ابنة أبيها

يوميات مهرجان «فينيسيا» السينمائي الدولي 5

سام فولر وابنته سامانتا
TT

قالت وقد ترقرق الدمع في عينيها: «والدي قتل أناسا» سألتها عما إذا كان ترك في مذكراته أو أوراقه أو أي من أفلامه ما ينبئ بأنه تغير بعد عودته من الحرب، فقالت: «لا أستطيع أن أؤكد، بل أتوقع أنه فعل. والدي حارب مجندا لأربع سنوات، ولا بد أن ذلك ترك أثرا ما في شخصيته».

إنها سامانتا فولر تتحدث عن أبيها المخرج سام فولر. لقد وصلت إلى مهرجان فينيسيا لغاية عرض فيلم قامت بإنتاجه وإخراجه عن والدها وذلك في قسم «فينيسيا كلاسيكس». فيلم تقول عنه إنه نتيجة رغبتها في إحياء ذكرى أبيها الذي ولد قبل 100 سنة:

«دخلت غرفته قبل نحو عام وجلست أنظر إلى كل تلك الأفلام المحفوظة جيدا في مكتبه.. عادة ما أدخل تلك الغرفة لأنفض الغبار عنها، لكن في تلك المرة فكرت في أن أفضل طريقة للاحتفاء بمولده هو تحقيق هذا الفيلم عنه».

العنوان هو «حياة فولر» A Fuller Life، لكن في العنوان لعبة بالطبع، فكلمة Fuller اسم العائلة بالطبع، لكنها تعني «أكمل» أو «أكثر امتلاء».. أيضا «أحاول أن أقدم حياته السينمائية بإيقاع سريع يشبه إيقاع أفلامه».

مات فولر في عام 1997 عن 97 سنة بعد أن أنجز نحو 30 فيلما. وبدأت مسيرته كاتبا للسيناريو سنة 1936، ثم عمد إلى إخراج أول أفلامه «قتلت جيسي جيمس» سنة 1949. وفي الفترة ما بين 1943 و1949 خدم خلال الحرب العالمية. وتكشف ابنته أنه كان في الفوج الثالث من الجنود الأميركيين الذين غزوا نورماندي.

كان يمكن أن يُقتل. كثيرون سقطوا برصاص الجيش الألماني الذي كان منتشرا على ذلك الساحل الفرنسي، لكن سامويل فولر نجا، وأول ما عاد إلى هوليوود قام بتحقيق الأفلام. عملان من نوع الـ«وسترن»، ثم فيلمان من النوع الحربي (هما «الخوذة المعدنية» و«الحراب الثابتة») سجل فيهما إيقاع الحياة تحت القصف.

لكنه امتنع عن تحقيق مزيد من هذه الأفلام، وعاد إلى الـ«وسترن»، وعمد إلى البوليسي طويلا إلى حين قام سنة 1980 بتحقيق The Big Red One بطولة لي مارن: «فيلم أكثر انتماء لشخصيته ولذكرياته من فيلميه السابقين».. تقول ابنته: «لم يسرد سام قصة حياته، وليس موجودا في أي شخصية واحدة من شخصيات الفيلم.. إنه موجود فيها جميعا».

حين سألتها عن نفسها، اكتفت بالقول: «أنا آخر العنقود. ليس لدي أشقاء أو شقيقات. لكن لدي ابنة في الخامسة عشرة من العمر. حين كانت لا تزال طفلة، فاجأتني بتصرفات ذكرتني بوالدي. كان والدي يقبض على ساعد من يتحدث معه وهو يروي حكاية ما. ابنتي التي لم تشاهده صغيرة، تفعل ذلك. هي أيضا تكتب باليد اليسرى، وأبي كان يكتب باليد اليسرى كذلك».

سامانتا (ولاحظ أن الأحرف الثلاثة الأولى تشكل اسم أبيها الأول) لم تنجز فيلما من قبل، لكنها تقول إنها ستنطلق من هذا الفيلم لتحقيق أعمال أخرى. لا تدري كيف، ولا ما هي بعد: «أحببت السينما منذ طفولتي». لعبت دورا في فيلم لأبيها كان من بين آخر ما حققه وهو «كلب أبيض»، (1982) وبعده ظهرت في حفنة من الأفلام ممثلة. وهي ليست الوحيدة التي تقدر أباها إلى حد صنع فيلم تسجيلي حوله؛ بل كل أولئك الممثلين والمخرجين الذين كانوا مستعدين للحديث في الفيلم عنه؛ ومن بينهم الألماني فيم فندرز والأميركيون مونتي هلمان وجيمس توباك وجو دانتي وويليام فريدكن وبيل ديوك وجيمس فرانكو وجنيفر بيلز، وآخرون.