ماذا كان على الملكة إليزابيث الثانية أن تقول في حالة اندلاع حرب نووية؟

خطاب لم تتطلع عليه.. سيناريو نشر في وثيقة بريطانية سرية تعود لعام 1983

اشتدت وتيرة الحرب الباردة بشكل خاص عام 1983. حيث أثار الرئيس الأميركي آنذاك رونالد ريغان حفيظة الاتحاد السوفياتي بوصفه بـ«إمبراطورية الشر» ونشره صواريخ كروز أميركية في أوروبا
TT

من غير المرجح أن تكون الملكة إليزابيث الثانية اطلعت على نص خطاب كان عليها أن تلقيه على الشعب البريطاني معلنة فيه اندلاع الحرب العالمية الثالثة بين المنظومتين، الرأسمالية والشيوعية، بين حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة وتكتل أوروبا الشرقية بقيادة الاتحاد السوفياتي. ولكن الحرب هذه المرة ليس بين جنود مدججين بأسلحة تقليدية، يقول خطاب الملكة إنها حرب دمار شامل من خلال أسلحة نووية تحملها صواريخ بعيدة المدى تطلق من خلال الضغط على أزرار من غرف عمليات وغواصات نووية في أعالي المحيطات.

«تواجه بريطانيا القوة القاتلة لسوء استخدام التكنولوجيا»، هذا ما كانت الملكة إليزابيث الثانية تعتزم أن تقوله في حال إن تحولت الحرب الباردة بين المعسكرين إلى أخرى ساخنة، طبقا لوثيقة حكومية بريطانية من 320 صفحة حضرها خبراء في قضايا الدفاع والاستخبارات تحت اسم «وينتيكس سيمكس»، أفرج عنها أول من أمس الأرشيف الوطني البريطاني وتعود إلى عام 1983. وذلك ضمن القانون المعمول به في بريطانيا ويخص الإفراج عن وثائق حكومية تخص مداولات الحكومة قبل 30 عاما.

الوثيقة حضرتها الدوائر المختصة في بريطانيا كسيناريو حرب نووية في حالة وصلت الأمور بين الكتلتين الشرقية والغربية إلى غير رجعة. لحسن الحظ الوثيقة تحمل كلمة «تدريبات أو مناورات» وكان الهدف منها اختبار رد الفعل البريطاني في حالة اندلاع حرب نووية حقيقية. وفيها كان على الملكة أن تصف ما يجري على أنه «جنون حقيقي». وكان مطلوب منها أن تستعيد من خلال الخطاب الروح المعنوية التي تحلى بها الشعب البريطاني خلال الحربين العالميتين السابقتين، أي في العقد الثاني والعقد الخامس من القرن العشرين.

وكانت ستقول أيضا: «نعلم جميعا أن الأخطار التي تواجهنا اليوم هي أكبر من أي وقت سبق في تاريخنا الطويل.. فالعدو ليس الجندي ببندقيته أو حتى الطيار الذي يطوف بالسماء فوق مدننا وبلداننا، ولكن القوة المميتة لسوء استخدام التكنولوجيا».

واشتدت وتيرة الحرب الباردة بشكل خاص عام 1983، حيث أثار الرئيس الأميركي آنذاك رونالد ريجان، حفيظة الاتحاد السوفياتي بوصفه بـ«إمبراطورية الشر» ونشره صورايخ كروز أميركية في أوروبا.

وتفاقمت التوترات عندما أسقط الاتحاد السوفياتي طائرة ركاب كورية جنوبية مما أسفر عن مقتل 269 شخصا، ووصف ذلك بأنه «استفزاز أميركي».

طبعا سيناريو الحرب، كما تبين الوثيقة، تعامل مع جميع الاحتمالات التي ستواجهها بريطانيا في حالة اندلاع الحرب. وكتب الخبراء مقالات نسبوها إلى صحف بريطانية بتوجهات سياسية وآيديولوجية مختلفة. الهدف من ذلك هو معرفة رد فعل الشعب البريطاني من خلال ما تعكسه هذه الصحف في عنوانينها الرئيسة ومقالاتها الافتتاحية.

وفي الخطاب تبدأ الملكة بالتحدث عن خطابها الأخير الذي ألقته قبل أشهر، أي خلال فترة أعياد الميلاد. «ويلات الحرب كانت بعيدة كل البعد عني وعن عائلتي عندما احتفلنا سويا في عيد الميلاد». وأضافت: «على بلدنا الشجاع أن يحضر نفسه مرة ثانية وينجو ثانية بالرغم مما يواجهه من خطر». وفي الخطاب تتذكر الملكة كيف كانت تجلس مع شقيقتها الراحلة مارغريت عندما ألقى والدها خطابه الشهير عام 1939 الذي أعلن فيه دخول بريطانيا الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا النازية. «لم أتخيل ولو لثانية واحدة أن هذه المسؤولية البشعة ستقع يوما على عاتقي»، قالت الملكة في خطابها الذي لم تلقيه ولم تتطلع عليه. وفي محاولة منها التذكير بالقيم العائلية التي تعتقدها مهمة جدا في هذه الظروف، تكلمت الملكة عن ابنها الوسط الأمير آندرو الذي كان يخدم مع القوات المسلحة في جزر الفولكلاند، بسبب اندلاع الحرب بين بريطانيا والأرجنتين حول ملكية الأرخبيل.

كما تبين وثائق أخرى تتناول نفس الموضوع أن الحكومة اختلفت مع الرابطة الطبية البريطانية حول حجم الإصابات من جراء الحرب النووية. الرابطة قدرت الإصابات البريطانية بـ33 مليون إصابة، أي أكثر من نصف الشعب البريطاني. وتبين الوثيقة أيضا التحضيرات الحكومية في حالة الحرب وبغض النظر عن رئيس أو رئيسة الوزراء بعد إجراء الانتخابات العامة. وفي كلتا الحالتين فإن مقر رئيس الوزراء سيكون مجهزا من أجل الإيعاز إلى القوات المعنية بالبدء بإطلاق الصواريخ النووية. كما على رئيس الوزراء أن يطلب من وزرائه التوجه إلى مناطق بريطانية مختلفة في بريطانية وتشكيل لجان حكومية في حالة تم تدمير لندن وقتل رئيس الوزراء.