مبادرة «الفن في كل مكان» تحول شوارع المدن والقرى البريطانية إلى صالات عرض مفتوحة

30 ألف شخص صوتوا إلكترونيا لاختيار 57 عملا فنيا

الفنان البريطاني بيتر بلاك يقف أمام ملصق للوحته «اللقاء» أو «انعم بيومك مستر هوكني» أمام مجمع وستفيلد التجاري بلندن أمس حيث أطلقت حملة «الفن في كل مكان» (رويترز)
TT

لمدة أسبوعين ستتحول شوارع المدن والقرى في بريطانيا إلى صالات عرض مفتوحة لـ57 عملا فنيا شهيرا لعمالقة الفن البريطاني، فيما وصفه البعض بأنه أضخم عرض فني في البلاد. فقد أطلق أمس من أمام مجمع وستفيلد التجاري بلندن مبادرة «الفن في كل مكان» (آرت إيفري وير).

تقوم المبادرة على عرض ملصقات ضخمة للأعمال الفنية على محطات الأوتوبيس ولوحات الإعلانات الضخمة وعلى سيارات التاكسي الأسود الشهير وفي محطات قطارات الإنفاق وداخل الأسواق والمؤسسات، لتكون ما تطلق عليه مادلين أدين مسؤولة العلاقات العامة في الحملة بأنه «حملة البحث عن الكنز» حيث يمكن أن تغري بعض الأعمال المعروضة الجمهور بمحاولة البحث عن الباقي. تشمل الحملة وضع الملصقات على 2000 حافلة في لندن و1000 تاكسي أسود لتتجول بذلك الأعمال الفنية بين الشوارع والميادين وتوفر للمارة فرصة لمشاهدة بعض أعظم الإنجازات الفنية في بريطانيا والعالم.

المبادرة تقدم للجمهور في بريطانيا 57 عملا تم اختيارها من قائمة ضمت 100 عمل من الأعمال الموجودة في متاحف ومؤسسات بريطانية، وحسب ما تذكر لنا أدين فقد تم طرح القائمة الأصلية التي أعدها مختصون فنيون للتصويت عبر موقعي «فيس بوك» و«الفن في كل مكان» (آرت إيفري وير)، وقام 30 ألف شخص بالتصويت على أعمالهم المفضلة حتى وصل العدد إلى 57 عملا، مما أدى إلى إمكانية إقامة «أكبر عرض فني على الأرض» كما يصفه منظمو الحملة.

وتشير أدين إلى أن القائمة الأصلية تم اختيارها بواسطة سبعة من المختصين في الفنون ضمنوها أعمالا تنتمي إلى مختلف الاتجاهات الفنية ومن جميع العصور وتم طرحها للتصويت بعد ذلك، ولكن اختيار الجمهور انحاز إلى الأعمال الحديثة والمعاصرة أكثر من الأعمال القديمة.

وتضم القائمة النهائية أعمال لهولباين وتيرنر وغينزبورا وكونستابل ولاوري وبيكون ولوسيان فرويد وداميان هيرست.

ويحمل الموقع الإلكتروني للحملة خارطة توضح المدن التي وضعت بها الملصقات، ولكن لمن يريد تفاصيل أكثر داخل كل المدينة فعليه الاعتماد على المشاهدات في الشارع وأيضا على ما يضعه الجمهور على تلك المواقع. وعن سبب عدم توافر خرائط أكثر دقة، تلفت أدين انتباهنا إلى أن كثيرا من تلك الملصقات وضعت على حافلات وعربات أجرة، ومن الصعب تحديد أماكنها كما أن تعدد الأماكن (22 ألف موقع) يزيد الأمر صعوبة، وتقول: «قمنا بالفعل بوضع خارطة تجريبية لنا في المؤسسة ولكنها لم تنجح وتسببت في تعطيل عدد من الكومبيوترات بسبب حجم المعلومات الضخم بها».

ولاستكمال التجربة أعلن موقع «آرت فند» عن إطلاق تطبيق إلكتروني بعنوان «بليبار» Blippar يستطيع من خلاله المستخدمون توجيه الهاتف نحو الملصق ليتم توجيههم في الحال إلى صفحة تحمل كل المعلومات الخاصة بالعمل الفني الموجود أمامهم ويمكنهم مشاركة أصدقائهم في المعلومة عبر تحميلها فورا على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما تراه أدين وسيلة من وسائل نجاح الحملة وتشجيع الجمهور على التفاعل معها، بل الاستمتاع بالبحث عن الأعمال. كما يوفر موقع الحملة وصلات إلكترونية لكل لوحة تحمل معلومات عنها ومكان عرض النسخة الأصلية منها في متاحف بريطانيا.

وقد تم تمويل الحملة عبر التبرعات حيث تبرعت شركات صناعة الملصقات بما يصل ثمنه إلى ثلاثة ملايين جنيه إسترليني من المساحة الإعلانية لمدة أسبوعين، كما قدم نحو ألف شخص تبرعات عينية تم استخدامها لتغطية تكلفة إنتاج وطباعة الأعمال الفنية.

المبادرة أطلقها رجل الأعمال ريتشارد ريد صاحب شركة «إنوسنت درينكس» بالتعاون مع صندوق الفنون البريطاني «آرت فند» وتيت غاليري وشركات الملصقات. وعلق ريد على المشروع بقوله «هذا مشروع ممتع، ولا يحمل أي توجهات أو أهداف سوى أن نملأ شوارعنا بالفن وأن نحتفل معا بمواهب وتاريخ بريطانيا».

أما الثنائي بوب وروبرتا سميث، اللذان قاما بتصميم عدد من الأعمال المحدودة الإصدار لإهدائها للمتبرعين للحملة، فعلقا على الحملة ببيان «(الفن في كل مكان) مبادرة مدهشة؛ فهي ليست فقط لمن يتابع الحركة الفنية أو لزوار الغاليريهات والمتاحف، بل هي للجميع. ففي ساعة واحدة فقط سيزيد عدد من يشاهدون الملصقات في الشوارع والميادين إلى أضعاف عدد من يزورون المتاحف والمعارض الفنية في عام كامل. وأتمنى أن تكون الحملة دافعا للأطفال على دراسة الفنون».

وعلق الفنان الشهير داميان هيرست الذي اختير أحد أعماله في القائمة النهائية «الفن للجميع، وكل من يمكنه التوصل إليه سيستفيد منه. هذا المشروع مدهش بالفعل، ويمنح الجمهور صوتا وفرصة لاختيار ما يحبون مشاهدته في الشوارع».