سبعة مخرجين يتحدثون عن أفلامهم

بينهم أميليو وفرانكو وستيفن فريرز

جياني أميليو و جيمس فرانكو و ستيفن فريرز
TT

* مهرجانات السينما التي بحجم هذا المهرجان، هي محطات لقاء يؤمها المخرجون العاملون؛ سواء أكانت أفلامهم معروضة في المسابقة أو خارجها. كل فيلم له مخرجه (وفي أحيان قليلة له أكثر من مخرج) ولكل مخرج رؤيته والغاية التي دفعته لاختيار الموضوع الذي قام بتقديمه على الشاشة.

بالنسبة لمهرجان فينيسيا الحالي، فإن الوجهة غير التجارية للمهرجان ثابتة، مما يمنح المخرجين جوا رحبا يشعرون فيه أنهم يحتلون الصدارة، أكثر مما يفعل الممثلون، باستثناء النجوم منهم بالطبع. خلال الأيام التسعة الماضية، التقت «الشرق الأوسط» بكثير من المخرجين الموجودين. بعض هذه اللقاءات كان محض صدفة، وبعضها نتيجة اتصالات. وكان من البدهي أن يسعى هذا الناقد لتوظيفها فيما يخدم القاري. بعض اللقاءات كانت سريعة ولم تتسع إلا لسؤالين، وبعضها الآخر كان رحبا، لكننا وانسياقا مع المقابلات القصيرة اخترنا منها سؤالين. المحور هنا المخرج وكيفية قراءته للفيلم الذي قام بتحقيقه.

* جياني أميليو: «بطل وحيد» (إيطاليا):

* يتخذ فيلمك نبرة كوميدية حينا ثم دراميا حينا آخر.. لماذا؟

- حين بدأت الكتابة كانت الغاية تحقيق فيلم كوميدي، لكن المادة ذاتها جادة عن رجل طيب القلب ووحيد في عصر مزدحم لا يلتفت إلى الوراء ولا إلى المنسيين مثله. هذا الوضع لم يتغير خلال التصوير. أردته تماما كما رأيته. كوميديا ودراميا ولم أكترث بما إذا كان المشاهد سيعتبره كوميديا في المقام الأول أو العكس.

* عنوان الفيلم الإيطالي يختلف عن الإنجليزي.. لماذا؟

- لذلك علاقة بمجلة «كوميكس» إيطالية كنت أقرأها وأنا صغير، اسمها «باسل» (L›intrepedo) لكن بالإنجليزية وجدنا أن العنوان لن يعني الكثير، فكان لا بد من التغيير. بالنسبة لي فإن الشخصية التي يمثلها أنطونو ألبانيز باسلة. بطلة حقيقية لكن كشأن أبطالي جميعا فإن بطولاتهم ليست ظاهرة.

* جيمس فرانكو: «طفل الله» (الولايات المتحدة):

* شخصيتك الرئيسة تصطدم بالعوائق حين تحاول التواصل مع الآخرين.

- هذا هو المقصود تماما. لقد اقتبست رواية الكاتب كورماك مكارثي وهي تتحدث عن صعوبة التواصل مع الآخر بالنسبة لبطله. هذا الموضوع وجدته مهما، لأن بعضنا يدرك أنه يريد الخروج من وحدته ويعرف أنه من الضروري أن يفعل ذلك، لكنه لا يعرف كيف، وحين يخطئ، فإن النتيجة هي المزيد من العزلة.

* تعتمد الكاميرا المحمولة.. هل تراها أفضل تعبيرا؟

- أعتقد أنها مناسبة لهذا النوع من القصص. القصة وشخصيتها تفرض شكل التعامل معها. حين قررت تحقيق هذا الفيلم استبعدت تلقائيا أن أعمد إلى أسلوب سرد متداول، وقررت أن كاميرا بلا منهج تقليدي هي ما يناسب ما أقوم بعرضه. يناسب الوضع المهزوز للشخصية ذاتها.

* إدغار رايتز: «شظايا وطنية: النساء» (ألمانيا):

* الذي تردد بعد عرض فيلمك هذا هو أن أسلوبك المختار أكثر تعقيدا مما يجب.. هل توافق؟

- بالطبع لا أوافق. لا أرى أي تعقيد، بل أرى أن الذي يقول ذلك لم يكن عليه أن يشاهد هذا الفيلم، بل فيلم آخر. هذا الفيلم بالنسبة لي تعليق اجتماعي على وضع ساد في القرن التاسع عشر. وأنا اخترت تقطيع المادة إلى فصول على النحو الذي شاهدته. وعندي أنه لا تستطيع أن تلغي هذه الفصول لأنها إشارات لمراحل أساسية.

* هناك شخصيات كثيرة في هذه القصة، لكنك اخترت التركيز على شخصين فقط يشكلان البطولة.. لماذا؟

- لأنه على الرغم من مدة العرض التي تصل إلى 230 دقيقة، كان مطلوبا مني أن أخلق قلبا لهذا الموضوع حول هجرة كثير من الألمان إلى أميركا الجنوبية في القرن التاسع عشر. جاكوب وأخوه في رأيي يختزلان الباقين، لأنهما يحلمان بالسفر ويدركان أن الحلم هو ما سيجعلهما قادرين على تحويل الحلم ذاته إلى واقع.

