العادات الاجتماعية..

خالد عبد الله المشوح

TT

في شهر رمضان من كل عام تحديدا يكثر الحديث عن العادات الاجتماعية، انطلاقا من نظرة متباينة تجاه العادة ويتم صب سيل من التهم لعادات اجتماعية تتكرر في كل رمضان وعيد كالإسراف في التسوق والإسراف في الطعام وفي نهاية الشهر الإسراف في الاحتفال بالعيد! هذه النظرة إلى العادة بوصفها شيئا سلبيا يصعب الجزم بها إذ أن العادة في طبيعتها ومسارها الاجتماعي لا يمكن تحديد صلاحيتها بسهولة، فالشخص المنتقد للعادة إذا كان من نفس المجتمع فهو يمارس هذا السلوك في بيته دون شعور باقتراف خطأ وإنما كمسار اجتماعي ينبغي له التمشي معه، والدليل على ذلك أن العادات الاجتماعية متفاوتة فليست كلها سيئة على الإطلاق وليست حسنة أيضا فهناك عادات مثل أدب الحديث والطعام والتواصل خاضعة للمجتمع فلكل مجتمع عاداته التي يضبط فيها مسار الحياة التي يعيشها، ولكل مجتمع طبائعه التي يرى فيها التميز، وفي المقابل هناك عادات اجتماعية سيئة مثل العنصرية ولمخدرات والتسلط.

عبد الرحمن بن خلدون الفيلسوف ورائد علم الاجتماع يصف هيمنة العادات الاجتماعية على الطبيعة البشرية فيقول (إ ل ، الإنسان و ا ، الأحوال ، ل ).

وهذا بقدر ما يؤكد على هيمنة العادات الاجتماعية والتقاليد يبين مقدار الفصام الذي يمكن أن تحدثه ثورة التخلي عن العادات الاجتماعية بين الأجيال.

وإذا فهمنا مسألة العادات الاجتماعية في سياقها وتحليلها فلا يمكن لنا أن ننعتها بأنها عقبة عثرة للتقدم على الإطلاق ولا أنها صمام أمان للمجتمع، وإنما تحفزنا للعمل بجد واجتهاد لفهم هذه الظواهر والتعامل معها بمنطقية وعقلانية بعيدا عن مسألة التقديس المطلق لها أو الهجوم العنيف عليها.

ففي المجتمعات الحديثة غالبا ما ينظر إلى أن العادات الاجتماعية تشكل في نظر الشباب حجر عثرة للتقدم والنمو وذلك لكون الرؤية للعادة تأخذ مسارات مختلفة ومتنوعة كالقداسة الدينية مثلا، فذلك بلا شك يسهم في صعوبة نقاشها ناهيك عن تنحيتها، فالعادة بوصفها عادة اجتماعية هي نتاج ثقافة جمعية متعاقبة أورثت هذه العادة وفي حين تم فهم السياق الذي نشأت فيه هذه العادة أمكن فهم الكيفية التي يتم التعامل معها.

العادات الاجتماعية في الخليج العربي هي في غالبها إرث ثقافي منها ما يجب المحافظة عليه كميزة تمتاز بها هذه الشعوب كالضيافة واللباس وبعض الأخلاق الاجتماعية ومنها ما هو معيق للتقدم والتنمية مثل بعض العادات المتعلقة بالقبيلة والمرأة، تبقى عادات رمضان والعيد من العادات الاجتماعية التي ننتقدها ونمارسها بلذة متناهية مع عائلتنا الصغيرة، وستبقى العادات الاجتماعية أحد مسارات التكوين المجتمعي ومركز صراع الأجيال المتفاوتة في تقبلها لهذه الظواهر، لذا لا بد من تقبل إخضاعها للنقاش والطرح بعيدا عن تقزيم أي منتقد لها أو تعظيم أي مدافع عنها.