمة السياحية خلال سنوات خمس.. وتحقيقا لهذا الهدف تم إطلاق عدد كبير من المبادرات الأساسية بالتناغم مع خطط التنمية الوطنية الشاملة، وتوجهات الدولة نحو الإصلاح الاقتصادي والإداري والسياسي، وجرى ذلك كله بالتعاون مع جميع الشركاء، وعبر المئات من حلقات النقاش والاجتماعات والزيارات المتبادلة.