ماجدة الرومي: أعد نفسي بأن أغني قصيدة بمستوى ما يحدث

قالت: البحرين انتصرت على الشر بسلاح الحب والفن.. وقلبي مع مصر\

الفنانة ماجدة الرومي أثناء حفلها على المسرح الوطني بالبحرين مساء الأحد الماضي
TT

أشادت الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي بالبحرين أثناء حفل أقامته في المسرح الوطني بالمنامة، وقالت إن البحرين تمكنت من الانتصار على الشر، بفضل قيادتها التي استطاعت أن تحارب بسلاح الحب والفن.

وقالت ماجدة الرومي لـ«الشرق الأوسط» إن الجمهور التونسي أذهلها عندما أحيت حفلها، الأسبوع الماضي، على المسرح الأثري بحضوره المتميز، وتفاعله مع الحفل، على الرغم من الأحداث التي تمر بها تونس، كما قالت الفنانة اللبنانية إنها حزينة جدا لما يحدث بمصر، وقالت: «قلبي مع مصر، والمصريين».

ودعت الإعلام لمساعدة الفنانين للوصول إلى الناس لشحنهم وطنيا، ولفتح أبواب الأمل والخير أمام ما تشعر به من «اختناق من هذه الأوضاع».

«الشرق الأوسط» أجرت مقابلة حصرية مع الفنانة اللبنانية ماجدة الرومي، بعد الحفل الذي أقامته على مسرح البحرين الوطني، مساء الأحد الماضي، ثم قدمت الفنانة الرومي نخبة من أغانيها التي ركزت فيها على مواضيع الحب والسلام، معتبرة وقوفها على خشبة مسرح البحرين الوطني فرصة لإشاعة الحب في الأوطان العربية، خصوصا في ظل ما تعانيه معظم الأوطان العربية. وقد أشادت الرومي بجمالية المسرح الوطني وسعادتها حياء الحفل على خشبته.

* دور الفن في هذه الظروف التي تمر بها البلدان العربية؟

- أرى أن دور الفن في هذه المرحلة يجب أن يرمي لتحقيق موقف موحد، وأنا أدعو الفنانين أن يتجنبوا المواقف المتحيزة حتى ولو كانوا مقتنعين بها، نحن بحاجة لأصوات تجمع ولا تفرق وتأخذ صفا معينا.

* وهل من الممكن تحقيق هذا الأمر فعليا؟

- نعم، أرى أن هذا ممكن. أنا لي موقف شخصي من الأوضاع في لبنان لكن أومن أنه يجب أن يكون هناك موقف جامع، لذلك احتفظ بموقفي لنفسي، وأدعو للحوار، ولوحدة الصف ولتجنيب بلداننا الويلات، ولأن يبعدوا عنا السكين الذي وضع على رقابنا، وهذا دور الفنانين الآن.

* لماذا نرى انسحابا في الفترة الأخيرة من جل الفنانين تقريبا؛ فلا نشاطات، ولا حفلات، ولا حتى تصريحات بمواقف للرأي العام؟

- الجو العام ليس جو حفلات، وأنا الأسبوع الماضي كنت في تونس، ونحن نعمل في ظروف استثنائية صعبة.

وإرادة الحياة التي نصمم عليها هي التي تساعدنا على مواصلة الطريق، فرغم أنه بالتزامن مع حفلتي ذبح أربعة من الجنود بتونس، وكان هناك حداد عام وصدمة في تونس، وقبلهم اغتيال الشهيد محمد البراهمي، ولم تكن الأجواء تسمح بالحفلات الفنية أو بالغناء، لكن الإصرار جعل منا من يكمل ويعمل عكس التيار ويقف مع الواقفين للمدافعة عن النور تجاه الظلام.

* أقمتِ عدة حفلات في المسرح الدولي بتونس السنوات الماضية، هل أحسست أن الجمهور تغير، سواء من ناحية الحضور أو التفاعل؟

- نعم، تغير تفاعل الجمهور وأحاسيسه تجاهي أحسست أنها مضاعفة، لأن الناس مثلي يريدون أن يعيشوا الحياة؛ هم لا يريدون الحروب، الحفلة أثرت فيّ كثيرا، كما تأثرت بحفلة البحرين (حفلة مساء الأحد الماضي).

أنا أرى أن هذه البلدان مستهدفة، ويجب الوقوف في دائرة النور، وأن نقول: لا للشر والظلام، وأن نقول: «إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر».

وليس الوقوف الآن سهلا، وبكل صدق أنا مررت بحالة ذهول؛ في تونس إقبال الناس كان مميزا، وذلك بعد حادثة ذبح الجنود، حييت فيهم هذه الشجاعة، بعد أن كنت أتساءل: من الذي سيأتي؟ وأنا كانت حفلتي بعد الأيام الثلاثة الأولى من الحداد الوطني.. وقلت: بالتأكيد لن يفوق عدد الجماهير 50 شخصا، لكن المسرح كان ممتلئا، فتساءلت: من هؤلاء التونسيون الذين يمتلكون هذه الإرادة للتمسك بالحياة والأمل، فعلا أحييهم من كل قلبي، ومن كل قلبي غنيت بالحفل، وكانت قلوب الجماهير معي، وواجهنا الشر بكل الحب الذي نمتلك.

