الأكلات الحجازية.. سليلة ثقافات العالم

مزيج من بخارى والهند.. ودراسات بحثية لتوثيق عبورها

قائمة المأكولات هنا طويلة جدا وتضم أطباقا شعبية ومحبوبة مثل الفول والمعصوب والمطبق والسليق والمهروسة والمبشور
TT

عرفت الأكلات الرمضانية في مكة بأنها سليلة ثقافات متجانسة أتت من جميع أصقاع الأرض، وأطلت على جميع الدنيا عن طريق سفراء قدموا من جميع دول العالم لتأدية فرضي الحج والعمرة، وأجبرتهم الظروف المعيشية والسياسية نحو المكوث بمكة والمعيش بها.

قائمة المأكولات هنا طويلة جدا وتضم أطباقا شعبية ومحبوبة مثل الفول والمعصوب والمطبق والسليق والمهروسة والمبشور، والمقادم والسقط ومرقة الهوى، والدبيازة واللقيمات، والكباب الميرو، والكنافة والرز البخاري، والفرموزا والمنتو، وغيرها من الأكلات المتنوعة.

بدورها قالت نهى الصباغ، أخصائية تغذية لـ«الشرق الأوسط» إن الغذاء والثقافة والمجتمع هي البوتقة التي تنصهر في أكنافها جميع أنواع المأكولات الغذائية في العاصمة المقدسة، والتي يرجع أصول الأكل فيها تحديدا إلى قارة آسيا من الهند وبخارى وإندونيسيا، ومصر والشام والعراق. وتسهم القائمة في محاولة فهم أسرار غذائية منسية واستكشاف العلاقات المعقدة بين الطعام والثقافة، ومعرفة الأنماط الغذائية في العلوم الإنسانية، والعلوم الاجتماعية، وتوثيق التواريخ التي أتت فيها تلك المأكولات عن طريق مواسم الحج والعمرة.

وضربت الصباغ مثلا على أهمية دراسات متخصصة تعنى بوجهات النظر بين الثقافات في الأكل والسلوكيات، والنوع الاجتماعي والنظام الغذائي، ووصفات الأكلات الحجازية الأصيلة، والقائمة التي يبحث عنها عموم الحجاج والمعتمرين، ووجهات النظر الفلسفية والدينية على الطعام وقداسة المكان، والبناء الاجتماعي لممارسات الطهي، والمعتقدات والتقاليد، وانصهار تلك الثقافات والآيديولوجيا، والتحولات الغذائية، والمحددات النفسية والثقافية والاجتماعية في الأذواق، والقضايا المنهجية في الدراسات الغذائية التي يحتاجها الحاج والمعتمر، والعلاقات الثقافية المشتركة بين البلدان، والأمن الغذائي، ودراسة التاريخ المقارن الغذائي، والأبعاد الاجتماعية والثقافية من التكنولوجيات الغذائية، والاقتصاد السياسي للنظام الغذائي العالمي، ودراسات التربية الغذائية.

وأشار علي سمبو، صاحب مطعم للمأكولات الحجازية، إلى أن الأطعمة ترتبط ارتباطا وثيقا بالمكان وتعتبر مزجا ثقافيا يعبر عن أسلوب معيشتهم، وقد أعدت هذه الأطعمة لأجيال كثيرة غيروا تدريجيا من أنماطها مع مرور الوقت.

وقال سمبو إنه عندما جاء الناس إلى مكة عبر عشرات السنين، اكتشفوا أنهم لا يستطيعون دائما طهي الأطعمة المألوفة كما كانوا في أوطأنهم لأنهم في حاجة المكونات التي لم تكن متوفرة في مكة المكرمة، واضطروا إلى استخدام بدائل غذائية بالإضافة إلى ابتكار الكثير من الناس لوصفات جديدة على أساس تلك التقليدية باستخدام المكونات التي شملت المحاصيل التي تنمو في عموم السعودية، وقد وفرت الكثير من الطرق المختلفة لطهي وتحضير الأطعمة والتي أحبتها كثير من الأسر المكية نظير الترابط والسكن المجاور للمنازل.

وحول ذلك قال سمبو إن تلك المأكولات ما زالت تطل برأسها كسفيرة ممتازة للكثير من الأجناس والأطياف الذين وفدوا إلى مكة ومكثوا فيها.

محمد الكشميري، شيف أحد المطاعم المركزية في منطقة العزيزية، قال إن مواسم العمرة والحج سمحت بدعم تلك التحولات الغذائية الطبيعية وتحديد الأشياء الصالحة للأكل في المطبخ، وتكييف المواد الخام وولادة مبادئ توجيهية مكتوبة وشفوية لإضفاء الطابع المحلي على تقنيات الطبخ التي جميعها تنبع من الحجاز.