مصر: الأوضاع السياسية والأمنية تهدد بمنع انعقاد المهرجانات الفنية المقبلة

معرض في هامبورغ يحكي دور الصورة ووسائل الإعلام الجديدة في الثورة المصرية

إحدى قاعات المتحف تعرض مجموعة من الصحف التي تسجل أحداث الثورة (إ.ب.أ)
TT

تسببت الأزمة السياسية التي تلت فض اعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في العاصمة المصرية في ارتباك كبير طال كل الأحداث والمناسبات الفنية المصرية المقررة خلال الأشهر المقبلة، ما أدى إلى تأجيل بعضها وتفكير البعض الآخر في الإلغاء أو التأجيل.

فقد قررت دار الأوبرا المصرية تأجيل افتتاح الدورة السابعة لمهرجان الموسيقى العربية بمدينة الإسكندرية والتي كان مقررا افتتاحها مساء الخميس «لأجل غير مسمى لحين استقرار الأوضاع»، بحسب بيان رسمي عن المهرجان. وقال متحدث باسم دار الأوبرا المصرية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن المهرجان تم إلغاؤه ولن يعقد هذا العام، وإن الحديث عن التأجيل إلى أجل غير مسمى هو «مرادف للإلغاء» على حد قوله.

وكان من المقرر أن يستمر المهرجان وأن يحييه نجوم بينهم هاني شاكر وعلي الحجار ومدحت صالح ومحمد الحلو وإيمان البحر درويش وعازفا البيانو عمر خيرت وعمرو سليم وآخرون من مطربي دار الأوبرا المصرية. وتشهد مدينة الإسكندرية منذ صباح الأربعاء اشتباكات بين مؤيدين للرئيس المعزول من جانب ومعارضين له وقوات الأمن من جانب آخر، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى.

وقال الناقد المصري سمير فريد، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الألمانية، إنه لم يتقرر بعد إن كانت دورة المهرجان لهذا العام ستعقد في موعدها من عدمه، وإن اجتماعا لمجلس إدارة المهرجان ينعقد بكامل هيئته الثلاثاء المقبل لتقرير مصير الدورة الجديدة.

وفي الوقت نفسه، أصدر وزير الثقافة المصري صابر عرب الثلاثاء الماضي قرارا بتشكيل مجلس إدارة للمهرجان للمرة الأولى في تاريخه الممتد لنحو 40 عاما يضم ستة أعضاء يمثلون المؤسسات السينمائية الحكومية والأهلية في مصر وسبعة مخرجين معظمهم من جيل الشباب إضافة إلى رئيس المهرجان. وقال سمير فريد «الكثير من المعوقات تواجه المهرجان، بينها الأوضاع السياسية والأمنية، إضافة إلى الكثير من التفاصيل الفنية الخاصة بالأفلام المشاركة، والاتفاق مع الضيوف وأعضاء لجان التحكيم وضيق الوقت، والتي من المقرر أن يناقشها جميعا مجلس الإدارة ليقرر في اجتماعه مدى إمكانية عقد المهرجان هذا العام من عدمه»، على حد قوله.

ومن المقرر أن تقام الدورة السادسة والثلاثون للمهرجان في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل في حال إقرار مجلس الإدارة عقد الدورة الجديدة التي تواجه بوضع أمني وسياسي غير مستقر، وإعلان الحكومة الأربعاء فرض حالة الطوارئ لمدة شهر مقبل وحظر تجوال، مما يعني المزيد من القيود على حركة العاملين في المهرجان.

وأوضح رئيس مهرجان القاهرة السينمائي أنه لا يتوقع وجود أي تأثير للأوضاع السياسية على المهرجان «فحتى لو انقطعت العلاقات الدبلوماسية بين مصر وعدد من الدول المتوقع مشاركتها في المهرجان فإن ذلك لا يؤثر على العلاقات الفنية والثقافية على الإطلاق» على حد تعبيره. وأشار إلى أن المشكلة الأكبر أنه تسلم رئاسة المهرجان قبل أيام بينما لم يجتمع حتى الآن مع العاملين فيه أو يتعرف على ما لديهم من اتفاقات مع صناع أفلام أو ضيوف باعتبارها المكون الأساسي للمهرجان والتي من دونها لن يمكن أن يتم عقده بأي حال.

وكان المهرجان قد ألغي في عام 2011 بعد نحو 10 أشهر من ثورة شعبية أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك لأسباب أمنية، كما أقيمت الدورة الأخيرة في ظروف سياسية مشتعلة وألغي حفل الختام في دار الأوبرا بسبب احتجاجات كبيرة ضد إعلان دستوري مثير للجدل في ميدان التحرير القريب من مقر المهرجان.

