فوانيس رمضان في مصر أشكال وألوان

أقدمها «أبو شمعة» وأحدثها «الخشبي»

رغم ارتباط الفانوس بشهر رمضان فإن صناعته مستمرة طوال العام
TT

تتعدد أشكال وألوان فانوس رمضان هذا العام في مصر، ولا يزال الفانوس، رغم الضغوط الاقتصادية، هو سيد البهجة والفرحة بحلول الشهر الكريم. فعلى أنغام الأغنية الرمضانية «‏افرحوا يا بنات يلا وهيصوا رمضان أهو نور فوانيسه».. يضيء (المعلم) ياسر الشاذلي، كما يحلو أن يطلق عليه، أنوار فوانيسه التي يحرص على التفنن في ترتيبها كل عام وقبل حلول الشهر الكريم بـعدة أسابيع لبيعها للصغار والكبار.

يفتخر المصريون بأنهم أول من عرف فانوس رمضان، يؤكد هذا المعلم الشاذلي بابتسامة تعلو شفتيه، ويضيف: «الفانوس في مصر قديم من أيام الفاطميين».

ورغم ارتباط الفانوس بشهر رمضان، فإن صناعة الفوانيس مستمرة طوال العام، حيث يتفنن صناعها في ابتكار أشكال ونماذج مختلفة، وتخزينها ليتم عرضها للبيع في شهر رمضان الذي يعد موسم رواج لهذه الصناعة.

يقول المعلم الشاذلي، وهو صاحب محلات ومصانع «الشاذلي» لتجارة الفوانيس بحي المهندسين الراقي، ويعمل في هذه المهنة منذ 30 عاما: «إن مصنعه الواقع بحي (إمبابة) الشعبي، يعمل به عشرات العمال والفنيين لمدة 11 شهرا في العام بشكل متواصل، حتى يستطيع أن يقدم تشكيلة متنوعة لفوانيس رمضان كل عام، ترضي كل الأذواق كما تناسب قدرتهم الشرائية».

وعن أسعار الفوانيس، يقول الشاذلي إن أسعارها تزيد كل عام على سابقه بسبب ارتفاع أسعار الخامات بشكل عام، وإن أسعارها تبدأ من 20 جنيها وتصل حتى 500 جنيه للفوانيس كبيرة الحجم.

أما أنواع الفوانيس، فيذكر الشاذلي منها: (فانوس الشمعة) وهو الفانوس المصري القديم، والمصنوع من الصاج ومزخرف بالطريقة الإسلامية، وعادة يكون صغير الحجم، أما الكبير منه فيضاء عبر مصباح كهربائي يوضع بداخله. وفانوس آخر جديد يسمى (الرخامي)، ويصنع من حجر الرخام، ويوضع عادة من أجل الديكور كتحفة فنية داخل المنزل.

أما فانوس (الخيامية)، الذي يشهد إقبالا كثيفا في الأعوام الأخيرة، فهو عبارة عن فانوس صاج يتم كسوته بقماش مطبوع عليه زخارف ومنمنمات إسلامية ورسوم رمضانية، ومتوسط سعره بين 120 و150 جنيها. وبدا أن المصريين يحنون إلى العصور القديمة باقتناء مثل هذه النماذج بعد أن تراجع الإقبال على الفوانيس المستوردة من الصين التي تعمل عن طريق البطاريات، ويغلب عليها الطابع الآلي التقليدي.

وكذلك، هناك الفانوس (الخشبي)، والمصنوع من الخشب المصمم بزخرفة إسلامية بارزة، بالإضافة إلى ألعاب الأطفال من (سيارات وعرائس وحيوانات متنوعة)، صنعت خصيصا لشهر رمضان الكريم، حيث تغني بأغاني رمضان الشهيرة وتنشر إضاءة مبهرة في المكان.

ويؤكد الشاذلي أنه لوحظت زيادة الإقبال هذا العام على الفوانيس بشكل عام، حيث بدأ الأهالي يعودون لاستخدام الفوانيس مرة أخرى في الإضاءة مثل الأيام السابقة بدلا من التزيين فقط، بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي هذه الأيام في مصر، حيث يتم إضاءة المنزل عبر الفوانيس بالشمع أو بوضع كشاف كهربائي مشحون مسبقا داخله.

وعن توقيت بيع الفوانيس، يقول الشاذلي إن البيع يبدأ من منتصف شهر شعبان وحتى منتصف رمضان تقريبا، أما عملية البيع في النصف الأخير من رمضان فتكون عادة مرتبطة بطفل كسر فانوسه فيعاود الشراء مرة أخرى، أو شخص يجهز لحفل إفطار ما ويريد أن يهيئه بأجواء رمضانية، أو شخص عائد من السفر وكذلك السياح الذين يقضون الأيام الأخيرة من رمضان في مصر.

ويؤكد الشاذلي أن صناعة الفوانيس رائجة جدا في مصر وأنه يقوم بتصديرها إلى عدة دول عربية وأوروبية عدة.

وتعد مدينة القاهرة المصرية من أهم المدن الإسلامية التي تزدهر فيها صناعة الفوانيس، وهناك مناطق معينة مخصصة لذلك، مثل منطقة تحت الربع القريبة من حي الأزهر، والغورية، ومنطقة بركة الفيل بالسيدة زينب، وهي من أهم المناطق التي تخصصت في صناعة الفوانيس.

أما عن أصل الفانوس، فتقول كتب التراث إن الخليفة الفاطمي كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه ليضيئوا له الطريق، فكان كل طفل يحمل فانوسه ويقوم الأطفال معا بغناء بعض الأغاني الجميلة تعبيرا عن سعادتهم باستقبال شهر رمضان.

وهناك قصة أخرى عن أحد الخلفاء الفاطميين أنه أراد أن يضيء شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها عن طريق شموع توضع بداخلها، بينما تروي قصة ثالثة أنه خلال العصر الفاطمي، لم يكن يسمح للنساء بترك بيوتهن إلا في شهر رمضان وكان يسبقهن غلام يحمل فانوسا لتنبيه الرجال بوجود سيدة في الطريق لكي يبتعدوا، وبهذا الشكل كانت النساء تستمتعن بالخروج وفي نفس الوقت لا يراهن الرجال.