* بعض الدول العربية تعيش منعطفات قد تعيد تشكيل تاريخها من جديد، هل تعتقدين أن هذا الواقع سيعيد تشكيل الفن أيضا؟ وهل يمكن أن يغيره؟

- هذا أكيد.. نحن الآن نعيش فترة فوضى كبيرة، وإذا كانت هناك فوضى في المجال السياسي فهي أيضا تنعكس على كل المجلات وتحدث أيضا فيها الفوضى، فالكل مرتبط ببعضه، وهناك اضطراب مرهب، وأجواء سيئة بالفعل.

* مصر مثلت وبامتياز مهدا للفن العربي المعاصر، وكانت الرائدة ولعقود في مجال السينما، والغناء، والموسيقى، لكن ما يحدث اليوم في مصر، هل يمكن أن يقاوم الفن في مثل تلك الأجواء غير المستقرة؟

- قلبي مع مصر، قلبي مع المصريين، الله يعلم شعوري تجاه مصر.. إنها بلد لا يستحق ما يحدث له.. مصر بلد الفن، ومحترف للفنون الجميلة، ومعهد موسيقى وطرب، ومن المفترض أن تكون مفتوحة للسياحة.

أن يُطلق في مصر الرصاص فهذا لا يتناسب معها، الموضوع من الصعب جدا تقبله، والشعوب تمر بأزمنة صعبة، وبالنسبة لنا نحن في لبنان مررنا بأكثر من 30 سنة حرب، وإذا فكرنا؛ ما 30 سنة بعمر لبنان؟ لا شيء، نحن قد تنتهي أعمارنا، لكن بالنسبة لأعمار أوطاننا لا خوف عليهم أبدا.

فالأوطان تمر بمراحل صعبة ثم تستعيد عافيتها وتكمل طريقها، لكن نحن بالفعل شيء مؤسف؛ أن تمر من أيامنا ومن عمرنا يوم واحد اسمه حرب، وكل ساعة من الحياة تستحق أن نحياها بالحب والأمل، وليس بالحروب، وأنا آسفة فعلا، لكني أشعر بالاختناق من هذه الأوضاع.

* أشرت في حديثك أكثر من مرة إلى الحب والأمل؛ فهل ترين أن هناك أملا قريبا في تحسن الأوضاع في العالم العربي، وعودة الأنشطة الفنية لما كانت عليه؟

- لست أدري.. لكن بالفعل لم أعد أتحمل مشاهدة صور الأطفال وهم يُذبحون بسوريا، وأتساءل: أين ضمير العالم؟ وما الذي يحدث في هذه الدنيا؟ وأرى أن ما يحدث، بداية من لبنان وكل المناطق التي تخاض فيها حروب، لم يُصنع ليفوز أحد على آخر، لكن فقط للتناحر، وأن يتم تخريب البلدان، وهذا هو الهدف، ونحن نموت فداء من؟ فداء مصالح من يدير هذه الحروب، والذين أعينهم على ثرواتنا وقراراتنا، وعلى تمسكنا بأراضينا، وهذا يجعلنا نشعر بأننا مقيمون في مكان ليس لنا، بل لهم، في السياسة الدولية تأتي مداخلات من شخصيات يتحدثون بلهجة توحي بأننا نعمل لديهم، ويتدخلون بالسياسات الداخلية، ما الذي يحدث في هذا العالم؟ أنا أعرف أن سنة الحياة تسير نحو الأمام، وليس 1000 سنة للوراء، أحب من أحب، وكره من كره. ومن يحب الناس يجب أن يفتح أبواب الأمل والخير والنور.

* الغضب الكبير والحزن العميق الذي عبرت عنه، هل يمكن أن يخلق فنا عظيما؟

- نعم، أنا أرى هذا، ويجب أن نستعد لمرحلة نقف فيها، مثلما وقف الفنانون الكبار بالأزمنة الماضية، من العراق لفلسطين للبحرين لتونس، إلى مصر إلى سوريا ولبنان، هذه البلدان التي تسكن قلبي ونفسي، وأتمنى أن يمنحني الله فرصة لأغني قصيدة بالمستوى التي تمكنني من محاكاة الحدث من موقعه، وهي قصيدة يجب أن أبحث عنها بدقة، ويجب أن يساعدنا الإعلام للوصول إلى الناس، وأن نشحنهم وطنيا.

أشعر أنه حتى وطنيتنا وهويتنا تسرق منا، وحتى تعلقنا ببلداننا وأوطاننا، وهذا وحده هدف من؟ كنا نرى خمسة قتلى، فنصدم للأمر، ثم أصبحنا نرى عشرة، ثم مائة مثل واحد، كيف وصلنا لهذه المرحلة؟! هؤلاء الأطفال الذين يُذبحون، ولا أحد يرفع صوته ويثير الأمر. إن هذا فعلا مؤلم ومؤسف، وأعد نفسي قبل أن أعد أي شخص آخر بأنني سأغني قصيدة بمستوى ما يحدث، وحيثما أُدعى لأشهد للنور سأشهد، ولا يهمني من يغضب، وإذا مت يوما سيكون موتي فداء قضية يكون فيها إنسان يتألم، فيكون لموتي معنى؛ الإنسان المتألم من لبنان لسوريا لمصر والبحرين، وتونس والعراق وفلسطين. إذا مت فداء لشخص واحد فقط بوقفتي، فهذا يرضيني.