رمضان بين الأمس واليوم

الشيخ صالح السدلان

TT

لا أرى في المواسم الرمضانية التي قضيتها أخيرا اختلافا عن صيام الأولين من الآباء والأجداد فيما يتعلق بالأساسيات، وإنما يقتصر على ما طرأ من تغيرات اجتماعية وثقافية ألقت بظلالها على الطبائع والعادات نتيجة الانفتاح على المجتمعات والثقافات الأخرى.

فالمسلم يقبل ما لا يخالف الشرع، إن ذلك لا يعني أن صيامنا في هذا العصر يختلف عن صيام من سبقنا فكله طاعة لله واجتهاد وخير وقراءة قرآن وذكر وشكر لله تعالى وتقرب إليه بالطاعات والصدقات والإحسان وبذل للمعروف.

ويبقى ما استحدث بكل ما هو متعلق بالأطعمة والأشربة، أو الميل إلى السهر كما هو جار في الوقت الراهن وبات مظهرا من مظاهر رمضان، أو استبدال الليل بالنهار لتزاور الأقارب والأصدقاء، وميل الناس إلى الترفه بالمباح، إلى جانب ثورة وسائل الإعلام وما تطرحه من قضايا ومناقشات، جميعها أمور مستحدثة فيها الخير، رغم وجود بعض الأخطاء كما ذكر، نبه عليها العلماء والفقهاء.

روحانيات رمضان لم تعد ذاتها كما شهدتها في الطفولة، اختلف الناس في العصر الحالي حول الروحانيات الرمضانية واستكشافها والأخذ بها، حيث تكثر أسئلة المستفتين بشأنها، مسهلا ومبشرا على العامة، فما وافق الشرع منها فيؤخذ به وما خالفه يترك، حتى مشاهدة التلفزيون بالمباح لا شيء فيها.

لقد قضيت رمضان في مدن وبلاد مختلفة خارج السعودية وداخلها وجدت فيها الاختلاف الكثير، فليس للصيام بحسبه تعريف واحد وضوابط محددة، إنما يتأثر بعادات وتقاليد البلاد التي لا تختلف بأصلها وإنما في سبل تكييفها وربطها بحال الناس ومجتمعاتهم.

أفتقد طول القيام والتراويح، إذ كنا في السابق لا نتردد في صلاة 23 ركعة، وكان أمرا مألوفا، أما اليوم فنصلي 11 ركعة.

ولم يثبت عن الرسول سوى ما قاله للمرأة عقب عودته من حجة الوداع، التي لم تتمكن من مرافقته باكية له، فقال لها: «عمرة برمضان تعادل حجة معي»، ليوجب الناس على أنفسهم العمر وصيام رمضان كل عام بمكة المكرمة بما في ذلك المبالغة في الأجور والتكاليف المالية.

بيد أن صوم الناس بمكة المكرمة ليس من السنة، حتى إن بعض أهل العلم قد قال بعدم مضاعفة الأجر فيها دون الصلوات الخمس المفروضة، وهناك أناس ابتدعوا أشياء من تلقاء أنفسهم حول هذا.

* عضو هيئة كبار العلماء السعودية