مكتبة الإسكندرية تحصل على جائزة «غولبنكيان» في لشبونة

إسماعيل سراج الدين: المكتبة مصرية الجذور دولية الأبعاد ذات رسالة إنسانية

إسماعيل سراج الدين بعد تسلم الجائزة التي فازت بها مكتبة الإسكندرية، يتوسط رئيس البرتغال السابق جورج سامبايو، ورئيس مؤسسة «كالوست غولبنكيان» سانتوس سيلفا في حديقة المؤسسة بلشبونة أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

تسلم إسماعيل سراج الدين رئيس مكتبة الإسكندرية المصرية مساء أول من أمس جائزة مؤسسة «كالوست غولبنكيان»، في لشبونة بالبرتغال. وقال سراج الدين لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الجائزة تمثل اعترافا دوليا بما أنجزته مكتبة الإسكندرية كمؤسسة ذات مكانة كبيرة في الثقافة العالمية. وأضاف في تصريحات على هامش حفل تسلم الجائزة بلشبونة أن المكتبة «هي مصرية الجذور دولية الأبعاد ذات رسالة إنسانية لذلك لها مجلس أمناء أكثر من نصفه من غير المصريين، وهو الذي يختار المدير». وأضاف أن «اختيار المكتبة للحصول على جائزة غولبنكيان، فيه تتويج لجهود قام بها الشباب المصري في بنائها، ويشرفني أن أكون المدير المؤسس لكن الفضل يعود في النهاية للعاملين في المكتبة لأنني بدأت بنحو 50 أو 60 شخصا والآن لنا نحو 2400 شخص يعملون في المكتبة الآن بعمل تواصل لنحو 9 سنوات».

ومن جهته قال الرئيس البرتغالي السابق جورج سامبايو رئيس لجنة تحكيم مؤسسة «كالوست غولبنكيان» إن المؤسسة اختارت مكتبة الإسكندرية لأنها تعد من أرقى المراكز المعرفية في العالم.

وقال سمبايو لـ«الشرق الأوسط» إن «مكتبة الإسكندرية تعد مرجعا ثقافيا لمنطقة المتوسط، وهي فريدة بما تملكه من وثائق ومخطوطات مصرية، وما حققته من إنجازات دولية، وللدور الذي تقدمه في المعرفة والعلم، وأنشطتها التي تخدم التسامح، والحوار بين الحضارات، وكذلك تميزها في المجال الرقمي».

وأوضح إسماعيل سراج الدين أن المكتبة تحتوي على مراكز بحثية ونحو 19 متحفا ومعرضا فنيا، وقبة سماوية وفيها مراكز للحاسوب ومكتبات متخصصة وقاعة مؤتمرات. وأضاف رئيس مكتبة الإسكندرية أنها «مؤسسة شاملة جامعة، وشرفت هذه المؤسسة أنها لم تكن حكرا على أي طرف سياسي حيث أقيمت في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الذي أطاحت به الثورة، واعترف بها ورحب بمجلس أمنائها الرئيس السابق المعزول محمد مرسي، لأنها مؤسسة قومية ولا تتأثر بهذا أو ذاك والأهم في تصوري هو أن شباب الثورة المصرية وقفوا مع المكتبة في لحظة فريدة من تاريخها». وشرح أن «الشبان الذين قاموا بالثورة ضد حسني مبارك رغم أنهم كانوا يعلمون جيدا أن المكتبة تتبع رئيس الجمهورية لأنها مستقلة عن كل المؤسسات الأخرى لها قانون خاص وهي مستقلة عن مؤسسات الحكومة».

وأشاد سراج الدين بموقف المصريين وقت الثورة في حماية المؤسسة. وقال: «شباب الثورة تشابكت أيديه وحمى المكتبة بجسمه، ثم لف المكتبة بالعلم المصري ومنذ بداية ثورة 25 يناير إلى الآن لم تلق حصاة واحدة على المكتبة رغم أنه ليس لها أسوار، وبابها من زجاج، وهي من المؤسسات القليلة التي تعمل بشكل عادي وتستقبل الباحثين والطلاب بصورة لم تتغير».

وعن نشاطات مكتبة الإسكندرية، قال إنها تضم مكتبة للطفل وللمكفوفين، ومراكز بحثية وتستقبل أكثر من مليون زائر في السنة، وتنظم نحو سبعمائة حدث ثقافي أي بمعدل اثنين إلى ثلاثة في اليوم.

وحول الجائزة المالية قال سراج الدين لـ«الشرق الأوسط» إنها «ستذهب للمكتبة التي تأسست سنة 2002». وحول علاقة المكتبة بالتغيرات السياسية التي قد تؤثر على الثقافة قال سراج الدين: «أنا كنت وما زلت متفائلا جدا بمصر ومستقبلها، ولي ثقة كبيرة جدا في الشباب، والمكتبة معترف بها بين أقرانها، فهناك 100 مكتبة من 70 دولة منها مكتبة الكونغرس والبرازيل ومكتبات من عدة دول والمكتبة القومية المصرية وكل هذه المكتبات انتخبت مكتبة الإسكندرية رئيسا في 2007 وبدأ بشراكة ندية مع مكتبة الكونغرس».

وذكر: «فرنسا منحتنا 500 ألف كتاب مما جعل مكتبتنا الرابعة من حيث الترتيب الفرانكفوني خارج فرنسا، وتم ذلك سنة 2009 وهذه الهدية لم تمنحها فرنسا لتونس أو الجزائر أو المغرب أو لبنان أو حتى المكتبة القومية وهذا له دلالة وفي هذا العام المكتبة الوطنية الفرنسية ستكرمنا في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».

وجائزة مؤسسة «كالوست غولبنكيان» تمنح سنويا لمؤسسة أو شخص يتم اختياره، وقيمتها المالية هذا العام 250 ألف يورو، واختيرت مكتبة الإسكندرية من بين 70 مرشحا. وتتكون لجنة تحكيمه التي يترأسها رئيس البرتغال السابق جورج سامبايو من فارتن جريغورين وهو رئيس تعاونية «كرنيغي» الأميركية، وبول بريست والأميرة ريم علي من الأردن وهي مؤسسة «معهد الأردن للإعلام» وأربعة أعضاء آخرين من دول أخرى.

وغالوست سركيس غولبنكيان هو أحد كبار تجار النفط والغاز وكان من محبي تجميع القطع الفنية واللوحات الفريدة من جميع أنحاء العالم، تألق اسمه في بداية القرن الماضي وهو ينتمي لعائلة ذات جذور أرمينية، انتهى به الترحال من تركيا إلى بريطانيا ثم فرنسا إلى لشبونة حيث كان ينوي أن تكون محطة ينتقل عبرها لتركيا، لكنه غير رأيه بعد أن أعجبه المستقر فيها وأقام مؤسسته التي ساعد من خلالها عدة مراكز بحثية علمية وثقافية، وترك فيها متحفا ضخما يحتوي على عدة أركان منها الركن الفارسي، والعثماني، والصيني، والإيطالي ولوحات فنية فريدة لعظماء الرسامين مثل مونييه، وقطع مجوهرات وأثاث نادرة، والذي أصبح قبلة السياح من جميع جهات العالم. وترك وصية بتخصيص جزء من استثماراته في مجال النفط والغاز لدعم المؤسسة والمراكز التي ترعاها.