خانيا اليونانية.. مقصد الهاربين من زحام المدن الكبرى

جزيرة الشمس والبحار البلورية

TT

إذا كنت تفكر في الراحة والاستجمام والسرور لتمضية عطلة الصيف، وإن كنت ترغب في استضافة مميزة وابتسامة شرقية وكرم تقليدي، وإذا كنت تريد أن تجد نفسك في جزيرة تجسد ملتقى نقطة تقاطع ثلاث قارات وعالمين (عربي وأوروبي) ويمتد تاريخها إلى 6 آلاف سنة، أقترح عليك التوجه إلى جزيرة خانيا، التي تقع في غرب جزيرة كريت جنوب اليونان، والتي تعتبر مقصدا للكثير من الرحالة والزوار، والهاربين من زحام المدن الكبرى، حيث تتداخل فيها مراحل التاريخ المختلفة، من المدينة القديمة القرن وسطية، إلى ما تركه البنادقة والأتراك، ثم المدينة الحديثة.

تتميز خانيا بشواطئها الجميلة وطبيعتها الخلابة وشمسها الساطعة وبحارها البلورية ذات المياه الزرقاء، فالسير على الأقدام هناك أو ركوب الدراجات أو ركوب الخيل أو الغوص يعتبر رياضة ممتعة، ويمتد صيفها حتى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، وهي غنية جدا بالمواقع الأثرية والقلاع المحصنة والمساجد والمنازل الفخمة القديمة.

وتمثل خانيا جزءا كبيرا من جزيرة كريت أكبر الجزر اليونانية والخامسة في البحر المتوسط بعد صقلية وسردينيا وكورسيكا وقبرص، واحتلها العرب في عام 824، واستمر الوجود العربي بها فترة 133 سنة، إلى أن احتلها الإمبراطور البيزنطي نيكوفوروس فوكاس، وقد امتزجت فيها الحضارة اليونانية بالحضارة البيزنطية، الأمر الذي ساعد على إعادة إحياء الجزيرة، لكن بعد أن هاجم الفرنجة القسطنطينية توجهوا صوب كريت التي اعتبروها «جوهرة المتوسط»، حيث احتلها البنادقة في عام 1211 ميلاديا، وظلت لمدة 450 عاما جزءا من جمهورية البندقية، بعد ذلك احتلها العثمانيون عام 1641 وخرجوا منها في عام 1898 ميلاديا.

وتتميز معالم خانيا ومبانيها بأنها عبارة عن أمثلة هندسية معمارية مختلفة، فتجد في المدينة القديمة الجدران العالية والأبواب الضخمة والممرات الضيقة والشوارع المحدودة، بجانب محلات ودكاكين تزخر بمنتجات الحرف التقليدية، بالإضافة إلى أن أهلها شعب مضياف وصديق.

وتجدر الإشارة إلى مقولة كاتب يوناني مولود في هذه الجزيرة إذ قال «أجدادي تجري في عروقهم دماء عربية، ولهذا اتصفوا بالأنفة والعناد، إذ يختزنون حبهم أو غضبهم لسنوات عديدة، وإذا ما حدثت ساعة الغضب يكون الانفجار».

ويمكن الوصول إلى خانيا جوا، ففيها مطار دولي يستقبل رحلات داخلية من أثينا 4 أو 5 مرات يوميا، كما أنها تستقبل رحلات خاصة من دول أخرى، ويمكن الوصول إليها بحرا عبر السفن والناقلات البحرية التي تأتيها من ميناء بيريوس غرب أثينا أو ميناء رافينا، كما أنها تستقبل يخوتا وسفنا من دول أخرى، ولذا يفضل الاتصال هاتفيا مسبقا بهيئة المواني أو هيئة تنشيط السياحة لمعرفة مواعيد الرحلات.

وتنقسم خانيا المدينة إلى قسمين، البلدة الجديدة بمكاتبها ودكاكينها والأعمال التجارية، والبلدة القديمة القابعة حول الميناء، وهو مكان رائع بحجارته وشوارعه الضيقة وهندسته المعمارية القديمة، ومن أهم المناطق هناك ساماريا جورج، وهو موقع أثري يمكن تصنيفه أنه إحدى العجائب السبع في أوروبا، ويقع في أعلى جبال جنوب خانيا، ويظهر من بعد على الجانب الجنوبي لمنطقة أومالوس.

أما منطقة نوسوس فتعتبر موقعا أثريا مهما على بعد 5 كيلومترات من المنطقة الشرقية لمدينة إيراكليون، ويحتوي على قصر مينوان الأول والذي بني عام 1900 قبل الميلاد. وجرامفوسا هي منطقة ينظر إليها كسلسلة من الصخور المرتفعة، وتستخدم كمانع للأمواج وتحمي الميناء، وتعتبر موقعا استراتيجيا مهما، وقد استخدمت كحصن من قبل الغزاة في القدم، حيث تم بناء قلعة محصنة على قمة صخرة على ارتفاع 137 مترا.

ويعتبر ركوب الخيل هنا في خانيا من الرياضات المفضلة، فالقيام بجولات على ظهور الخيول في هذه الشواطئ المثيرة والريف الجميل يعتبر من أهم أنواع المتعة، وهناك برامج ومكاتب مخصصة لإيجار الخيول والقيام برحلات عبر التلال الخضراء وبساتين الزيتون، والأعشاب والزهور البرية والبحيرات والشلالات، مما يجعل الزائر هنا يتمتع بالهواء الطلق الصافي والجمال الطبيعي للجزيرة. كما تعتبر رياضة الغوص في خانيا من النوع الفريد، حيث يستطيع الراغبون في خوض تجربة مغامرات الغوص في مياه بحارها الزرقاء الصافية.

ويستطيع القادم إلى جزيرة خانيا الإقامة في فيلات ياسون، وهي توجد بالقرب من المنطقة الأثرية في خانيا، وتجاورها المراكب الصغيرة، وتتسع لعدد كبير من الأشخاص، كما تحتوي على غرف منفصلة تتسع لشخصين أو ثلاثة، معظمها يتميز بمستوى رفيع وجيد وتحيط بها بساتين الموالح والخيزران والمسابح.

أما فيلات غافالوتخوري فهي بيوت كريتية تقليدية، ذات جدران حجرية السميكة، وتقع على بعد 25 كيلومترا من وسط خانيا، وتحتوي على غرف منفصلة وأخرى متصلة تتسع لـ6 أشخاص، ويوجد بالقرب منها جميع المستلزمات اليومية، كما تتمتع الجزيرة بشبكة مواصلات سهلة وسريعة، فبجانب الحافلات الداخلية هناك سيارات الأجرة المنتشرة، بالإضافة إلى سهولة الحصول على سيارات بالإيجار، كما توجد مراكب ويخوت للإيجار، بالإضافة إلى الحمير والخيول للراغبين في الوصول إلى بعض المرتفعات الجبلية.