«الجاليات» في السعودية تتقاسم فرحة العيد بأذواق وطقوس مختلفة

الاحتفالات تعبر عن تلاحم الشعوب المسلمة

المقيمون في السعودية يشعرون باندماجهم من خلال حضورهم الاحتفالات السعودية بالعيد (تصوير: أحمد فتحي)
TT

تقاطرت جموع شعوب العالم المسلمة في السعودية، بعد فجر أمس (أول أيام عيد الفطر المبارك)، من كل حدب وصوب، نحو المساجد لتأدية صلاة العيد في عدد من المساجد المنتشرة في عدد من مدن وقرى وهجر بلاد الحرمين الشريفين، حيث استأثرت مكة المكرمة والمدينة المنورة بنصيب الأسد منها.

وتقاسمت فرحة العيد التي تشترك في طعم التسامح والصفح عن بعضهم البعض، وتختلف في أذواق الطقوس والعادات وفق كل جالية، غير أنها، ترسم لوحة معبرة عن تلاحم الشعوب المسلمة في بلاد الحرمين الشريفين.

وكانت الجاليات قد جابت شوارع العاصمة السعودية الرياض، فجر عيد الفطر المبارك والابتسامات وعلامات الفرح تكسو وجوهها، وحناجرهم تصدح بالتهليل والتكبير فور وصولهم إلى المساجد المنتشرة في مختلف أنحاء الرياض لأداء صلاة العيد.

وشارك أبناء الجاليات الوافدة في السعودية في احتفالات العيد في مختلف المدن السعودية، كل جالية على طريقتها وأسلوبها في استقبال العيد، في الوقت الذي شاركت فيه بعض الجاليات في برامج احتفالية وتنظيم فعاليات تتواءم مع طبيعة بلدانها الأصلية، تشارك بها في مراسم رسمية تقوم بها أمانة الرياض.

وتكاد تتشابه عادات بعض الجاليات من البلدان العربية والإسلامية، خاصة في أداء صلاة العيد وتبادل التحايا والتبريكات والتهاني بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، في حين يحاول البعض زيارة أقاربه ومعارفه، خلال عيد الفطر المبارك.

غير أنه لدى بعض الجاليات بعض الاختلافات المتعلقة بالعادات والتقاليد، حيث اتخذت الجاليات من هذه المناسبة فرصة لممارسة طقوسها وعاداتها في استقبال العيد، لتنقل نسخة مشابهة لشعوبها في بلدانها، تبدأ بتقديم نوعية الهدايا والأكلات بطريقتها المعتادة في بلادها، في حين يقوم بعضها بترتيب برامجها التي تسبق ليلة العيد وتستمر على مدى أيامه الثلاثة.

وقال قريب الله خضر نائب رئيس البعثة السودانية بالرياض لـ«الشرق الأوسط»: «إن عيد الفطر المبارك يعتبر مناسبة دينية واجتماعية وإنسانية لجميع شعوب العالم المسلمة، غير أنها بالنسبة للجالية السودانية تعتبر مناسبة مهمة جدا وخاصة جدا، تمنحهم الفرصة لممارسة حياتهم وطقوسهم الطبيعية من تواصل وتراحم وتسامح».

وأوضح أن الأسر السودانية على اختلاف انتماءاتها تتشارك في شكل استقبال العيد، حيث يقوم رب البيت بشراء الهدايا المختلفة لأفراد الأسرة من كساء وحلويات وألعاب للأطفال، مشيرا إلى أن بعضها تصنع مأكولات وحلويات سودانية خالصة، كـ«الكيك» و«الخبيز» و«اللقيمات»، تقدمها بجانب أنواع التمور المتعارف عليها.

ولفت السفير إلى أن الجالية السودانية لم تجد اختلافا كثيرا في بيئة الاحتفاء بالعيد كمناسبة روحية ودينية واجتماعية في السعودية، مؤكدا أنها تمارس عاداتها وتقاليدها بالشكل الذي تمارسه في السودان غير أنها في حدود، حيث إنها توجد في مجموعات وليس في جماعة واحدة كما في قرى بلادهم.

