صناعة اللؤلؤ تستعيد بريقها في الإمارات بعد إحيائها من جديد

40 ألف محارة مزروعة في مياه الخليج

TT

قام عبد الله السويدي بإحياء حلم طواه النسيان من ثقافة الشرق الأوسط، حين وضع حبة صغيرة في محارة وأنزلها في مياه الخليج الدافئة عام 2004.

وبعد مرور نحو عشر سنوات، يرى السويدي نائب رئيس مجلس إدارة شركة «لآلئ رأس الخيمة» وأحد مؤسسيها أخيرا ثمار عمله في أول مزاد للآلئ المستزرعة من مزرعة تقع قبالة إمارة رأس الخيمة في الإمارات العربية المتحدة. وقال السويدي في مقابلة مع «رويترز»: «نرى اليوم إحياء لثقافة وكنزا كنا قد فقدناه لسنوات طويلة».

وكان صيد اللؤلؤ الطبيعي في الماضي مصدر دخل رئيسا لعائلات كثيرة في المنطقة. لكن هذا النشاط انتهى بعد الحرب العالمية الأولى مع بدء استغلال احتياطات النفط الضخمة في الخليج، وظهور منافسة من اللآلئ اليابانية المستزرعة. وتمتلك «لآلئ رأس الخيمة»، المنتج الوحيد للؤلؤ المستزرع في المنطقة، الآن نحو 40 ألف محارة مزروعة في مياه الخليج المالحة، وعقدت سلطة مركز دبي للسلع المتعددة في يونيو (حزيران) مزادا حصريا لبيع إنتاج الشركة.

وقال أحمد بن سليم نائب الرئيس التنفيذي للمركز: «كانت دبي مركزا لتجارة اللؤلؤ لسنوات طويلة لكن هذه أول مرة نقيم فيها مزادا للآلئ مستزرعة محليا بجودة تفوق نظيرتها في بلدان مثل الصين واليابان».

وقال فرانكو بوزوني مدير خدمات السلع الأولية في مركز دبي للسلع المتعددة إن قيمة اللآلئ الطبيعية والمستزرعة المتداولة عبر دبي زادت بمعدل 25 في المائة سنويا في المتوسط بين عامي 2003 و2011 لتصل إلى 30 مليون دولار سنويا في السنوات القليلة الماضية، بينما ترتفع أحجام التداول عشرة في المائة سنويا.

ومن الممكن أن يصل سعر اللؤلؤة إلى مليون درهم إماراتي (272300 دولار) وفقا لما ذكره الياباني دايجي ايمورا رئيس مجلس إدارة «لآليء رأس الخيمة». أما اللآليء الصغيرة فتباع بسعر زهيد قد يصل إلى درهم واحد. وتاريخيا، كانت اللآليء الطبيعية رمزا للأناقة ومؤشرا مهما على الثروة والمكانة الاجتماعية في الشرق الأوسط. وكان صيادون محليون بمنطقة الخليج يغوصون في عمق مياهه الدافئة بحثا عن اللآليء التي كانت مصدر دخل رئيسا لكثيرين، إلى أن تراجع سوق اللؤلؤ الطبيعي.

أنتجت منطقة الخليج مجوهرات أنيقة على مدى آلاف السنين، وظهرت أفضل اللآليء الطبيعية في مجوهرات الملوك والملكات. وتعتزم «لآلئ رأس الخيمة» زيادة إنتاجها من 40 ألف محارة إلى نحو 200 ألف خلال بضع سنوات، لكنها تعتبر المسألة أكثر من مجرد تجارة. وقال السويدي: «اللآلئ مذكورة في قصائدنا وكتبنا وحتى أسماء بناتنا»، وتبنت شركته تكنولوجيا استزراع اللؤلؤ اليابانية وتقوم على زرع حبات متناهية الصغر تصنع من لؤلؤة أم في محارات، ومعها قطعة رخوية صغيرة من محارة متبرعة.

ثم يغطي الجزء الرخوي الحبة بطبقات من مادة تعرف باسم «عرق اللؤلؤ»، وهي المادة الصلبة نفسها التي يتغير لونها مع تغير زاوية النظر إليها، التي تبطن صدفتها الداخلية، وتعرف باسم «أم اللآلئ».

وتعاد المحارة إلى المياه، وعلى مدى عدة أشهر يؤدي تراكم طبقات عرق اللؤلؤ لإنتاج ما يعرف باسم «لؤلؤة مستزرعة». ويحمل لطفي حصايد خبير استزراع اللؤلؤ ملقاطا وشفرة صغيرة وحادة ويتعامل مع المحار بحرص طبيب ماهر وعين فنان. وقال حصايد من مكان عمله المكيف القريب من المياه الزرقاء: «نسبة النجاح في شركتنا 80 في المائة»، وتعتبر هذه النسبة جيدة، لأن حكومة إمارة رأس الخيمة تملك جزءا من المشروع، ويرجح أن يصبح جزءا من قطاعي السياحة وصناعة الغذاء. وتستخدم مخلفات المحار كنوع من السماد ويقدم لحمه في سلسلة المطاعم اليابانية التي تملكها الشركة بالإمارة. وقال محمد السويدي مدير التسويق بشركة لآلئ رأس الخيمة: «هذا مشروع تجريبي، وهناك مستثمرون من مناطق مختلفة بالمنطقة يبدون اهتماما بمحاكاته في دول أخرى». وأضاف: «نخطط لإعادة صناعة اللؤلؤ بالخليج إلى عصرها الذهبي».