السينما المصرية تفقد اثنين من عمالقتها

رحيل الناقد رفيق الصبان والمخرج توفيق صالح بعد حياة حافلة بالفن

رفيق الصبان و توفيق صالح
TT

خسرت السينما المصرية اثنين من عمالقة الفن، حيث وافت المنية الناقد السينمائي الكبير رفيق الصبان مساء أول من أمس (السبت)، ليرحل بعدها بساعات المخرج الكبير توفيق صالح. ورحل الصبان، الناقد والسيناريست، عن عمر يناهز 82 عاما وذلك بعد صراع مع المرض حيث أمضى أسبوعا في العناية المركزة بأحد المستشفيات المصرية، وكان يعاني من أزمة قلبية وتأخر في وظائف الكلى.

وقدم الصبان مشوارا طويلا مليئا بالأعمال الفنية، وبدأ مسيرته عن طريق المسرح السوري وأخرج عددا من الأعمال المسرحية هناك، وانتقل بعدها إلى مصر وكتب فيلم «زائر الفجر» عام 1972 لتبدأ عندها مسيرته السينمائية الطويلة التي امتدت لنحو 25 فيلما.

وأثار فيلم «زائر الفجر» ضجة كبيرة عند طرحه في صالات السينما ما اضطر السلطات في ذلك الوقت إلى منعه، وتواصلت بعدها مسيرته السينمائية الطويلة التي امتدت إلى نحو 25 فيلما و16 مسلسلا.

ومن أبرز الأفلام التي كتبها «الإخوة الأعداء» و«قطة على نار» و«ليلة ساخنة»، وآخرها «الباحثات عن الحرية» مع المخرجة إيناس الدغيدي. وعمل الصبان أستاذا لمادة السيناريو والنقد في معهد السينما، كما عرف لسنوات طويلة بكتاباته النقدية المهمة. وأصدر العام الماضي كتاب «السينما كما رأيتها».

ورحل المخرج توفيق صالح عن عالمنا، عن عمر يناهز الـ87 عاما، بعد رحلة من الأعمال السينمائية لم تكن كثيرة لكنها أثرت في السينما المصرية حيث قدم7 أفلام روائية طويلة و7 أفلام قصيرة، وكان أول أفلامه «درب المهابيل» عام 1954 والذي تعاون فيه مع صديقه الكاتب الراحل نجيب محفوظ كمؤلف للفيلم، وقدم فيلم «صراع الأبطال» ثم أخرج بعدها ثلاثة أفلام هي «المتمردون» عن قصة للصحافي صلاح حافظ، و«يوميات نائب في الأرياف» عام 1968 عن رواية بنفس الاسم للكاتب المسرحي والروائي الراحل توفيق الحكيم.

وكانت آخر أعماله السينمائية «السيد البلطي» عام 1969 عن قصة لصالح مرسي، ثم سافر إلى سوريا وقدم عملا فنيا واحدا وبعدها إلى العراق ثم عاد إلى مصر، إلا أنه توقف عن العمل تماما منذ ذلك الوقت، مكتفيا بعملة كأستاذ غير متفرغ لمادة الإخراج في المعهد العالي للسينما بالقاهرة.

وعن الراحلين قالت الناقدة ماجدة موريس لـ«الشرق الأوسط»: «رحل عن عالمنا عملاقان كبيران في السينما المصرية قدما الكثير للفن»، وبدأت الحديث عن الناقد رفيق الصبان قائلة: «صدمت بخبر وفاته فكانت تربطني به صداقه وبعائلته فالسينما المصرية افتقدت شخصية عاشقة للثقافة وللفن، بل تتلمذت على يده في منتصف السبعينات عندما كان مدرسا لمادة النقد في معهد السينما، فهو عاشق للكتابة عن السينما والدراما التلفزيونية أكثر من عشقه للحياة».

وأضافت أن «الصبان ظل يكتب حتى في محنته المرضية ولم يتوقف يوما واحد»، وقالت: «كتب عن الكثير والكثير من الأعمال الفنية لفترة وصلت إلى 40 عاما بجانب أعماله السينمائية وأشهرها (زائر الفجر) وغيرها من الأعمال المهمة»، وأوضحت: رغم أنه من أصول سورية إلا أننا كنا نعتبره مصريا. وأكدت أن مصر والعالم العربي والوسط الفني والثقافي فقدوا رجلا قدم الكثير للفن في مصر والعالم العربي ناقدا ومؤلفا وأستاذا أكاديميا وعاشقا لفن السينما.

كما نعت أيضا الراحل توفيق صالح، وقالت: «يعتبر صالح من جيل عمالقة المخرجين الذي رحلوا عنا كالمخرج عز الدين ذو الفقار وكمال الشيخ ويوسف شاهين، ورغم أن أعماله الفنية قليله إلا أنها من أهم الأعمال التي أثرت في السينما المصرية بل تعتبر من أهم 100 فيلم في تاريخ السينما بناء علي اختيار النقاد عندما أجروا استفتاء في فتره التسعينات».

وكشفت موريس أن صالح كان له وجهة نظر في قلة أعماله معتبرا أن الوجود ليس بكم الأعمال بل في تأثيرها في المجتمع وكان يرفض الأعمال السينمائية التجارية، وأضافت أن «كل ما قام به كان معبرا عن حقبة زمنية خاصة فترة ما قبل الثمانينات».

وعن حياته قالت: «كان صديقا مقربا من الراحل نجيب محفوظ وظل قريبا منه حتى وفاته بل دفن صالح بجوار مقبرته وكان من ضمن (شلة الحرافيش)، وعاش فترة زمنيه في سوريا بعد تولي السادات الحكم وإلغائه لمؤسسة السينما التي كانت المسؤولة عن إنتاج أعماله ثم اتجهت السينما إلى الخصخصة وإنتاج الأعمال التجارية الذي كان يرفضه، لذلك قرر الانتقال إلى سوريا واتهم وقتها من البعض بالخيانة لتركه بلده»، ثم أنتج فيلم «صراع الأبطال» هناك.