ومن الاختلافات الطفيفة وفق السفير، أنه لا مجال لتبادل بعض المأكولات والتواصل بعد صلاة العيد مباشرة، مبينا أنها تراعي بعض الخصوصيات التي تفرضها طبيعة العمل وشكل طقوس العيد في السعودية، مثل تجمع أهالي الحي الواحد في القرية في السودان، الذين اعتادوا أن يجتمعوا في مكان واحد بعد صلاة الفجرة وقبل صلاة العيد ويتبادلوا المأكولات والمشروبات في صالونات جامعة.

وقال: «بشكل عام فإن أفراد الجالية السودانية، تتبادل الزيارات لتقديم التهاني، وتستمر الحال على مدى أيام العيد الثلاثة الأولى، على المستوى الفردي، غير أن للسفارة برامج عيدية في العادة تمنح فرصة للجالية المشاركة فيها ممارسة بعض الطقوس السودانية المألوفة في مثل هذه المناسبة».

وأضاف السفير: «إن بعض الجالية يتجمعون كأسر وأفراد لتجهيز استراحات لاستقبال بعضهم البعض وتبادل التبريكات والتهاني والمأكولات والمشروبات، بجانب إعداد برامج مناسبة تشتمل على مواد ثقافية ورياضية وألعاب للأطفال».

ولكن في العادة تسبق ربات البيوت السودانيات مناسبة العيد، ببعض التجهيزات الخاصة بهن، ومن ذلك رسم الحناء ولبس الجديد من الملابس والحلي والجواهر ما أمكن إلى ذلك سبيلا، بجانب تجهيزات الجديد للأطفال، مشيرا إلى أن العيد يستقبل في البيت بوجبة الـ«عصيدة» المعروفة بعد الصلاة مباشرة.

ولا تختلف طقوس عادات وتقاليد العيد لدى الجالية المصرية كثيرا وفق محمد العيادي (مقيم مصري)، مبينا أن الأسر تحاول جاهدة ممارسة بعض الطقوس المصرية المعروفة في مثل هذه المناسبة.

ومن هذه الطقوس تبادل التهاني والزيارات مع الجيران والأهل، في حين تحضر بعضها أكلات تتناسب مع العيد كالحلويات والترمس والفول السوداني، في الوقت الذي يتناول فيه البعض وجبات خفيفة.

الجاليات الآسيوية تتشابه إلى حد ما في شكل عاداتها وتقاليدها في العيد، وتتقاسم مع شعوب العالم الأخرى، حيث تبادل التهاني والتحايا في العيد وفق حميد مصطفى (من أصل هندي)، في حين تتجه بعض أفراد الجاليات، من غير المتزوجين، نحو سوق البطحاء بقلب الرياض، حيث يلتقي فيها البعيد منهم بالقريب، ليتبادلوا تهاني العيد والتحايا، ويستأنسوا بعض الوقت ويستعيدوا فيها بعض الذكريات التي تذكرهم بأهلهم وعاداتهم وطقوسهم في العيد.

وقال: «في العادة تتأهب هذه الجاليات كأسر وأفراد للعيد قبل حلوله بثلاثة أيام، بشراء بعض الهدايا والملابس الجديدة والذهب والفضة، في حين تقوم المرأة برسم الحناء، وتوزع الأسر بعض المال على أطفالهم وهم في زيهم الجديد».

وفي العيد، وفق مصطفى، يؤدي نوع من السلام الخاص بالعيد، وهو سلام يبدأ بالأحضان ثلاث مرات، لا تنقص ولا تزيد، التزاما بخصوصية العيد والتصافح والتسامح والزيارات المتبادلة بين أفراد الجالية الواحدة.

وفي حين تستعيد أفراد الجاليات الهندية والباكستانية والسيرلانكية والبنغالية، بعض أنواع وجباتها الشعبية في صبيحة العيد، مثل الـ«منرود»، والـ«فيني» والـ«شعيرية بالحليب»، تحضر بعضها وجبات الـ«كينو» والـ«سميا» والـ«كيير»، في الوقت الذي تشتهر فيه الجالية الفلبينية بوجبات مثل «طبخ المقدونيا» والـ«سماي».