رحيل الكاتب محمد صفاء عامر.. أشهر من قدم «الدراما الصعيدية»

TT

* شيعت الأوساط الثقافية والفنية في مصر عقب صلاة الظهر أمس جثمان الكاتب السيناريست محمد صفاء عامر، من مسجد الحصري بمدينة السادس من أكتوبر، بمحافظة الجيزة. وقد وارى جثمان الفقيد التراب بمقابر الأسرة بالسيدة عائشة بالقاهرة.

عاني الفقيد من أمراض القلب وضيق التنفس في الآونة الأخيرة، وغيبه الموت فجر أمس الثلاثاء بمستشفى دار الفؤاد بضاحية السادس من أكتوبر، حيث احتجز به قبل أيام للعلاج.

ينتمي الراحل لقبيلة «هوارة» الشهيرة في صعيد مصر، وكان يعمل بسلك القضاء، لكنه اعتزل العمل بعدما انخرط في الكتابة الدرامية، حيث استطاع من خلال كثير من المسلسلات التلفزيونية، وبعض الأعمال السينمائية، أن يقدم صورة واقعية لحياة الصعيد في جنوب مصر، بعيدا عن لغة الاصطناع والتقمص الباهت التي وقعت فيه أعمال درامية وسينمائية كثيرة، اتخذت من الصعيد وقضاياه محورا لحركة الصراع الإنساني فيها.

ويرى كثيرون من النقاد والفنانين أن الدراما الصعيدية، برزت على نحو لافت، إن لم يكن قد ولدت بشكل جديد على يد محمد صفاء عامر، فقبله لم تكن هناك دراما صعيدية بمعنى الكلمة، تجسد ثقافة الصعيد وعاداته وتقاليده وقضاياه، وطرائق مأكله ومشربه، ولغته ولهجته، بإيقاعها الحار الموار، الذي يعيش الحياة كنوع من الثأر للحفاظ على قيم الشرف والعدل والكرامة، فهو الوحيد الذي رسخ لهذه الدراما وجعل لها رصيدا في ذاكرة المشاهد المصري وسط دراما القاهرة التي تصب على أبنائها فقط.

وفنيا تميزت دراما محمد صفاء عامر بمقومات تفرد شديدة، سواء في لغة الحوار المستخدمة، والتي جعلت كثيرا من المشاهدين يرددونها بمحبة واحترام للهجة الصعيدية، التي طالما ارتبطت في وجدان المصريين بمفارقات المزاح والنكتة.

وفي كل أعماله نوع الراحل من نسجه لقصص وحكايات درامية لم تقتصر فقط على أهل الصعيد من الألف إلى الياء، بل امتدت لتشمل المحيط القاهري، ومحافظات أخرى في الشمال، فقد ربط في مسلسل «ذاب الجبل» بين واقع الصعيد وبين القاهرة، وفي سياق علاقة حب بين البطلة «وردة»؛ ابنة عائلة هوارة، الفتاة الصعيدية المتعلمة التي هربت من الصعيد لتتزوج ممن تحب وتعيش حياة القاهرة.

تكرر الأمر نفسه في مسلسل «الضوء الشارد»، حيث مزج فيه بين البطل «فارس» الفتى المدلل لدى أمه الصعيدية، والذي يتزوج من فتاة بسيطة تدعى «فرحة» في القاهرة، ويشاء القدر أن تذهب هي بعد ذلك لتستكمل حياتها بالصعيد. وتنوع هذا الجسر الفني الذي يربط شمال وجنوب مصر، دراميا وواقعيا في مسلسلات «أفراح إبليس»، و«حق مشروع» و«مسألة مبدأ»، وغيرها.