استعدادات للمسلمين في اليونان لصلاة عيد الفطر في الميادين العامة

رغم تهديدات اليمين المتطرف

الصلاة في ساحة النادي الأولمبي
TT

رغم تهديدات أعضاء حزب الفجر الذهبي (اليميني المتطرف) للمسلمين في الآونة الأخيرة، وخصوصا بعد صعود هذا الحزب ونجاحه في الحصول على مقاعد في البرلمان اليوناني، يصر المسلمون في اليونان وخصوصا من المهاجرين الأجانب الذين ينتمون إلى دول آسيوية وأفريقية، على الصلاة في الميادين العامة وسط أثينا كما تعودوا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث سمحت بلدية أثينا بإصدار تصاريح الصلاة في ميدان الأكاديمية وميدان كوتزيا وأيضا في الملعب الأوليمبي.

أما المسلمون المنحدرون من أصول يونانية وتعدادهم نحو 250 ألف مسلم ويعيشون على الحدود الشمالية لليونان المتاخمة لتركيا وفي الجزر المتناثرة في بحر إيجة، فهؤلاء سوف يؤدون صلاة عيد الفطر في مساجد رسمية قديمة مبنية هناك منذ الاحتلال العثماني في هذه المناطق، حيث يحافظ هناك المسلمون على بقاء افتتاح وصيانة بعض المساجد منها لإقامة شعائر الدين الإسلامي.

وتعتزم الجاليات المسلمة في اليونان خلال هذا العيد نفس ما كانت تتبعه في السابق من الإعداد لصلاة عيد الفطر في الخلاء، اللجوء إلى ميادين أثينا أو الساحات الكبرى على حدود العاصمة. وبتنظيم من رابطة المسلمين في اليونان، شهدت العاصمة أثينا أكبر تجمعات للمهاجرين المسلمين في اليونان، حيث حصلت على تصاريح من محافظة أثينا والشرطة اليونانية بتخصيص ساحة ميدان الأكاديمية وسط أثينا، وساحة الملعب الأوليمبي في ضاحية ماروسي شمال أثينا.

وفي صلاة عيد الفطر الماضي تم الاتفاق ولأول مرة على هذا الطلب، حيث لبّت السلطات اليونانية طلب المسلمين الذين يرغبون في أداة صلاة العيد في الخلاء، وحضر في الصلاة عدد من المسؤولين اليونانيين وقوات الشرطة التي وفرت الأمن والطمأنينة للمصلين، كما أغلقت شرطة المرور الطرق المحيطة بمكان الصلاة، وخطب في المصلين مبعوث الأزهر الشريف، ولكن قد يكون الحال قد تغير هذا العام بعض الشيء بسبب العنصرية والعمليات الاعتدائية التي تشنها عناصر من اليمين المتطرف ضد الأجانب وخصوصا ضد المسلمين في العاصمة أثينا، التي تعتبر العاصمة الأوروبية الوحيدة التي تخلو من مسجد رسمي.

وفي اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» مع الأمين العام لاتحاد الجالية المصرية باليونان قال إن الاتحاد اتفق مع فندق «بريزيدنت»، أحد أكبر فنادق أثينا، على استئجار كبرى قاعات الفندق لإقامة صلاة عيد الفطر، وإنه قد تم توجيه الدعوة للسفراء العرب والمسلمين وأعضاء الجالية المسلمة والعربية عموما، موضحا أن خلال صلاة العيد الماضي قد لبى عدد كبير من أبناء الجالية المصرية والمسلمة المقيمين باليونان الدعوة للصلاة في جو أسري تسوده الفرحة والابتسامة، ويصطحب الكثير من المصليين أطفالهم وزوجاتهم إلى أماكن الصلاة، ويتم توزيع الحلوى والهدايا الرمزية على الأطفال.

ويحرص عدد من الأقباط والمسيحيين المقيمين باليونان على الحضور إلى مكان صلاة الجالية المصرية في فندق «بريزيدينت» وتبادل التهاني مع أشقائهم المسلمين في جو يسوده شعور الوحدة الوطنية على أرض الاغتراب.

في نفس الوقت، بادرت بعض الجاليات المسلمة بإعلان إقامة الصلاة في ميادين عامة في مناطق ايغاليو وألفسينا واسبيربيرغو وتزسفيس واتيكي، وكوروبي وكومندورو، وبريستيري وفاليرو، ولكن بالإشارة إلى منطقة أتيكي وهي قريبة من وسط أثينا، تظاهر سكان الحي في صلاة عيد الأضحى من العام الماضي، رافعين العلم اليوناني ومعلنين رفضهم لما يحدث. وذكرت الشرطة أنهم مجموعة من سكان المنطقة الذين يعانون من مساوئ الجاليات الأجنبية، وبينهم بعض المتطرفين، ولكن قوات الأمن حضرت في المكان حتى الانتهاء من الصلاة.

وفي لقاء لـ«الشرق الأوسط» مع أحد المواطنين اليونانيين ويدعي كوستاس باباديموس ويبلغ من العمر 62 عاما، ذكر أنه يرفض أن يرى المسلمين يصلون في ميادين أثينا، فهو يشعر بالضيق، والإهانة، وخصوصا أنه درس في مراحل التعليم المختلفة وتعلم من والديه كيف كان المسلمون يعاملون اليونانيين إبان الاحتلال العثماني لبلاد الإغريق، موضحا أن الإهانة والذل الذي لاقاه الشعب اليوناني لا يمكن نسيانه.

أما ماريه زيستوبولو، وهي محامية، فقالت لـ«الشرق الأوسط»: «أنا ليس لدي مانع من صلاة المسلمين بحرية في مساجد وداخل أماكن رسمية مخصصة للعبادة، ولكن ليس في الميادين والشوارع العامة، فنحن مسيحيون ونفتخر بذلك، ومن وجهة نظري ليس من العنصرية أن أرفض تجمع الآلاف أو المئات من المسلمين والصلاة في أماكن وساحات رمزية وتاريخية في بلد مسيحي أرثوذكسي».

يذكر أن الموقف الرسمي للحكومة اليونانية هو موقف مساند للحرية الدينية والعقائدية، ولكن الحكومة نفسها الممثلة في حزبي الباسوك الاشتراكي والديمقراطية الجديدة المحافظ، بالإضافة إلى أربعة أحزاب أخرى في البرلمان، يعانون من الممارسات العنصرية والعدوانية لحزب الفجر الذهبي اليميني المتطرف المعادي للأجانب والمسلمين، وما زالت هناك محاولات لاتخاذ قرار تجاه فصل أو تجميد نشاط هذا الحزب المشار إليه، إلا أن شعبيته في ازدياد متواصل نظرا للأزمة المالية، ولكن قوات الأمن والشرطة تتصدى لأعمال هذا الحزب العنصري ضد المسلمين والأجانب، وآخر هذه القرارات موافقة البرلمان على إقامة مسجد رسمي للمسلمين ولكن اليمين المتطرف يقول إنه سيكون جبهة من مائة ألف يوناني لمنع إقامة هذا المسجد.