ولا يملك أي من منظمي المهرجانات الفنية في مصر التي يعقد معظمها خلال الأشهر الأخيرة من العام عادة تأكيدا على عقد تلك المهرجانات من عدمه، حيث تفرض الأحداث السياسية نفسها على الواقع المصري وتحدد ما يمكن أن يعقد وما يجب أن يتم إلغاؤه لأسباب في معظمها أمنية.

وقال الناقد المصري الأمير أباظة، رئيس مهرجان الإسكندرية لسينما دول البحر المتوسط، إن إدارة المهرجان قررت بعد مناقشات مكثفة عقد الدورة الجديدة في موعدها المقرر مسبقا يوم 11 سبتمبر (أيلول) المقبل من دون تأجيل. وقال أباظة لوكالة الأنباء الألمانية إن «إدارة المهرجان عقدت اجتماعا مساء الأربعاء الماضي بعد إعلان الحكومة المصرية فرض حالة الطوارئ وحظر التجوال في 14 محافظة بينها محافظة الإسكندرية، حيث يقام المهرجان لتقرير مصير الدورة التي لم يتبق على موعد عقدها إلا أقل من شهر واحد، وإن الاجتماع انتهى إلى ضرورة عقد المهرجان في موعده مهما كانت الظروف».

ويعد مهرجان الإسكندرية السينمائي هو المهرجان المصري الوحيد الذي لم يتم إلغاء أي من دوراته منذ الثورة المصرية، حيث أقيم عامي 2011 و2012، ويرأسه شرفيا هذا العام النجم المصري محمود عبد العزيز، وتنظمه الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما في الفترة من 11 إلى 16 سبتمبر المقبل. وأضاف رئيس مهرجان الإسكندرية أنه تقديرا للظروف السياسية القائمة فإن المهرجان قرر إلغاء الاستعراضات والغناء في حفلي الافتتاح والختام، وأن يقتصر الحفلان على مراسم المهرجان من تكريمات وجوائز فقط، على أن تقام العروض والبرامج والندوات كاملة كما خطط لها.

وفي مدينة هامبورغ، افتتح أمس معرض «القاهرة.. أدلة جديدة على ثورة مستمرة» في متحف الفن والتجارة. ويدور المعرض حول البعث السياسي والاجتماعي لجيل من المصريين أصبح واضحا للعالم عندما بدأت الاحتجاجات الجماعية في ميدان التحرير في القاهرة في 25 يناير (كانون الثاني) عام 2011 وأصبح قوة رئيسة في المجتمع المصري. ويحكي الأحداث مجموعة من الفنانين والمصورين الفوتوغرافيين والنشطاء وأمناء المتاحف الذين قدموا الأحداث من وجهة نظرهم.

ويشارك في المعرض مجموعة من الشخصيات المعروفة في عالم الفن في العاصمة المصرية من بينهم الفنانة لارا بلدي وهبة فريد، بالإضافة إلى المصورين توماس هارويل وطارق حفني، والفنانة الناشطة ياسمينا متولي، والمخرج السينمائي فيليب رزق، والصحافيين روان الشيمي واليكس نانز. كما يبحث المعرض دور الصورة والشبكات الرقمية التي أسهمت في إثارة التمرد كما سجلت الأحداث ونشرتها حول العالم. ويصل عدد المشاركين في المعرض إلى 62 فنانا، من بينهم مجموعة من المصورين الفوتوغرافيين التقليديين وتقارير صحافية مصورة من صحيفة «الشروق»، وصور وأشرطة فيديو من هواة وأعمال فنية. كما يوجد حائط يحمل تغريدات وقصاصات صحافية.

وتجدر الإشارة إلى أن المعرض هو عملية تجريبية مستمرة التجديد، وتعبر عن العملية السياسية غير المنتهية ولا تمثل عملية منتهية، كما أوضحت إدارة المتحف. ولذا فإن الصور التي التقطت في أعقاب أحداث عزل الرئيس محمد مرسي ستظهر في المعرض.

وقد تم إعداد المعرض بالتعاون مع فنانين ونشطاء ومصورين من الوسط الفني المصري. ويهدف المعرض إلى فحص الدور التي لعبته الوثائق المصورة عبر شبكة الإنترنت، والتي أسهمت أيضا في إطلاق شرارة الثورة ونشرها حول العالم. ويركز المعرض على الاستخدامات المتنوعة للصورة والفيديو والصور التي التقطها المصورون المحترفون ولقطات الفيديو التي سجلها النشطاء وما يطلق عليه الصحافيون المدنيون والوثائق التي جمعها العديد من الفنانين.