اليونان تحذر من التفاؤل بخصوص العثور على قبر الإسكندر المقدوني

عمليات تنقيب شمال أثينا ربما تكشف مكان قبر زوجته روكسانا

المكان الذي اكتشفه علماء الآثار في أمفيبوليس (شمال اليونان) ويعتقدون أنه يحتوي على رفات زوجة الإسكندر وابنه. كما يعتقد أن المكان يحتوي على رفاته أيضا
TT

أعلنت وزارة الثقافة اليونانية أمس الجمعة أنه من السابق لأوانه التكهن بما إذا كان قد تم العثور على رفات الإسكندر الأكبر في تل قديم صناعي يشهد حاليا عمليات تنقيب في شمال البلاد.

وكانت وسائل الإعلام اليونانية قد ذكرت أن المقبرة التي اكتشفها خبراء الآثار في كاستا بالقرب من بلدة أمفيبوليس بإقليم سيريس (600 كيلومتر شمال أثينا) هي المقبرة الملكية لروكسانا زوجة الإسكندر الأكبر الذي كان يعيش في القرن الرابع قبل الميلاد، وابنه.

وأفادت بعض التقارير بأن المقبرة ربما تكون للإسكندر نفسه.

وقالت وزارة الثقافة في مؤتمر صحافي: «من المؤكد أن ما تم العثور عليه في امفيبوليس مهم للغاية، لكن ربط الموقع بشخصيات تاريخية محددة دون تبرير علمي، أمر محفوف بالمخاطر».

وكانت العديد من مواقع الإنترنت اليونانية قد ربطت بين عمليات التنقيب الجارية وقبر الإسكندر الأكبر، الذي يعتقد أن قبره موجود في مصر، ولا سيما في مدينة الإسكندرية التي أسسها وتحمل اسمه، وقد شعرت وزارة الثقافة، وبصفة خاصة الإدارة العامة للتراث الثقافي، بأن عليها تهدئة الأمور. إلا أن الوزارة اعترفت أن الحائط الرخامي الذي يمتد لمسافة خمسمائة متر ويصل ارتفاعه إلى ثلاثة أمتار الذي تم العثور عليه، ذو أهمية آثارية كبيرة.

وقد شهدت مدينة الإسكندرية المصرية العديد من محاولات البحث عن قبر الإسكندر، معظمها محاولات قام بها أفراد هواة.

والإسكندر الثالث المقدوني المعروف باسم الإسكندر الأكبر هو أحد ملوك مقدونيا، ومن أشهر القادة العسكريين والفاتحين. وقد ولد في مدينة بيلا عاصمة مملكة مقدونيا التي كانت تابعة للإغريق في نحو عام 356 قبل الميلاد. وكان أستاذه الفيلسوف الشهير أرسطو حتى بلغ عمره السادسة عشرة.

خلف الإسكندر والده الملك فيليب الثاني المقدوني الملقب بـ«الأعور» على عرش مقدونيا عام 336، إلا أنه حصل على حق قيادة جيوش بلاد اليونان كلها. وأتاح له ذلك أن يحقق أهدافه التوسعية. وكانت أولى حملاته حملته على بلاد فارس، فطردهم من آسيا الصغرى، وبعد عشر سنوات من المعارك تمكن من تحطيم الإمبراطورية الفارسية وأطاح بالشاه الفارسي داريوش الثالث واستولى على كامل مملكته. وعندما بلغ الثلاثين من عمره كان قد أسس إحدى أكبر الإمبراطوريات في العالم القديم امتدت من سواحل البحر الأيوني حتى سلسلة جبال الهيمالايا شرقا، ولم يهزم في أي معركة على الإطلاق.

وتوفي الإسكندر في مدينة بابل العراقية سنة 323 قبل الميلاد بعد تراجعه من محاولة غزو الهند بسبب تمرد في الجيش. ويقال إنه توفي لإصابته بالمالاريا أو التيفويد. غير أن إمبراطوريته انهارت بسبب الحروب الأهلية التي نشبت بين قادة جيوشه الذين استقل كل منهم بمنطقة من المناطق التي خضعت لسيطرة الإسكندر.

وقد تزوج الإسكندر ثلاث مرات، أشهرها زواجه بروكسانا بين عامي 327 و323 قبل الميلاد.

ويوضح موقع «ويكيبيديا» أنه رغم تلك المعارك وتفتيت الإمبراطورية فإن الإسكندر ترك وراءه تمازجا ثقافية، فقد نجح في خلط الثقافة الإغريقية الهلينية بالثقافات الشرقية، كما أسس أكثر من عشرين مدينة تحمل اسمه، أبرزها وأشهرها مدينة الإسكندرية المصرية.

وقد شاهدت مدينة الإسكندرية التي أسسها الإسكندر الأكبر العديد من عمليات التنقيب بحثا عن قبره، بعضها رسمية والبعض الآخر قام بها عدد من الهواة المهووسين بالعثور على القبر، لعل أشهرها محاولة استيليو كوميتسوس الجرسون السكندري اليوناني الذي تمكن في الستينات من الحصول على تصريح بالبحث والحصول على تمويل لدفع تكاليف عملية التنقيب، إلا أن محاولته باءت بالفشل وتناولته وسائل الإعلام آنذاك بشيء من السخرية وتوقفت عمليات التنقيب.

وقد أسس الإسكندر المقدوني مدينة تقع على تقاطع طرق بين الحضارات العظمى في العالم القديم في عام 332 قبل الميلاد عندما هزم الإسكندر الفرس الذين كانوا يحكمون مصر. وأثناء وجوده في مصر شاهد قرية صيد صغيرة إلى جوارها بحيرة مياه عذبة. فأمر ببناء مدينة جديدة تحمل اسمه. وطوال ثلاثة قرون بين موت الإسكندر والسيطرة الرومانية كانت الإسكندرية تحتل موقعا قياديا بسبب قوتها الاقتصادية ومكانتها الثقافية، ولا سيما المكتبة التي كانت تحمل اسمها والتي كانت أعظم المواقع الثقافية والحضارية في العالم القديم، إلا أن كل تلك المراكز الثقافية والقصور اختفت ولم تعد موجودة.. الاعتقاد السائد أن الإسكندرية القديمة دمرت.

وشهدت المدينة بعض المحاولات الأخرى، إلا أنها باءت بالفشل هي الأخرى، فهل تؤدي عمليات التنقيب الجارية في اليونان الآن إلى تحقيق حلم العديد من الباحثين الهواة والأكاديميين، أم يظل لغزا؟