الأوبرا المصرية تحتفل بيوبيلها الفضي في مقرها الجديد

يتضمن احتفالا خاصا بـ«فيردي» وعرضا لأوبرا «عايدة»

دار الأوبرا المصرية
TT

تستعد دار الأوبرا المصرية للاحتفال بمرور 25 عاما على افتتاح مبناها الجديد بأرض الجزيرة بحي الزمالك بالقاهرة، والذي انتقلت إليه بعد احتراق مبناها القديم بجوار سور الأزبكية بوسط العاصمة المصرية في سبعينات القرن الماضي.

وأكدت الدكتورة إيناس عبد الدايم، رئيسة دار الأوبرا، أن الدار ستشهد خلال الفترة القادمة تفعيل قوتها الناعمة من خلال فنونها المختلفة وهي اللغة العالمية التي تتحدثها كل شعوب الأرض، وتعد من أفضل الوسائل للتعامل مع ثقافات الآخر في حوار الحضارات والثقافات.

وتترقب الأوساط الثقافية والفنية احتفالات الأوبرا كعرس خاص لانتصار الثقافة المصرية على محاولات أخونتها من قبل النظام السابق، وتفريغها من طاقتها الحية كقوة داعمة للوعي والوجدان العام، وذلك عبر تعيين وزير ثقافة مؤيد لجماعة الإخوان المسلمين، أطاح بكوادر وقيادات الوزارة، ومن بينهم رئيسة الأوبرا نفسها، وهو ما جعل المثقفين والفنان المصريين يستولون على مقر الوزارة ويعتصمون به لمدة 45 يوما وحتى 30 يونيو (حزيران) الماضي، والذي دشن للإطاحة بحكم الإخوان. ورشحت عبد الدايم بقوة لتولي حقيبة وزارة الثقافة في حكومة النظام الجديد، لكن تمت إعادة النظر في الأمر في اللحظات الأخيرة.

واستهل وزير الثقافة الدكتور صابر عرب عمله بعد عودته لمنصبه بإعادة عبد الدايم لعملها كرئيسة لدار الأوبرا، واصطحبها في مظاهرة ثقافية إلى مكتبها بالدار. وقالت عبد الدايم - في تصريحات صحافية بهذه المناسبة - إنه يجري حاليا إعداد برنامج مميز بمناسبة بمرور 25 عاما على افتتاح دار الأوبرا، حيث تم إدراج احتفالية عام «فيردي»، وهو الموسيقار الإيطالي الشهير صاحب أوبرا «عايدة» التي رافقت افتتاح الأوبرا في عام 1869، وذلك ضمن برنامج الاحتفال هذا العام، والذي يتواكب مع مرور 200 عام على وفاته.

وأضافت أنها ناقشت مع السفير الإيطالي في القاهرة مورتيسيونا ناساري تفاصيل الاحتفال بعام فيردي، مشيرة إلى أن الاحتفالية ستتضمن مجموعة من أهم مؤلفات فيردي وأشهرها «أوبرا عايدة»، إلى جانب عرض لمقتنيات فيردي الشخصية يقام بمقر سفارة إيطاليا في القاهرة، إضافة لمعرض آخر يضم مجموعة من الصور الفوتوغرافية النادرة للموسيقار العالمي يقام في قاعات الفنون التشكيلية بدار الأوبرا.

وأوضحت عبد الدايم أن السفير الإيطالي أكد لها أنه تم توجيه الدعوة لحفيد الموسيقار العالمي فيردي لحضور المؤتمر الصحافي الذي ستعقده دار الأوبرا قبيل انطلاق الفعاليات، وكذلك حضور العرض الافتتاحي لأوبرا «عايدة» الذي سيقام خلال شهر سبتمبر (أيلول) المقبل. وأشارت رئيسة دار الأوبرا إلى أن فيردي كان عاشقا للحضارة الفرعونية القديمة في مصر، وكان ذلك أحد الدوافع المهمة لديه وهو يكتب موسيقى «عايدة» التي تعد من أهم الأعمال الموسيقية في تاريخ الأوبرات العالمية.

