مظاهر من احتفالات الايرانيين بعيد الفطر

الإيرانيون يحتفلون بملابس وإكسسورات جديدة.. والأكراد يبدأون مراسم الفرح قبل العيد بعدة أيام

طفلة إيرانية مع ذويها في صلاة عيد الفطر بالعاصمة طهران أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

عيد الفطر هو أحد الأعياد الإسلامية الكبيرة، مثله مثل الأعياد والمناسبات الإسلامية الأخرى، ارتبط بعادات الإيرانيين وتقاليدهم، ويحتفي الإيرانيون بهذا اليوم كما يحتفي به المسلمون في جميع أنحاء العالم.

إن تقاليد عيد الفطر تختلف في المناطق الإيرانية بعضها عن بعض، ويمكن القول إن هذا العيد يحتفى به أكثر في المحافظات والمدن التي يسكنها الإيرانيون السنة أكثر مما هو عليه في المدن الكبيرة والمدن التي يقطنها الشيعة، وذلك لأسباب ثقافية، لأن عيد الفطر وعيد الأضحى يعدان أكبر وأهم أعياد أهل السنة. في حين يلبس الشيعة الإيرانيون الملابس الجديدة ويعطون العيديات للأطفال في عيد النيروز.

في صباح العيد، تقام صلاة عيد الفطر في جميع المدن والقرى الإيرانية وترافقها مراسم خاصة. رغم أن صلاة العيد لا تعد فرضا واجبا، ولكن الكثير من المسلمين، وبصورة خاصة الذين تمكنوا من صيام الشهر، يشاركون في صلاة عيد الفطر. بعبارة أخرى، يمكن القول إن صلاة عيد الفطر تعد أكبر اجتماع تعبدي لمسلمي إيران.

يبدأ أهل كردستان الاحتفال ومراسم الفرح قبل العيد بعدة أيام، بحيث إن النساء في كردستان يعددن في السابع والعشرين من شهر رمضان حلوى محلية تسمى «برساق» ويقمن بتوزيعها على الجيران، والأقارب وفي المسجد القريب من محل سكنهن. كذلك يقمن بحملة لتنظيف المنزل وشراء المكسرات والفاكهة قبل حلول العيد.

يبدأ سكان كردستان يوم العيد بإقامة صلاة العيد التي يطلقون عليها صلاة «جشن»؛ أي صلاة الحفلة، وبعد إقامة الصلاة يذهبون بصورة جماعية لزيارة المرضى، ومن ثم يدخلون إلى منازل المحلة منزلا منزلا ويذهبون إلى حديقة المنزل ويباركون لصاحب المنزل حفلة رمضان بصوت عال، ويضيفهم صاحب المنزل بالشاي والحلوى.

يحتفل سكان سيستان وبلوشستان بمناسبة عيد الفطر لمدة ثلاثة أيام. في الأيام الأخيرة من شهر رمضان تزدحم أسواق هذه المحافظة بحيث يقضي الرجال في المدة الأخيرة من شهر رمضان أوقاتهم في شراء الحلوى والمكسرات، في حين تقصد نساء البلوش السوق لشراء الملابس والإكسسوارات.

تشتري نساء البلوش «زي‌ آستون» أو يقمن بتحضيره، ويكون في أشكال وألوان مختلفة، منها الموديلات الأغلى ثمنا مثل «کوه تفتان» و«فنوج» التي تستعمل لتزيين ملابس عيد الفطر.

«زي آستون»؛ هو تطريز يستعمل في القسم الأمامي من ملابس السيدات البلوش ويمتد من أسفل الرقبة وحتى الركبة تقريبا، وكذلك يشمل تطريز بداية أكمام ملابسهن، وهو إما تطريز بالخيوط أو يشمل وضع الأحجار اللامعة في الملابس أيضا، وكذلك الطراز وطريقة الخياطة، ويعد شراؤه أمرا شائعا اليوم بين نساء البلوش.

في الليلة الأخيرة من شهر رمضان، تقيم النساء حفلة حناء، في هذه الحفلة تزين النساء والبنات أيديهم بأشكال مختلفة باستخدام الحناء.

