«شهيوات رمضان» أكلات مغربية يحتفى بها على موائد الإفطار

يتقصد البائعون عرضها خارج المحلات لإغراء الصائمين بشرائها

«شهيوات» مغربية معروضة للبيع في الرباط خلال رمضان (تصوير: منير محيم دات)
TT

ربما أن أكثر الكلمات تداولا خلال شهر رمضان في المغرب هي كلمة «الشهيوات»، وللذين يسمعون هذه الكلمة للمرة الأولى من الإخوان المشارقة، سيخمنون بالتأكيد أنها من صنف المأكولات طالما أننا في شهر رمضان، وأن الأمر لا يتعلق بمصطلح فلسفي أو سياسي.

ببساطة «الشهيوات» هي أصناف كثيرة من المقبلات الشهية التي تزدان بها موائد الإفطار في رمضان، لكن هذا لا يعني أنها تختفي طوال العام، فهي موجودة في كل المناسبات وحتى من دونها، بيد أنه في شهر رمضان يحتفى بها بشكل استثنائي، وتتنافس المغربيات لتحضير ما ولذ وطاب منها، لتقديمها إلى الضيوف وسماع الإطراء منهم بعد تناولها، ومن النادر أن تخلو الأحاديث النسائية في رمضان من موضوع الساعة أي «الشهيوات» وتبادل الوصفات الخاصة بها.

تقسم «الشهيوات» إلى صنفين: مملحة وحلوة، لكن الإقبال يكثر على المملحة لأنها مغذية أكثر خصوصا في شهر رمضان، وتعد إما بورق البسطيلة (ورق الجلاش)، وتسمى بريوات، أوالخبيزات، وهي خبيزات صغيرة الحجم رفيعة تحضر بطريقة الخبز العادي إلا أنها تطهى على مقلاة وليس داخل الفرن. وبعد الطهي تفتح فتحة صغيرة بالسكين من الجانب لتسمح بوضع الحشوات بداخلها.

كما يدخل ضمن الشهيوات الرمضانية جميع أنواع البيتزا الشهيرة المعدة بصلصة الطماطم والزيتون والجبن. بالإضافة إلى المعجنات مثل الرغايف والبغرير التي تذهن بالزبدة والعسل أو زيت الزيتون، وتتناول مع الشاي أو القهوة.

في السابق كانت النساء تعد ورق «البسطيلة» في المنازل، لكن اليوم لا أحد يقوم بذلك فهو يباع في كل مكان، إذ انتشرت أخيرا طريقة طهي ورق البسطيلة بجانب محلات بيع الحلويات على مرأى من المارة، وهي عملية تتطلب خفة ومهارة، للتمكن من استخراج ورق شفاف دائري، من عجين لين مكون من الدقيق والملح والزيت، حيث يلصق العجين بطريقة دائرية وسريعة فوق صفيح ساخن، إلى أن ينضج. وأصبحت هذه العملية من اختصاص الرجال. وحتى الخبيزات الصغيرة أصبحت تباع جاهزة.

هناك أيضا «البريوات» وهي من المقبلات اللذيذة والشهية في المطبخ المغربي، يمكن تحضيرها على شكل رسالة أو على شكل سيجار، وأشهر أنواع «البريوات» المملحة تلك المصنوعة من حشوة الدجاج والبيض، المتبل بالبصل والبقدونس، والملح والإبزار، والزعفران، والزنجبيل، وتطهى «البريوات» إما في زيت ساخن أو تحمر في الفرن.

ويمكن استبدال حشوة الدجاج بالكفتة المتبلة بالبصل، والبقدونس، والإبزار والملح، والفلفل الأحمر. كما يمكن إعداد بريوات بحشوة السمك، وهي لذيذة جدا، ويستعمل في تحضيرها سمك القمرون المسلوق، الذي تضاف إليه الشعرية الصينية المسلوقة والمقطعة، وقطع الزيتون الأخضر، وقطع من الليمون المخلل، والملح والإبزار والبقدونس، والفلفل الأحمر المطحون، والثوم المهروس، وقليل من الفلفل الحار. كما يمكن حشوها بالجبن فقط، أو بالبطاطس المسلوقة المضاف إليها البيض، والجبن المحكوك، أو عمل حشوة مكونة من السبانخ المطبوخة وإضافة البيض المخفوق، والبصل المحمر والثوم، والإبزار والملح.

هذه الحشوات نفسها تستعمل لحشو «الخبيزات»، وهي عملية أسهل بكثير من البريوات التي تتطلب استعمال ورق الجلاش ثم طهيها. لذلك تباع بكثرة خلال شهر رمضان، سواء داخل محلات بيع الحلويات، أو تجدها لدى نساء يبعنها على الرصيف، محفوظة داخل أكياس بلاستيكية، بعد أن حضرنها في منازلهن، وهي بضاعة تظهر بشكل خاص في شهر رمضان.

وتشتري معظم المغربيات الخبيزات جاهزة، ويكتفين بتحضير الحشوات المختلفة في البيت. بيد أنه في المقابل هناك من يفضل شراء «شهيوات» رمضان جاهزة بحشواتها، وهي معروضة في كل مكان. ويتقصد الباعة عرضها بشكل ظاهر خارج المحلات لإغراء الصائمين الجائعين بشرائها، وهي تبدو بالفعل مغرية للعين.

وساعدت المواقع الإلكترونية النساء في المغرب إلى تجريب وصفات متنوعة جدا من الشهيوات، إذ تتبادل النساء في المنتديات الوصفات التي تختلف من مدينة إلى أخرى، كما أن كل واحدة تعرض وصفاتها الخاصة المبتكرة، وتعرض طريقة إعدادها بالصور، وهي عملية ساعدت كثيرا على الاطلاع على وصفات كثيرة والتنافس في إعداد الشهيوات الرمضانية. ونافست المواقع الإلكترونية إلى حد كبير برامج الطبخ التلفزيونية أو كتيبات الطبخ التي تقدم وصفات محدودة.