يشار إلى أن دار الأوبرا المصرية والمعروفة رسميا باسم «المركز الثقافي القومي»، تعتبر المكان الرئيس والأهم في استضافة الأحداث الثقافية في مصر. وتضم أرض الأوبرا عددا من المراكز الثقافية المهمة، منها مسرح الهناجر، وبه مسرحان للعروض المسرحية، وقاعة كبيرة لمعارض الفنون التشكيلية، ويجاور الهناجر مركز الإبداع، وبه قاعة للعروض السينمائية، كما يجاورها مقر المجلس الأعلى للفنون والثقافة. وعلى أرض الأوبرا يقع قصر الفنون، وهو أهم مكان لمعارض الفنون التشكيلية بمصر، وعلى جانبيه تقع المكتبة الموسيقية، ونقابة التشكيليين المصريين.. ويجاورها المتحف المصري الحديث، والذي يضم كما هائلا من أعمال الفنانين التشكيليين من مختلف الأجيال الفنية في مصر، وبالأوبرا يقع مبنى القبة السماوية التاريخي.

وأنشأ الخديو إسماعيل الأوبرا المصرية في عام 1869، وتم افتتاح «دار الأوبرا الخديوية» مع احتفالات افتتاح قناة السويس، وبناها معماريون ومهندسون من إيطاليا في خلال ستة أشهر. وفي فجر 28 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1971 التهمها حريق هائل، وظلت مصر طيلة 15 عاما بلا أوبرا.

وفي 10 أكتوبر 1988 افتتح الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والأمير «توموهيتو ميكاسا» شقيق إمبراطور اليابان الأصغر «دار الأوبرا المصرية» في مبناها الجديد، وشهد حفل الافتتاح عرضا كبير لفن «الكابوكي» الياباني. وقام بإنشاء مقر الأوبرا الجديدة معماريون ومهندسون يابانيون بمعاونة مهندسون مصريون، وقدمته اليابان هدية للشعب المصري.

اتسم التصميم الجديد للأوبرا بالطابع المعماري الإسلامي الحديث، وتشمل مساحة الإنشاءات نحو 23 ألف متر مربع، بينما يقع المبنى ذاته على مساحة تقارب 14 ألف متر مربع، بارتفاع 42 مترا، ويتميز الموقع بالقرب من نيل القاهرة، مما أسهم في تنوع وكثرة الأشجار في الحديقة المحيطة به.

واستغرق العمل في المقر الجديد عاما ونصف العام، لتكون مصر بذلك هي أول دولة في المنطقة تقيم دارا للأوبرا مرتين في عقد واحد من الزمان. وتضم الأوبرا الحالية 3 مسارح هي الكبير والصغير والمكشوف. ولعبت الأوبرا منذ افتتاحها دورا مهما في إثراء الحركة الفنية في مصر، حيث تضم فرقة باليه أوبرا القاهرة وأوركسترا القاهرة السيمفوني والفرقة القومية للموسيقى العربية وفرقة الرقص المسرحي الحديث، وتقيم الأوبرا صالونات ثقافية ومعارض فن تشكيلي ومهرجانات موسيقية صيفية لفرق الهواة، كما تعرض أعمال كبار الفنانين والفرق العالمية باتجاهاتها المختلفة.

ويختص المسرح الكبير بدار الأوبرا بالعروض الأوبرالية والغنائية الضخمة وجميعها تكون رسمية، وهو مؤمن ضد الحرائق ويسع 1200 مقعد، ويختص المسرح الصغير بعرض الندوات والأمسيات الثقافية وكذلك العروض الفنية الصغيرة وغير الرسمية ويسع نحو 500 مقعد. أما المسرح المكشوف فهو خصص للعروض الصيفية والشبابية وتبلغ سعته نحو 600 مقعد وقد تمت عليه عروض محلية وعالمية عديدة.