في يوم عيد الفطر، بعد صلاة الصبح، يستحمون ويلبسون ملابسهم الجديدة فاتحة الألوان ويستعدون لإقامة صلاة عيد الفطر. بعد صلاة العيد، يذهبون لزيارة كبار السن، ويقومون بالتضحية بالحيوانات أو حتى بدجاجة ليشكروا الله على توفيقهم للصيام وليقوا أنفسهم شر الشيطان وهوى النفس.

«كيس البركة»؛ هو أحد التقاليد الأخرى الشائعة بين سكان منطقة سيستان، وفيه يقوم كبار السن في القرية من الرجال والنساء بخياطة كيس لجمع نذور، كفارات وفطريات الناس لكي يدفعوها إلى الفقراء والمحتاجين، وكذلك يقوم آخرون بتعليب المكسرات «حلال المشاكل» ويقومون بتوزيعه على النساء المصليات في المسجد بعد صلاة المغرب في يوم العيد بقصد طلب الحاجة من الله.

في جنوب إيران، يسمي العرب الذين يسكنون مدينة خوزستان اليوم قبل الأخير من شهر رمضان باسم «أم الوسخ» أي اليوم الوسخ، وفي هذا اليوم يقومون بتنظيف منازلهم ويسمون اليوم الذي يسبق العيد باسم «أم الحلس» أي يوم النظافة الشخصية، وفي هذا اليوم يقومون بترتيب ظاهرهم.

في هذه الأيام، يغير بيع الحلويات والمكسرات والازدحام في أسواق المدن التي يقطنها العرب شكل المدينة، وكذلك يمكننا القول إن سوق الملابس هي الأخرى لها حصتها في هذه الأيام؟

في ليلة العيد وعند الإعلان عن رؤية هلال العيد، يعلن العرب في المساجد حلول العيد وفقا لعادتهم عبر التكبير.

بعد إقامة صلاة العيد، يتجه الناس إلى زيارة قبور أقاربهم المتوفين. ثم يقوم أفراد المحلة بزيارة أقارب المتوفين في محلتهم، ومن ثم يقومون بزيارة كبار السن في المحلة.

في يوم العيد، تكون أبواب المنازل في هذه المحافظة مفتوحة ويدخل الجيران إلى المنازل بعد قولهم: «يا الله» و«عيدکم مبارك يا أهل البيت»، ويرددون عبارات من قبيل «عيدکم مبارك»، و«أيامكم سعيدة»، و«الله يعوده عليكم بخير وعافية» التي تتردد على لسان الكبار والصغار من الرجال والنساء.

إن رجال العشائر في خوزستان، يمرون في الشوارع وهم يرددون «الهوسات» ويرقصون رقصة الدبكة، في شوارع المحلات ويذهبون لزيارة كبير المحلة وشيخ القبيلة ويجتمعون بعضهم مع بعض في المضيف. في هذه المجالس، يردد البعض الأشعار، وهناك يمكننا سماع ألحان الشعر الشعبي، أي الشعر الذي يتلى باللغة العامية. كذلك يقوم البعض في هذه الأيام بتوزيع الحلوى والعصير في المجالس والمحافل والشوارع والأسواق.

إن هذه العادات والتقاليد تظهر في المدن الكبيرة والمدن الشيعية بصورة أخرى، في هذه المدن يسعى الناس إلى استغلال الوقت والعطلة من أجل السفر.

بالإضافة إلى ذلك، في السنوات الأخيرة مع رواج ثقافة السفر وحلول شهر رمضان خلال العطلة الصيفية، أصبح سكان المدن الكبيرة يرجئون سفراتهم الصيفية إلى عيد الفطر، كذلك فإن تمديد عطلة عيد الفطر من يوم واحد إلى يومين ساعد كثيرا في ترويج هذه الثقافة، بحيث استغلت الكثير من مكاتب السفر هذه الفرصة الجيدة وقامت في كل عام بتهيئة صفقات وحزم للسفر في داخل إيران وإلى خارجها تحت اسم سفرات عيد الفطر وقدمتها للإيرانيين.