بعد تنصيب الملك فيليب خلفا لوالده يصبح في بلجيكا ملكان وثلاث ملكات

احتفالات رسمية تعلن بداية عهد جديد

الملك فيليب والملكة ماتيلد وأبناؤهما
TT

من مراسم الوداع إلى الاحتفالات الرسمية عاشت بلجيكا أمس يوما تاريخيا، حيث ودع الشعب الملك ألبرت الثاني ملك بلجيكا، بعد أن أعلن تنازله عن العرش لابنه الأكبر الأمير فيليب. وتوافد الآلاف على القصر الملكي للاحتفال بالملك الجديد. وتنازل ألبرت عن العرش هو الثاني في أوروبا هذا العام، بعد أن تنازلت ملكة هولندا بياتريكس عن العرش في أبريل (نيسان) الماضي بعد حكم استمر 33 عاما. والملك ألبرت الثاني هو أول ملك في البلاد يتنازل عن العرش طواعية.

ووسط مراسم غلب عليها الطابع العاطفي، وقع الملك ألبرت وثيقة تخليه عن العرش، ليصبح ابنه الأكبر الأمير فيليب الملك السابع للبلاد. وقال ألبرت لوريثه «فيليب، أنت تمتلك جميع الملكات القلبية والعقلية لخدمة بلادنا بشكل جيد من خلال مسؤولياتك الجديدة.. أنت وزوجتك العزيزة ماتيلدا تتمتعان بكل ثقتنا».

وأثنى الملك المتنازل عن العرش على رئيس الوزراء البلجيكي إيليو دي روبو، كما شكر ألبرت زوجته الملكة باولا على دعمها له وبعث لها بـ«قبلة كبيرة». وبعد ذلك، عانق ألبرت نجله الأكبر، لتدمع أعين ماتيلدا تأثرا بالموقف.

وقال دي روبو للملك ألبرت «برأس مرفوع عاليا وواجب أنجزته على أكمل وجه، تطوى اليوم صفحة مهمة في تاريخ بلادنا».

وقام الملك فيليب (53 عاما) بأداء اليمين الدستورية أمام البرلمان باللغات الفرنسية والألمانية والهولندية، حيث أقسم على «احترام الدستور وقوانين الشعب البلجيكي والمحافظة على الاستقلال الوطني ووحدة الأراضي» ليصبح رأس الدولة الجديد. وأضاف الملك الجديد في خطابه الأول بصفته ملكا «ابدأ حكمي مع الرغبة في وضع نفسي في خدمة جميع البلجيك»، ووعد أيضا بـ«تكثيف الحوار» مع المواطنين البلجيك.

وجرى أداء اليمين بعد 182 عاما بالضبط على قسم ليوبولد الأول في 21 يوليو (تموز)1831. وأقيم الاحتفال في مجلس النواب، في حضور النواب وأعضاء مجلس الشيوخ مجتمعين.

وحضر الحفل أفراد العائلة المالكة خصوصا الملك السابق ألبير الثاني والملكة بولا والأبناء الأربعة للملك فيليب والملكة ماتيلدا وولية العهد الجديدة إليزابيث التي تبلغ الثانية عشرة من العمر. وكان فيليب وماتيلدا اجتازا مئات الأمتار التي تفصل بين القصر الملكي والبرلمان في سيارة مرسيدس 600 مكشوفة تحمل لوحة رقمها 1 مخصصة للملك البلجيكي، ملوحين لآلاف الأشخاص. وقد بدأ اليوم بعيد الساعة التاسعة بلحن «تي ديوم» في كاتدرائية سان ميشال وغودل في بروكسل في حضور العائلة المالكة بكامل أفرادها. وصفق مئات الأشخاص طويلا للملك ألبير الثاني وابنه فيليب اللذين كانا يرتديان الثياب الملكية، ولزوجتيهما بولا وماتيلدا. ثم اصطف الآلاف أمام القصر الملكي لتحية العائلة المالكة الجديدة من شرفة القصر.

وقال الطالب ماكسيميليان دو فوترز (24 عاما) الذي كان يضع على كتفيه العلم الوطني بألوانه الأسود والأصفر والأحمر «إنه فعلا عيد يجب ألا نتخلف عنه. إنه احتفال مثلث، هو صفحة جديدة للملكية».

