الدراما الخليجية بين تحديات الإنتاج وذائقة الجمهور

ندوة بالشارقة ناقشت لحظات صعودها وهبوطها

TT

أكدت ندوة بعنوان «الأعمال الدرامية بين تحديات الإنتاج وذائقة الجمهور»، نظمها مركز الشارقة الإعلامي ضمن فعاليات مجلسه الرمضاني، ضرورة تفعيل مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وأخذ دورها الحقيقي في تقديم أعمال تحاكي خصوصية البيئة الخليجية وثقافتها وتاريخها وعاداتها، خاصة في ظل تراجع الأعمال الدرامية الخليجية.

شارك في الندوة التي نظمها المركز في متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، كل من: الفنان محمد المنصور والفنان خالد العبيد من دولة الكويت، وأدارها إسماعيل عبد الله رئيس جمعية المسرحيين الأمين العام للهيئة العربية للمسرح. وحضر الندوة الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الإعلامي، والفنان الإماراتي أحمد الجسمي، والفنانة الإماراتية مريم سلطان، وعدد من ممثلي وسائل الإعلام المحلية والعربية.

ناقشت الندوة واقع الدراما الخليجية وما مرت به من مراحل انتقالية أثرت على مسارها، كما استعرضت تاريخ المسرح والدراما الخليجية وواقعها الحالي ومقومات الإنتاج وتأثير تضارب مصالح العرض والطلب على الأعمال الدرامية.

وأجمع المشاركون في الندوة على تراجع الأعمال الدرامية الخليجية مقارنة مع الفترات الماضية التي عاشت فيها عصرها الذهبي. وشددوا في هذا السياق على أهمية توافر المصداقية في الأعمال الفنية وتقدير الفنان وضرورة استعادة المحطات التلفزيونية أدوارها دون سيطرة المعلن ووضع معايير لاختيار الأعمال الفنية.

وتطرق الفنان الكويتي محمد المنصور إلى بداية التجربة الفنية الخليجية خلال فترة الستينات التي بدأت بمسرح الخليج متسمة بروح الشباب بما فيها من عطاء ومنافسة، مشيرا إلى أنه كان يتم تقديم نحو أربع مسرحيات دفعة واحدة في الموسم الواحد.

ولفت المنصور إلى حميمية العلاقة في السابق بين العمل الفني الخليجي وجمهوره، المبنية على التقدير وتبادل الاحترام والتواصل الوجداني وتعامل الدراما مع مختلف قضايا الشارع، مشيرا إلى أن الجمهور كان يبدي اقتراحاته وأفكاره، مما ساهم في تقدم الأعمال الفنية.

وأضاف الفنان الكويتي أن الدراما الخليجية في بداية السبعينات كانت منافسة واتسمت بالصدق والجرأة، كونها على قناعة بذكاء الجمهور ووعيه وحرصها على تقديم كل ما يرتقي إليه. وأكد المنصور ضرورة ملامسة الدراما للواقع الاجتماعي لكسب الجمهور وعدم المجاملة في العمل الفني، مشيرا إلى جذب الدراما غير العربية، كالتركية، للجمهور العربي، وذلك لما تقدمه تلك الدراما من مواضيع وأمور استولت على عقول الجمهور كالتعريف بحضارة وثقافة بلدانهم؛ مشيرا إلى أن المبالغ التي خصصتها تركيا لأعمالها الدرامية فاقت 600 مليون دولار، ساهمت في جذب الجماهير، وفاقت أرباحها 3 مليارات دولار.

واتفق معه الفنان الكويتي خالد العبيد على أن بدايات الدراما الخليجية التي اتسمت مراحلها الأولى بالقلق كانت قوية، وهي حاليا بحاجة إلى تأسيس قوي للحفاظ على عدم هبوط العمل الدرامي ليبقى له التأثير، مشددا على ضرورة تكامل فريق العمل الفني بكل أفراده. وتحدث العبيد عن باكورة الأعمال الدرامية الخليجية التي أسست للكثير من الأعمال وكانت ناجحة وبقيت خالدة في الأذهان. وشددت الندوة على ضرورة عدم المتاجرة بالأعمال الفنية على حساب المبادئ والقيم.

وهنا، قال الفنان المنصور إن الدراما الخليجية لها أساسيات ولها إسهاماتها، لافتا إلى ما لحق بالدراما الخليجية من تراجع نتيجة وجود المنتج المنفذ، في ضوء بحث المنتجين عن الأرخص أجرا عند المشاركة في الأعمال دون مراعاة القيم والمبادئ، مما يؤدي إلى تفكك العمل الدرامي. ولفت المنصور إلى عدم تقدير الفنان من قبل الكثير من المنتجين وإعطائه الأجر الذي يستحقه، مما يتسبب في إضعاف العمل الفني.

وأشار خالد العبيد إلى المزايدات والمحسوبيات في الأعمال الفنية التي قدر نسبة وجودها بـ100%، مما تؤدي إلى هبوط العمل، مؤكدا ضرورة تقديم عمل حقيقي مكتمل العناصر، ومشددا على ضرورة توافر كاتب النص الجيد في العمل الدرامي، وأن تكون منظومة العمل متكاملة للخروج بعمل قوي مستمد من الواقع وله تأثيره.

وطالب الفنان الإماراتي أحمد الجسمي نجوم الفن بعدم اللحاق بالمادة على حساب قيمة العمل وجودته، مشيرا إلى أن المعلن بات المسيطر في المحطات التلفزيونية وهو من يحدد الخريطة البرامجية، وباتت الإشكالية الحالية في انتشار الكم الهائل من الفضائيات، مما انعكست على تغير الأهداف.

وأكد أسامة سمرة، مدير مركز الشارقة الإعلامي، أن الدراما والمسرح جزآن من ثقافة الدولة، مما تتطلب دعما من حكوماتها للحفاظ على قيمة الأعمال المقدمة للجمهور، لافتا إلى الفترات الماضية التي شهدت فيها الدراما والمسرح الخليجي عصرا ذهبيا تكلل بدعم وتقدير جماهيري لها وحرصه على متابعتها باستمرار.

وفي هذا السياق، قال الفنان محمد المنصور: «لدينا مؤسسة كبيرة جدا هي (مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك) لمجلس التعاون الخليجي التي أصبح لها 3 عقود، ومن المفترض أن تنتج برامج وأعمالا تضاهي بها هوليوود، إلا أنها تفتقر إلى الإدارة الصحيحة وهي تخلت عن دورها».

وانتقد المنصور أصحاب القرار في «مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك» الذين وصفهم بأنهم ليس لديهم القرار، ورغم ما لدى هذه المؤسسة من أموال فإنه لا يتم استثمارها بشكل مدروس وفاعل.

وأضاف المنصور أنه «بينما يتم صرف مبالغ بالملايين في (مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك) على دراسة مشروع أو برنامج، في أثناء التنفيذ يصرفون الملاليم وهو ما أدى إلى تأخرنا»، مطالبا هذه المؤسسة بأن تقدم الأعمال التي تعكس العادات والتقاليد والتاريخ والجغرافيا لدول الخليج العربي ومكتنزاتها الثقافية والفنية المختلفة.