* لي سانغ - إل: «غير المسامَح» (اليابان):

* لماذا اخترت فيلم كلينت إيستوود هذا لكي تقوم بإخراجه كفيلم ياباني؟

- من بين كل أفلام إيستوود وجدت أن هذا الفيلم حول المقاتل الذي يريد أن يتخلى عن ماضيه العنيف، لكن ماضيه العنيف لا يريد التخلي عنه، يحمل كثيرا مما يمكن طرحه من جوانب. أنا معجب بهذا الفيلم كثيرا، لأنه يتحدث عن هذا الموضوع تحديدا. بطلي (كن واتانابي) مثل إيستوود، نبذ العنف وعاش وحيدا في مزرعة صغيرة، لكن الماضي عاد إليه ليثبت أن حياته السابقة لا يمكن لها أن تغيب. هو مسؤول عنها. نحن جميعا مسؤولون عن أعمالنا السابقة التي قد تعود فتهيمن على مستقبلنا.

* شعرت أنك تريد أيضا التعليق على الحاضر؟

- نعم، هذه ملاحظة صحيحة، لأن القصة يمكن لها أن تقع اليوم وهي تقع بالفعل. الكثير من العنف في هذا العالم ناشئ عن كثير من العنف الذي ساد البشر كافة في كل مكان. كل ما عليك هو أن تستبدل المكان والزمن لتجد أن القصة ذاتها تقع اليوم مع أفراد ومع مجتمعات.

* ستيفن نايت: «لوك» (بريطانيا):

* فيلم حول شخص واحد يقود سيارة لساعة ونصف الساعة. هذا تحدٍّ.

- نعم. هذا بالتأكيد تحدّ صعب قررت أن أخوضه ليس فقط لأني أحب التحديات، بل أيضا لأن الحكاية كان لا بد لها أن تقع كما نشاهدها. أقصد أنه حين نتحدث عن ابتداع معالجات جديدة، فإن على المخرج أن يسعى لإيجادها وقبول صعابها.

* الكاميرا منصبة على الشخصية التي يؤديها توم هاردي.. هل كانت لديك مخاوف من أن يفتر اهتمام المشاهد بالعمل بسبب ذلك؟

- فهمت الفيلم على أساس أن عليه أن يجبر المشاهد على متابعة ذلك الشخص الذي يحاول حل مشكلاته العاطفية والآنية عبر الهاتف مع الآخرين. أعتقد أننا نصبح أكثر ولوجا لعالم هذه الشخصية بجعل الكاميرا تنصب عليها من دون أن تجفل. المعادل الوحيد الذي كان عليه أن أضمنه هو الممثل الذي يستطيع أن يتصرف بثقة وبحماس شديد طوال الوقت، وتوم هاردي أمن ذلك بلا ريب.

* شون جيليت: «خائنات» (المغرب/ الولايات المتحدة):

* لماذا فيلما بموضوع مغربي؟

- تزوجت من مغربية منذ خمس سنوات، وأعيش الآن في مدينة طنجة، ولذلك كان طبيعيا أن أقوم بتقديم حكاية تقع في إطار المجتمع المغربي، ولو أن الأحداث تدور في مدينة مراكش. أفهم المجتمع وأعرفه، وإلا لكانت المهمة مستحيلة.

* «خائنات» فيلم حول فتاة قوية الإرادة تعرض نفسها للخطر في سبيل إنقاذ مستقبل فتاة أخرى. هو فيلم مؤلف، لكنه يعتمد كثيرا أيضا على الممثلة شيماء بن عايشة.. هل توافق؟

- جدا. لو لم تكن في الفيلم لكان علي البحث عن ممثلة شابة أخرى تستطيع أن تجسد الشخصية التي أريد. وأنا محظوظ أنها كانت حاضرة لي. فيلم كهذا كان لا بد له من أن يرتكز على شخصية فتاة عنيدة تقوم، لأجل جمع المال اللازم لتسجيل «برومو» لأغنيتها، من أن تقوم بتلك المخاطرة. أعتقد فتاة ضعيفة الشأن كانت ستعني فيلما آخر بكل تأكيد.

* ستيفن فريرز: «فيلومينا» (بريطانيا):

* ما دوافعك لفيلم «فيلومينا»؟ هل تكمن في حكاية المرأة التي تبحث عن ابنها، أو الصحافي الذي يبحث عن وظيفة؟

- الدوافع تتلخص في أنني أولا رغبت في العمل مع الممثلة جودي دنش مرة أخرى. إنها جوهرة للعمل معها. والموضوع أيضا جذبني على الصعيدين المذكورين، شخصيتها وشخصية الصحافي الذي عادة لا يقوم بمثل هذه التحقيقات لكنه شعر بأنه ربما استطاع مساعدة هذه المرأة التي تشكل حالة خاصة لم يعتد عليها من قبل، وبذلك أوجد لنفسه دورا في الحياة كان بدأ بالبحث عنه بعدما توقف عن عمله التلفزيوني السابق.

* هل قابلت فيلومينا الحقيقية؟

- بالتأكيد. لقد التقيت بها أكثر من مرة، ووجدتها امرأة رائعة وقوية ومباشرة من دون التواء. مستقيمة كالسهم. هذه هي الملامح الأساسية التي جذبتني إلى شخصيتها. ذات مرة طلبت أن تحضر التصوير ووافقت على طلبها في اليوم الذي كنا نصور فيه مشهدا مهما. وقفت هناك تنظر إلى ما يدور. على الرغم من كل ما حدث لها كانت لا تزال على قدر كبير من الإيمان.