رمضان مليء بالنفحات

الأحمدي أبو النور

TT

رمضان الشهر الكريم ملئ بالنفحات التي تتيح للإنسان إعادة بناء نفسه من جديد، وهو ما تحتاجه الأمة في ظروفها الصعبة، فرمضان فرصة ذهبية للتصالح بين المتخاصمين والتغاضي عن أسباب الخلاف مهما كانت. وتقاليدنا الأصيلة عندما نجتمع سويا في دور العبادة تعطي جوا روحيا ومذاقا خاصا لهذا الشهر عن سائر الشهور، لذا فإنه فرصة ذهبية للتصالح بين المتخاصمين والتغاضي عن أسباب الخلاف مهما كانت.

وتدربت منذ صغري على الوعظ والإرشاد، حيث كان والدي يعمل في مجال الوعظ والإرشاد، وتعلقت بالمسجد الأحمدي الذي أكملت دراستي فيه في مدينة طنطا في محافظة الغربية (غرب القاهرة)، وأحببت شيخ المعهد في ذلك الوقت الشيخ محمد الأحمدي ومن هنا جاءت تسميتي.

وعلمني والدي منذ طفولتي أن رمضان هو شهر التطبيق العملي لما شرعت له هذه ادة. وكنت أذهب معه إلى حلقات الدروس بعد صلاة العصر وفي منتصف صلاة التراويح كل يوم خلال شهر رمضان. كما كنت أحرص على صلاة التهجد وأنا في سن صغيرة.

وأتذكر أن جميع الجيران كانوا يخرجون لصلاة الفجر في رمضان بشكل لافت للنظر، وكنت أندهش وقتها وأنا صغير، كيف يخرج الناس هكذا و«نحن لسه في نص الليل» من وجهة نظري. وعندما كنت أسال والدي كان يجيب على أنها «صلاة فجر رمضان». وتعودت بعدها أن أداوم على صلاة الفجر منذ صغري.

فرمضان هو الشهر الذي يمكن أن نعتبره الفترة التدريبية للتطبيق العملي لمنهج القرآن في التقوى، ولا يصح للإنسان المسلم أن يخرق حرمة رمضان بالغيبة والنميمة والتعدي على الآخرين، فإننا جميعا أسرة واحدة، وبهذا التصوير الجميل يرتبط الخلق الكريم بالصوم ارتباطا عضويا، فإن الصوم وقاء من كل شر وفاحشة ومنكر، ولأنه تجربة يخوضها الصائم مع نفسه، ويتعامل بها مع ربه.

وأذكر أنني عندما عينت (كان ذلك في سوهاج بصعيد مصر عام 1957) مدرسا في المعهد الديني الثانوي وصادف أنني وزميل لي أردنا أن نسكن معا فوقع اختيارنا على شقة في عقار صاحبه مسيحي وبمجرد معرفتهم بأننا أزهريون رحبوا بنا ترحيبا غير عادي، وكان ذلك في شهر رمضان، وأتذكر كيف كانت أسرة صاحب العقار تجهز لنا الإفطار خلال شهر رمضان.

* وزير الأوقاف الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر