النادل في رمضان

مهنته تجبره على الانتظار لأكثر من ساعة ونصف الساعة لتناول الطعام بعد الإفطار

النادل الذي قبل بهذه المهنة يدرك متاعبها خلال الشهر الفضيل، حيث يقوم على تقديم الطعام والشراب وهو صائم
TT

تظهر أهمية مهنة النادل في شهر رمضان الفضيل خاصة عند الإفطار، فالجميع يجلس على الموائد أما هو فيعمل بكل جد لإرضاء الآخرين على الرغم من أنه صائم ويتضور جوعا وعطشا ولكن طبيعة مهنته تجبره على الانتظار لأكثر من ساعة ونصف الساعة بعد الإفطار كي يتناول طعامه.

والزائر للمطاعم والفنادق الراقية في العاصمة عمان التي تسعى إلى تقديم أفضل الأطعمة والأكلات والمشروبات الرمضانية خلال وجبة الإفطار والتي تحاول أن تضفي عليها الجو العربي الإسلامي خلال الشهر الفضيل من توفير بوفيهات مفتوحة تتضمن أجود وألذ وأطيب أنواع المأكولات الشهية، يلاحظ مدى حرص هذه المطاعم على سرعة تقديم الخدمات من خلال الندل (جمع نادل) الذين يعملون بصمت وتحت تأثير الصيام من أجل تأمين وجبة إفطار ساخنة لكل الزبائن في موعد واحد وقت الأذان.

والنادل الذي قبل بهذه المهنة يدرك متاعبها خلال الشهر الفضيل، حيث يقوم على تقديم الطعام والشراب وهو صائم ونفسه تشتهي الطعام والشراب خلال تقديمه.

يقول يحيى «أنا أعمل في هذه المهنة منذ أكثر من خمس سنوات وخلال شهر رمضان أحس أحيانا بالمعاناة عند تقديم الأكل والشراب، فنحن مسموح لنا فقط بتناول المياه وحبة تمر وقت الإفطار ولا يوجد وقت للطعام لأن الوقت لا يسعفنا، حيث علينا تقديم وجبة الإفطار وخاصة الشوربة الساخنة قبل عدة دقائق من رفع صوت الأذان».

ويضيف يحيى: «بالنسبة لي فإنني أعتبر إطعام الصائم واجبا دينيا، والله يجزي الحسنات، إضافة إلى أنه عملي وواجب يجب علي أن أنجزه بسرعة من دون تأخير».

ويقول: «نستمر في تقديم الخدمة مدة ساعة ونصف الساعة في خلال هذه الفترة يكون الصائمون قد تناولوا إفطارهم وانتهى الجميع من تناول الحلوى والقهوة، حيث نجمع الأطباق وننظف الطاولات وغيرها ثم نذهب لتناول إفطارنا وعادة يكون من الأكل الذي أكله الزبائن أو يكون الطاهي حضر لنا طبقا خاصا بنا».

أما محمود المسؤول عنهم في القاعة فإن عيونه تلتفت يمينا ويسارا لمعرفة طلبات الزبائن وإعطاء التعليمات للنادل كي يحضر أي طلب، أو إعطاء إشارة لأحدهم لأن يرفع الطبق بعد أن يكون الزبون قد انتهى من طعامه، ويقول محمود: «أنا أعمل بالمهنة منذ أكثر من عشرين عاما، وخدمة الزبائن عالم مستقل بنفسه، إضافة إلى أن هناك قواعد على النادل أن يتقنها والعمل بها لأنها أساسيات عمله، حيث من الضروري أن يعمل ضمن فريق متفاهم متخصص متحمس ومتفرغ ليمنح الزبائن منتهى الرضا ويمنحهم خيارات كثيرة ومتنوعة ومستويات متدرجة». ويضيف محمود أن على النادل أن يواكب العصر ليستشرف المستقبل ومراعاة كل الجزئيات على حد سواء ليبرهن على مصداقيته وجودته إلى أقصى درجات التحدي. ويكون شعاره التجديد، ورسالته الإبهار، وأولوياته رضا الزبائن، وأن يكون كما تريد وحيثما تريد.

وسألنا محمود عن اللغة التي يتواصل بها مع الزبائن، فقال: «هناك إشارة العين أو إشارة اليد أو الطلب المباشر بالحديث الصريح أو من خلال وضع السكين والشوكة في الطبق»، موضحا أنه إذا كانت السكين والشوكة متلاصقة في الطبق بشكل أفقي فهذا يعني أن الأكل ممتاز وإذا كانتا بشكل عمودي ومتباعدتين فهذا يعني أنني انتهيت من الأكل وإذا وضعت الشوكة فوق السكين بشكل مصلب يعني أنني جاهز للطبق التالي، أما إذا كانت السكين والشوكة على شكل رقم ثمانية فإن هذا يعني استراحة ولا ترفع الطبق من أمامي، أما إذا كانت السكين متداخلة في أضلاع الشوكة فإن هذا عبارة على أن الأكل لا يعجبني.

ويشير محمود إلى أن معظم الزبائن يجهل هذه الحركات والإشارات ولا يمارسها إلا القليل ونضطر إلى مخاطبة الزبون لمعرفة رأيه أو طلبه.

ويؤكد محمود أن عالم الخدمة في المطاعم أو الفنادق أصبح علما يدرس في الجامعات وكليات الفندقة، وهناك أسس وآليات وحركات لتقديم الطعام والشراب على الطاولة إضافة إلى الوقوف على راحة الزبون ويكون النادل على أهبة الاستعداد لأي طلب وتلبيته بسرعة كبيرة.

كما أن لكل مناسبة آلية لتقديم الخدمة فيها وحسب نوعية الزبائن فيها سواء كانت مناسبات دينية مثل حفلات إفطار رمضان أو مناسبات الزفاف أو إقامة الحفلات الموسيقية أو الترفيهية وغيرها، فإن لكل مناسبة آلية لتقديم الخدمة.

وختم محمود بالقول إنه في حالات تقديم الطعام للملوك أو الرؤساء أو الشخصيات المهمة فإن الطعام يقدم مرة واحدة في الوقت نفسه، أي أن كل طاولة يهتم بها نادلان ويدخل الجميع مرة واحدة من عدة أبواب ويتوزعون على الطاولات ويكون هناك منسق يعطي الإشارة لتنزيل الطعام إلى الزبائن وكذلك عند رفع الطعام يتحركون بطوابير منتظمة ويرفعون الأطباق حسب الإشارة من المنسق في القاعة.