زيادة في عدد الأمهات البديلات الهنديات

أصبحت الهند الوجهة المفضلة للأزواج الغربيين الذين يتطلعون لوسيلة منخفضة التكاليف

TT

عندما سلمت كومال كابور، البالغة من العمر 24 عاما، التوأم الذي أنجبته للتو إلى زوجين أميركيين زائرين الشهر الماضي، ذكرت أنه خالجها «شعور أقرب إلى الحزن». إلا أن هذا الشعور لم يدم سوى بضع دقائق فقط.

تسترجع كابور، وهي أم بديلة تعيش في أحد أحياء العاصمة الهندية نيودلهي الفقيرة، قائلة: «ظللت أقول لنفسي: إنهما ليسا طفلي. إنهما ليسا طفلي». وبعد إنجاب الطفلين اللذين وصفتهما بأنهما «رضيعان آية في الجمال بشرتهما فاتحة وشعرهما أسود» للزوجين، وقعت على وثيقة تتنازل فيها عن كل الحقوق للأطفال مقابل مبلغ يزيد بقليل على ثمانية آلاف دولار - وهو ما يزيد بمقدار 12 مرة على مكاسبها السنوية من عملها كخياطة ملابس. تقول: «سوف أوظف هذا المبلغ في تأمين مستقبل ابنتي».

ظهرت الهند، وهي دولة يربو عدد سكانها على 1.2 مليار نسمة، بوصفها الوجهة المفضلة لعدد متزايد من الأزواج من مختلف أنحاء العالم ممن يتطلعون إلى وسيلة منخفضة التكلفة وخالية من المتاعب ليصبحوا آباء. غير أن تقريرا ممولا من الحكومة نشر هذا الشهر كشف عن أنه في ظل غياب القوانين، يجتذب بعض الوكلاء معدومي الضمير الفقراء والنساء غير المتعلمات إلى التوقيع على عقود الحمل البديل التي لا يفهمونها بشكل كامل.

في الوقت الذي لا يتوفر فيه سوى بضع إحصاءات قليلة عن قطاع الحمل البديل، فقد أصبحت الهند مركزا للسياحة الطبية نظرا لتوفر التكنولوجيا المتقدمة والعدد الضخم من متخصصي الطب والتكاليف المنخفضة نسبيا.

«كل هذا، جنبا إلى جنب مع العدد الهائل من النساء الفقيرات والافتقار إلى الفحص القانوني الدقيق، أدى لحدوث طفرة في الحمل البديل التجاري»، بحسب ماناسي ميشرا، المشاركة في كتابة الاستبيان.

وقالت إن كثيرا من الدول النامية الأخرى إما لا تسمح بالحمل البديل التجاري وإما لديها عدد محدود من المستشفيات المتطورة.

إن نساء عدة شملتهن دراستها يلدن أطفالا لأزواج في الولايات المتحدة وبريطانيا. وأشار التقرير إلى أن بعض الأزواج استخدموا برنامج «سكايب» في إلقاء نظرة على بطن الأم البديلة بشكل دوري، ومن ثم مراقبة تقدم عملية الحمل. عادة ما يدفع الأزواج الأميركيون في بلدهم كمقابل لعملية الحمل البديل مبلغا يتراوح ما بين خمسة وستة أمثال ما يتم دفعه في الهند، بحسب أطباء ومسؤولين بهذه الصناعة هناك.

وأشار الاستبيان الجديد، الذي أجراه مركز البحث الاجتماعي، جماعة تأييد للنساء، إلى أنه «لا توجد قاعدة ثابتة» للمبالغ المدفوعة للأمهات البديلات، التي «تحددها العيادات اعتباطيا».

وبحسب التقرير، يتم إيداع النساء في منشآت خاصة محمية ولا يسمح لهن إلا بقدر محدود من التواصل الاجتماعي أثناء الحمل. وأشار التقرير إلى أنه لا يتم تأمين حقوق النساء اللائي يجهضن.

يقول أطباء ونشطاء ووكلاء إن الرواج في الحمل البديل بدأ مع بحث الأزواج العقماء ذوو الأصول الهندية في دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات العربية المتحدة عن نساء في الهند ليحملن أطفالهم.

وأوضحت ميشرا في مؤتمر صحافي أن نصف العملاء على الأقل ما زالوا ينتمون إلى تلك المجموعة.

في معظم الحالات، يتم زرع البويضة والحيوان المنوي في رحم الأم البديلة، مع إجراء فحوصات للحمض النووي بعد الولادة لإثبات الروابط الجينية بالزوجين وتسهيل عملية إصدار جواز سفر أجنبي.

ويقول الأطباء إن هذه الممارسة تتزايد بين الهنود أيضا. ففي مطلع هذا الشهر، أعلن شاروخان، أحد أشهر نجوم السينما الهندية، عن أن طفله حديث الولادة قد حملته أم بديلة، مما أضفى مكانة اجتماعية، بل ونوعا من مسايرة الموضة، على الممارسة. لكن التكلفة لا تزال باهظة في دولة يقل دخل الغالبية فيها يوميا عن دولارين.

تقول رانجانا كوماري، مديرة مركز البحث الاجتماعي، الكائن في نيودلهي: «أصبحت الهند وجهة شهيرة في مجال الأبحاث الخاصة بالأمهات البديلات، ويزداد عدد الهيئات العاملة في هذا المجال، والآن يمنح نجوم السينما الهندية للممارسة برمتها صبغة الشرعية الاجتماعية. لكن من المخيف أن كل هذا يحدث في ظل فجوة قانونية ومن دون أي مراقبة». تقول كوماري: «يأتي الوسطاء بالنساء الفقيرات الأميات من المناطق النائية غير المتطورة أو من الأحياء الفقيرة التي يجذبها المال. وكل هذا يجري تحت ستار قضية نبيلة ممثلة في مد يد العون للأزواج الذين ليس لديهم أطفال ودعم الأسر الفقيرة».

أجرت المجموعة مقابلات مع 100 أم بديلة في نيودلهي ومومباي لأجل هذا الاستبيان، إضافة إلى توكيل آباء وأطباء وهيئات مختصة بالحمل البديل وآخرين من المعنيين بالمجال. كان السواد الأعظم منهم متزوجا ولديه طفل واحد على الأقل.

استشهدت غالبية من استطلعت آراؤهن بالفقر أو بتكاليف تعليم أطفالهن كأسباب للموافقة على أن يعملن كرحم صناعي لأطفال أزواج آخرين. أوضحت غالبية السيدات للمحاورين أنهن اتخذن قرار أن يصبحن أمهات بديلات بمحض إرادتهن، ولكن في بعض الأحيان كن يتعرضن لضغوط من أزواجهن لجني المال.

قدم مركز الأبحاث الطبية بالهند، وهو عبارة عن مؤسسة حكومية، توجيهات خاصة بالتفويض والإشراف وتنظيم عملية الحمل البديل وعيادات التلقيح الصناعي في عام 2005.

لاحقا، صاغت الحكومة مشروع قانون قام بتضمين كل هذه التوجيهات، ولكن لم يطرح مشروع القانون على البرلمان بعد.

من جانبهم، يحث نشطاء وأطباء ووكالات حمل بديل المشرعين على تمرير القانون بسرعة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»