خطة بيع البريد الملكي البريطاني تثير غضب مديريه

نواب المديريين يديرون أكثر من 10 آلاف فرع له بموجب عقود

بيع البريد سيؤدي الى غياب الخدمة في المناطق الريفية
TT

أثارت خطط استغلال مكاتب البريد البريطانية في الترويج لبيع الجهاز الملكي لتوزيع البريد رد فعل غاضبا من مديري الأفرع مما أثار مشكلة جديدة للوزراء الحريصين على بدء الخصخصة. وقد يطلب مكتب البريد المملوك للدولة وهو أحد فروع شبكة تبيع الطوابع وتقدم خدمات أخرى من منافذه توزيع مادة تشرح كيف يمكن للناس شراء أسهم في البريد الملكي وهي الشركة المستقلة لتوزيع البريد. ولكن الاتحاد الوطني لنواب مديري البريد قال إنه فوجئ وغضب من هذا الاقتراح الذي يرون أنه يطلب منهم العمل ضد مصالحهم، حسب تقرير لـ«رويترز». ويدير نواب مديري البريد أكثر من عشرة آلاف فرع أصغر لمكتب البريد بموجب عقود رغم أنهم ليسوا موظفين في مكتب البريد.

وقالت الإدارة الحكومية المسؤولة عن بيع البريد الملكي إنها بدأت مباحثات مع مكتب البريد بشأن هذه الخطة ولكن متحدثا باسم مكتب البريد قال إنه لم يتم اتخاذ قرارات. وتريد الحكومة البريطانية بيع حصة أغلبية في البريد الملكي خلال السنة المالية الحالية ولكن احتمال إضراب النقابات التي تمثل موظفي البريد الملكي تهدد بالفعل بعرقلة هذه العملية. وفصل مكتب البريد رسميا عن البريد الملكي العام الماضي ولكن المؤسستين ما زالتا متداخلتين بشكل وثيق. وقال الاتحاد الوطني لنواب مديري البريد إن ثلث كل الدخل الذي يحققه أعضاؤه يأتي من بيع خدمات البريد الملكي.

وقال جورج تومسون الأمين العام للاتحاد الوطني لنواب مديري البريد إن الخصخصة قد تعرض هذه العلاقات للخطر وتمثل ضربة مدمرة محتملة لمكاتبنا البريدية. هذا هو السبب وراء دعوتنا أعضائنا لرفض هذا الطلب. ووافق اتحاد موظفي الاتصالات الذي يمثل معظم موظفي البريد الملكي على خطط إجراء تصويت على القيام بإضراب إذا لم تسفر المفاوضات الحالية مع الحكومة عن اتفاق جديد للرواتب بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) .

وتتعرض هيئة البريد الملكي منذ قدوم حكومة الائتلاف البريطانية لمحاولة الخصخصة. وقد أدى ظهور الـ«فيس بوك» والرسائل النصية، والبريد الإلكتروني إلى خفض حركة الرسائل عبر البريد الملكي إلى 25 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية، إلى مجرد 58 مليون رسالة يوميا، بينما شهد إرسال الطرود ازدهارا من طرف شركة «أمازون» وبعض المواقع التجارية عبر الإنترنت.

وقال آلن إستورد موظف في البريد الملكي: إن «بيع خدمات الشركة للخواص ليست في صالح الموظفين لأن المشتري الجديد سوف يضع شروطه الجديدة للعمال وأيضا الاستغناء عن عدد كبير منهم، بالإضافة إلى تردي الخدمة، وفرض أسعار عالية جدا على الزبائن». وأضاف: «أن النقابة قامت بإرسال بطاقات إلى أعضاء البريد الملكي للاقتراع حول مستقبل المؤسسة..» وقال إنه «واثق بأن النتيجة سوف تكون ضد عملية البيع بالأغلبية الساحقة».

وقال وزير الأعمال البريطاني مايكل فالون أخيرا إن «قرار الحكومة بيع البريد الملكي يأتي على أساس علمي ومنطقي وتجاري».

وأضاف الوزير في كلمة أمام المؤسسة البحثية «بوليسي اكستشانج» التابعة لحزب المحافظين: «إذا لم تدخل الشركة أسواق الأسهم فإن كل إسترليني تقترضه يضيف إسترليني لحجم الدين الوطني وهذا يعني زيادة الدين العام والمزيد من الأعباء على الدولة».

وأشار الوزير إلى أن سعاة البريد الملكي والذين يقدر عددهم بـ140 ألفا بمقدورهم الحصول على 10 في المائة من الأسهم كشركاء في صناعة مستقبل أكثر نجاحا للشركة بعد بيعها، والتي تسعى حكومة الائتلاف إلى إدراجها على برنامج العمل الخاص خلال العام المقبل 2013 – 2014.

