زياد الرحباني يجمع الشرق والغرب في مهرجان أعياد بيروت

الجمهور انتظر بصبر أكثر من 40 دقيقة

TT

لم يمل جمهور الفنان اللبناني زياد الرحباني الانتظار أكثر من 40 دقيقة عن الموعد المحدد قبل أن يبدأ حفلته في وسط العاصمة، مساء السبت الماضي، حيث ينظم «مهرجان أعياد بيروت» للسنة الثالثة على التوالي. والتأخير هذه المرة لم يكن فقط مقتصرا على أسباب لوجيستية فنية، إنما كانت لافتة الزحمة التي شهدها المدخل، حيث وقف عدد كبير من محبي الرحباني للحصول على بطاقاتهم قبل دقائق قليلة من بدء الحفل، والسبب في ذلك كان التأخير في تأكيد مشاركة فنانهم في «مهرجان أعياد بيروت» الذي أعلنت عنه الشركات المنظمة «ستار سيستم» و«بروداكش فاكتوري» و«تو يو تو سي»، بدعم من شركة «سوليدير» التي تستضيف المهرجان، قبل نحو أسبوعين فقط بينما كان الإعلان الرسمي عن البرنامج الكامل قبل نحو شهرين.

وفي ليلة بيروتية كانت على قدر توقعات جمهور من مختلف الأعمار والمناطق اللبنانية، ولا سيما الشباب منهم، استطاع الرحباني أن ينتقل بهم إلى ذلك الزمن الجميل متعمقا بين حنايا موسيقاه حينا وكلماته حينا آخر.

هي أجواء، بل بصمة زياد الرحباني التي اختلطت فيها الألحان الشرقية والغربية «البلوز والجاز» من خلال مشاركة فنانين أجانب على وقع «الأغنيات الفيروزية والرحبانية»، إضافة إلى نصوص جديدة تحمل توقيع السخرية الاجتماعية والسياسية نفسها التي طبعت أعمال الرحباني منذ بداية مسيرته، ولا سيما في مسرحياته التي تولت قراءتها على المسرح لينا خوري.

بداية حفلة «Dakt»، وهو العنوان نفسه الذي كان من المفترض أن تحمله أمسية «مهرجانات بيت الدين لعام 2010» قبل أن يعلن أنها ألغيت لأسباب قيل حينها إنها صحية، كانت موسيقية على أوتار بيانو الرحباني بمرافقة فرقته الموسيقية التي تجمع عازفين من جنسيات مختلفة عربية وأجنبية. وكانت محطات أخرى خلال الأمسية مع مقطوعات قديمة وجديدة، إحداها من مسرحية «فيلم أميركي طويل».

لتتوالى بعدها أغنيات إنجليزية حينا، منها: «on broadway» «soul shadows» «feeling good» التي برعت في أدائها الفنانات العالميات، سيندا رامسور وبيرل رأمسي وكلوديا باتريس، وعربية حينا آخر بأصوات السورية منال سمعان بشكل أساسي، التي ترافق الرحباني في أمسياته منذ أكثر من سنة، حاملة لواء السيدة فيروز بأغنياتها القديمة والجديدة، ولا سيما تلك التي تحمل بصمات ابنها بتوزيع جديد، إضافة إلى مشاركة مع اللبنانيتين تينا يموت ولوريت حلو، بينما كان للأغنيات التي أداها الكورال واشتهر بها الفنان اللبناني الراحل جوزيف صقر والتي تحمل بدورها بصمة الرحباني ووقعها المميز.

من أغنية «بعدك على بالي» التي ملأت المكان حنينا إلى نص كتب بسخرية الفنان السياسي ملقيا سهامه الانتقادية باتجاه «الحريات والديمقراطية» اللبنانية، أطلق بعدها رسالته النقدية من خلال «إذا عالنظام مش عم يمشي غيرلو النظام»، لتليها أغنية «حبيتك تنسيت النوم»، ليعود إلى السياق المحور في «دعوى ضد مجهول» و«معلومات مش أكيدة» ومن ثم «تلفن عياش» و«عودك رنان»، لتمنح الجمهور جرعة حماسية كانت كفيلة بقلب موازين الأجواء التي عادت الموسيقى بعدها لتتوحد في أداء عربي غربي مشترك بأصوات «سيندا رامسور» ومنال سمعان وتينا يموت.

من الريبرتوار الفيروزي، استمعنا لأغنيتي «اشتقتلك» و«مش كاين هيك تكون»...

ومن الرسالة السياسية الاجتماعية التي أطلقها زياد، في هذا الحفل، دعوته إلى اعتماد لقب أستاذ، كصفة جامعة للبنانيين «على اعتبار أننا في لبنان كلنا أساتذة ولا أحد يشعر بنا عالميا... دولة كلها أساتذة من كبيرها إلى صغيرها». هذا ما قاله زياد الذي اختار أن تكون النهاية مختلفة انطلاقا من الأحداث الأخيرة التي شهدها لبنان، وذلك بـ«تحية عسكرية» لم تخل من رسالة سياسية من خلال أغنية «بيي راح مع العسكر» لوالدته السيدة فيروز التي كانت كفيلة كذلك بتحريك نبض جمهور، اتفق معه في مقاربته للأحداث اللبنانية أو اختلف.

رافق الإعلان عن حفلة الرحباني في وسط بيروت أو ما يعرف بـ«مشروع سوليدير» الكثير من التساؤلات، في وقت عرف الرحباني بمعارضته المشروع ومقاطعته حفلات افتتاحه في عام 1994 رغم مشاركة والدته حينها. يؤكد أمين أبي ياغي، مدير شركة «ستار سيستم»، لـ«الشرق الأوسط»، أن «زياد الرحباني، كما جمهوره، كان فرحا وأكثر من راض عن الأمسية من النواحي كافة». ويقول: «زياد عقله كبير، ولم يكن هناك أي اعتراض من قبله على مكان أحياء الحفلة»، مشيرا إلى أن المشاورات معه كانت قد بدأت قبل أكثر من 5 أشهر من الإعلان عن الحفل، وصودف أنه حين تم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين اعتذر الفنان السوري صفوان بهلوان عن أحيائه الحفلة التي كانت مقررة في العاشر من أغسطس (آب) الحالي بمشاركة الفنانة اللبنانية سمر كموج في تحية إلى الملحن الراحل محمد عبد الوهاب، وذلك لأسباب متعلقة بخروجه ومن ثم دخوله إلى مصر بعد الأحداث الأخيرة. عندها تم تحديد موعد لأمسية زياد، نافيا بذلك أن يكون الأخير قد حل مكان الأول، إنما التغيير أتى لأسباب شخصية متعلقة ببهلوان ليس أكثر.