محبو الفنون في العالم قلقون على مصير اللوحات المسروقة

بعضها لفنانين عالميين مثل بيكاسو ومونيه وماتيس

لوحة «فتاة أمام نافذة مفتوحة» لغوغان
TT

في يوم تتساقط فيه الثلوج في شهر يناير (كانون الثاني)، قام رادو دوغارو، وهو يحتمي ومعه جهاز كومبيوتر في منزل والدته في قرية كاركاليو الرومانية النائية، بتحديد شروط الصفقة التي استعصت عليه لعدة أشهر، ولكنها بدت فجأة في المتناول الآن.

ومن خلال التواصل عبر موقع «فيس بوك» مع زميل له في العصابة التي قامت قبل ثلاثة أشهر بأكبر عملية سرقة فنية خلال عقود في مدينة روتردام، قال دوغارو إنه يريد «إنهاء العرض» ويبيع اللوحات المسروقة إلى ثري كان قد صرح من قبل بأنه على استعداد لشراء اللوحات.

وتصل قيمة هذه اللوحات، وهي لفنانين عالميين مثل بيكاسو ومونيه وماتيس وآخرين، لمئات الملايين من الدولارات، ولكن دوغارو لم يعرف قيمة هذه اللوحات وقال لشريكه، ميهاي ألكساندرو بيتو، إن المشتري سوف يدفع 400000 يورو (ما يعادل 531000 دولار)، واتفق على نقل اللوحات في اليوم التالي حتى تتم عملية البيع.

وقال دوغارو في حوار مسجل: «ما رأيك في هذا المشتري، إنه ممتاز، أليس كذلك؟ لم يكن مهتما بالأمس، ولكنه الآن لا يتوقف عن الاتصال بهاتفي».

وما لم يكن دوغارو يدركه هو أن المشتري سيرجي كوسما كان يتعاون مع مكتب المدعي العام الروماني، ويعتزم حضور اجتماع مع عميل يتنكر في شخصية خبير للفنون.

وقالت رالوكا بوتيا وهي من كبار ممثلي الادعاء في وحدة رومانية خاصة مسؤولة عن مكافحة الجريمة المنظمة ورئيسة قسم مطاردة لصوص الفن: «كنا على وشك إلقاء القبض عليهم متلبسين».

وبعد عدة ساعات، فشلت العملية عندما تلقى دوغارو تحذيرا بأن الشرطة تتنصت على هاتفه الجوال. واليوم، وبعد مرور ستة أشهر، لا يزال مصير اللوحات مجهولا، كما تسعى سلطات في رومانيا وهولندا، فضلا عن محبي الفنون في جميع أنحاء العالم، معرفة ما الذي حدث بالضبط لتلك اللوحات المسروقة من متحف كونستال روتردام.

هل احترقت هذه اللوحات؟ كما ادعت والدة دوغارو، أولغا، في عدة مرات. أم تم تهريبها بواسطة رجل طويل القامة في سيارة سوداء؟ كما ادعت في مرات أخرى. أم تم إخفاؤها، كما يعتقد كثيرون من أهالي قرية كاركاليو النائية، في مكان ما في إحدى المناطق الريفية برومانيا؟

وقالت بوتيا: «كمواطن من مواطني العالم، أريد أن أصدق أن اللوحات لا تزال موجودة، ولكن كمدعي عام أنا بحاجة إلى حقائق. أنا لا أعرف حتى الآن ما الذي حدث لها وما إذا كان قد تم تدميرها أم لا».

إن فشل عملية التنكر للحصول على اللوحات ترك عالم الفن في حالة من القلق البالغ على احتمال فقدان هذه اللوحات للأبد. ولا يعرف المحققون على وجه التحديد عدد اللوحات التي كان دوغارو يعتزم بيعها للعميل المتنكر في شخصية خبير فنون، ويشتبه في أنه كان يعتزم بيع أربع لوحات، كل منها مقابل 100000 يورو، ولكن على أي حال كان الحصول على أربع لوحات أفضل من عدم الحصول على أي شيء، كما هو الحال الآن.

وتم القبض على دوغارو ليلة الـ19 من يناير (كانون الثاني)، ومن المقرر أن تتم محاكمته في شهر أغسطس (آب). وقد اعترف دوغارو بسرقة اللوحات، ولكنه لم يعط معلومات كافية عن حالتها الآن، مشيرا إلى أنه يعمل لحساب شخص آخر صاحب نفوذ كبير، وسوف يقتله إذا ما أدلى بأي معلومات.

ومع ذلك، ترى بوتيا أن تصريحات دوغارو (29 عاما) ووالدته (50 عاما)، التي تم إلقاء القبض عليها في شهر مارس (آذار) الماضي، ليس له علاقة كبيرة بالحقيقة. وادعى دوغارو في بعض التصريحات أن عملية السرقة تمت من خلال مدير متحف كونستال بهدف مساعدة نجله المتورط في علاقة مع مومس رومانية، ولكن اتضح أن مدير المتحف سيدة وأن أبناءها صغار في السن، وهو ما يثبت عدم صحة أقواله تماما.

وقال محامي دوغارو، الذي يدعي رادو كاتالين دانكو، إنه قد ضغط على موكله حتى يفصح عن مكان اللوحات وهوية المتورطين في السرقة، ولكنه رفض الحديث تماما. وفي الوقت نفسه، كانت أقوال والدة دوغارو متناقضة تماما، حيث قالت بوتيا: «إنها تغير أقوالها باستمرار اعتمادا على رؤيتها لمصلحة نجلها».

الشيء الوحيد الذي يبدو واضحا هو أن هذه اللوحات قد وصلت بعد رحلة طويلة إلى قرية كاركاليو التي يسكنها بعض الناطقين بالروسية، الذين انشقوا عن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في القرن السابع عشر. وتربى دوغارو على يد والدته الناطقة بالروسية، بينما ظل والده معتقلا بسبب تورطه في أعمال غير قانونية. وتقول جدته البالغة من العمر 86 عاما، إن دوغارو «يصلي ويقرأ الكتاب المقدس»، قبل أن تضيف: «إنه رجل تقي للغاية».

ويقول السكان المحليون إن دوغارو دائما ما يذهب للصلاة في الكنيسة ولا يشرب الخمر ولا يدخن، ولكن أحد جيرانه، الذي رفض الكشف عن هويته خوفا من الانتقام، قال إن الشيء الوحيد الذي كان يهتم به دوغارو في الدين هو سرقة التماثيل من منازل القرية، مضيفا: «عندما يكون هنا، نعاني من مشكلات كثيرة، وعندما يذهب يخيم الهدوء على كل شيء».

* خدمة «نيويورك تايمز»