والملك فيليب كان ابنا خجولا، وهي صفة التصقت به حتى الآن. ولم يكن نجيبا في دراساته لدى اليسوعيين في بروكسل ثم في معهد كاثوليكي مرموق في الفلاندر. وتابع في ما بعد تدريبا عسكريا، وحصل على شهادات طيار حربي ومظلي وكوماندوز قبل الالتحاق بجامعتي أكسفورد (بريطانيا) وستاندفورد (الولايات المتحدة)، لكنه ظل شابا انطوائيا يرتبك أمام الجمهور.

وفي 1999 عندما كان في التاسعة والثلاثين تزوج من شابة أرستقراطية بلجيكية تصغره بـ13 عاما وتتمتع بجاذبية أخاذة وهي ماتيلدا اويكيم اكوز التي أعطت لمسة بهية لملكية غالبا ما تعتبر مملة. وسيكون بإمكان الملك فيليب الاعتماد على الدعم الفاعل لماتيلدا لما تتمتع به من شعبية وكفاءة وجاذبية، وستصبح في الأربعين من عمرها أول ملكة من أصل بلجيكي في تاريخ البلاد.

أنجب فيليب وماتيلدا أربعة أولاد بينهم الأميرة إليزابيث المولودة في أكتوبر 2001 (تشرين الأول) والمفترض أن تصبح يوما أول ملكة لبلجيكا. وهي تحمل منذ الأمس لقب الأميرة ولية العهد.

ولفيليب شقيقة تدعى استريد التي تزوجت من الأرشيدوق لورنس في النمسا – ايستي، وهو من أسرة هابسبورغ، وشقيق يدعى لوران الملقب بـ«الولد الشقي» للعائلة الملكية. كما أن له أختا غير شقيقة تدعى دلفين وهي ابنة غير شرعية لألبير استبعدت عن العائلة الملكية.

وفي عام 1993 عندما توفي الملك بودوان عن 62 عاما من دون أن ينجب اعتقد البعض أن فيليب الذي أشرف على تربيته وكان في الثالثة والثلاثين سيخلفه. لكن الطبقة السياسية اعتبرت أن الشاب الذي كان أعزب «غير جاهز» وخلف والده ألبير بودوان على العرش.

ومنذ عشرين عاما واصل الأمير استعداداته، واكتسب بعض الثقة وترأس عشرات البعثات الاقتصادية عبر العالم، لكنه ما زال يفتقر للفطرة والعفوية وحتى الدبلوماسية. وهي صورة سعى القصر لتصحيحها عبر بث صور لفيليب «على سجيته» يلعب مع أولاده أو يستقبل الأميرة الصغيرة إليزابيث في مكتبه على طريقة جون كيندي.

وفي الفلاندر حيث يتنامى تيار استقلالي قوي يحتج على الملكية رمز وحدة البلاد برزت أشد الانتقادات. وعشية السبت لم تشهد العاصمة أي مظاهر حماسية معينة باستثناء «الحفل الراقص الوطني» الذي أقيم في قصر لافنون الجميلة في بروكسل وشارك فيه الملك ونجله مع زوجتيهما، ولم يدع أي من الملوك أو القادة الأجانب إلى الاحتفالات. والشخصية الوحيدة التي حضرت هي رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو.

يذكر أن بلجيكا حكمها ستة ملوك منذ إقامة الملكية في عام 1831. ومن الآن فصاعدا يمكن أن يكون لدى بلجيكا ثلاث ملكات بالزواج حيث إن باولا ستحتفظ باللقب الشرفي حتى بعد تنازل الملك ألبرت عن العرش مثلما احتفظت به الملكة فابيولا (85 عاما) منذ وفاة شقيق ألبرت الملك بودوان في عام 1993.

حقائق عن الملكية البلجيكية • الأميرة إليزابيث ولية العهد ستكون أول ملكة حاكمة عند توليها العرش، فلم يسمح القانون سابقا للأميرات بولاية العرش ولكن ذلك تغير في عام 1991 عندما تغير القانون.

• حسب القواعد المعمول بها يحمل الملك اللقب طوال حياته وكذلك الملكة، وبهذا سيصبح لبلجيكا ملكان وثلاث ملكات، فهناك الملك فيليب وزوجته الملكة ماتيلدا، والملك السابق ألبرت وزوجته باولا، ثم الملكة فابيولا أرملة الملك الراحل بودوان.