وحول الاتهامات التي وجهت للحكومة الحالية حول بيع البريد الملكي، وأنه سيؤدي إلى غياب الخدمة عن بعض المناطق الريفية في بريطانيا، قال الوزير: «إن تغيير الملكية لن يعني أن الشركة ستتوقف عن تقديم الخدمة للمناطق الريفية». وأضاف: «سيظل البريد الملكي هو المقدم الوحيد للخدمة البريدية في بريطانيا والتي تتمتع بمستوى عالمي وسيستمر في توفير هذه الخدمة ستة أيام في الأسبوع في أنحاء المملكة المتحدة».

ويعود تاريخ إنشاء البريد الملكي إلى عام 1516 على يد هنري السابع، وأول طابعة لاصقة أدخلت عام 1840. وبعد خدمة دامت 497 عاما في توصيل البريد للزبائن في جميع أنحاء بريطانيا العظمة، يبقى السؤال المهم، هل تواجه المؤسسة البريدية الآن خطر الزوال بعد الحديث أخيرا عن خصخصتها كمؤسسة حكومة.

ويمر تاريخ البريد الملكي بعدة مراحل أساسية أدت إلى تطوره عبر السنين، وفي هذا الخصوص يذكر راي ستالارد في وزارة الثقافة والإعلام والرياضة البريطانية إن «الملك هنري السابع قام عام 1516 بتأسيس (سيد البريد) والذي تطور فيما بعد إلى مكتب مدير البريد العام. وفي عام 1635 جعل تشارلز الأول خدمة البريد متاحة للجمهور وأن تكلفة البريد يقوم بدفعها مستلم البريد. وفي عام 1654 منح أوليفر كرومويل مكتب البريد احتكار خدمة تسليم البريد في إنجلترا. وفي عام 1660 إنشاء تشارلز الثاني مكتب البريد العام. وقد استخدم لأول مرة في عام 1661 الطوابع البريدية، وتمت تعيين أول مدير عام البريد. وفي عام 1784 استخدم لأول مرة عربة بريد تحمل كسوة مكتب البريد، وكانت تعمل بين بريستول ولندن».

ويضيف ستالارد: «في عام 1793 بدأ سعاة البريد لأول مرة بالزي الرسمي يجلون الشوارع لتوزيع الرسائل للزبائن. وفي عام 1830 قام أول قطار بنقل شحنات البريد من ليفربول إلى مانشستر».

وفي عام 1840 تم إصدار أول طابع بريدي لاصق كان يطلق عليه «بيني بلاك» ويمكن للشخص إرسال رسالة بقرش واحد. كما أقيمت عام 1853 صناديق البريد لأول مرة في بريطانيا.

ويقول ستالارد إن مكتب البريد أطلق في عام 1870 خدمة التلغراف، وفي نفس العام أصدر مكتب البريد قانونا يحظر إرسال رسائل «غير محتشمة». أما في 1880 بدأ سعاة البريد لاستخدام الدراجات الهوائية لتسليم البريد. وفي عام 1912 فتح مكتب البريد خدمة الهاتف الوطنية. كما تم إدخال فئة طوابع الدرجة الثانية في عام 1968.

ولأول مرة علقت في عام 1971 الخدمات البريدية في بريطانيا لمدة شهرين بين يناير (كانون الثاني) ومارس نتيجة لإضراب البريد الوطني بسبب الأجور. وفي عام 1974 ظهر نظام الرموز البريدية في أنحاء بريطانيا. وفي عام 1977 تم إلغاء خدمة الرسائل البرقية.

وقد فقد البريد الملكي في عام 2006 احتكاره خدمة البريد، وأصبح بإمكان المتنافسين العمل على نقل البريد إلى مكاتب البريد الملكي لنقله وتوصيله إلى الزبائن. وفي نفس الوقت أصبح على عملاء البريد الملكي شراء الطوابع البريدية عن طريق الإنترنت، دون الحاجة لشراء الطوابع التقليدية. أما، في عام 2007 أعلن البريد الملكي إغلاق 2500 مكتب بريد في البلاد بسبب الأجور ومعاشات التقاعد.

وفي عام 2009 طلبت نقابة عمال الاتصالات من العمال التصويت من أجل القيام بإضراب عام بسبب الأجور والوظائف. وفي نفس الفترة حاول اللورد ماندلسون، وزير الأعمال من حزب العمل، خصخصة جزء من البريد الملكي، ولكن محاولته بات بالفشل بعد عاصفة من الانتقادات.

وأخيرا، وفي عام 2010 أعلنت حكومة الائتلاف الحالية بقيادة حزب محافظ والليبرالي الديمقراطي بيع البريد الملكي لتوصيل الأعمال التجارية، ولكنها تحتفظ بشبكة مكاتب البريد في الملكية العامة. كما أنها بدأت بالتخلص من الدرجات التي كانت تستخدم في توصيل الرسائل بعد خدمة دامت 130 عاما.