«الرقمية» تنقذ «مهرجان بيروت الدولي للسينما»

أعلن عن مشاركة 77 فيلما في دورته الـ13

من فيلم ذي ايميجرانت لجيمس غراي
TT

«مهرجان بيروت الدولي للسينما» سينعقد هذه السنة في دورته الثالثة عشرة، متخطيا كل الصعوبات. بل إن المهرجان لن يكتفي ببعض الأفلام وبصيغة مختصرة، كما كان الحال العام الماضي، تحسبا لأي طارئ أمني، بل سيصل عدد أفلامه 77 فيلما، غالبيتها متميزة وستكون متعة للجمهور.

وبدت مديرة المهرجان كوليت نوفل متفائلة ومتحمسة للغاية، خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في فندق «لو جراي» وسط بيروت، ظهر أول من أمس الثلاثاء، معتبرة أن «مهرجانات السينما، في الدول المضطربة، أصبحت أخيرا حرة وقادرة على التعامل مع الظروف الأمنية، بليونة، بحيث صار بمقدورنا أن نؤجل أو نغير تواريخ العرض، بفضل التقدم التقني، المستجد، ووصول الأفلام بتقنية دي سي بي التي تسمح لنا بالعرض متى شئنا».

وشرحت نوفل أن العام الماضي كان صعبا، إذا أن غالبية الأفلام كانت ما تزال بصيغتها القديمة، أي 35 ملم، وتدور المهرجانات وعلينا تسلمها وتسليمها في وقت محدد. أما الآن فقد بتنا نلجأ إلى «داون لود» مع كلمة سر، ونعرض الفيلم على راحتنا، مع إمكانية التأجيل، دون إرباك. لذلك فكرنا بأننا بتنا أحرارا وبمقدورنا أن نجازف.

وينطلق «مهرجان بيروت الدولي للسينما» في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل في صالات سينما «بلانيت أبراج» في فرن الشباك، بفيلم التشويق الفضائي الافتتاحي «جاذبية» Gravity للمخرج المكسيكي الفونسو كوارون، من بطولة جورج كلوني وساندرا بولوك، والذي افتتح أغسطس (آب) الفائت مهرجان البندقية السينمائي، على أن يكون الاختتام في 10 (أكتوبر) بفيلم «المهاجرة» The Immigrant للمخرج الأميركي جيمس غراي، والذي يتناول معاناة المهاجرين البولنديين إلى الولايات المتحدة.

الأفلام الـ77 التي يتضمنها برنامج المهرجان، تتوزع على ثماني فئات، إحداهما للأفلام الشرق أوسطية القصيرة والثانية للأفلام الشرق أوسطية الوثائقية. أما الفئات الست الأخرى فهي «البانوراما الدولية»، و«ركن الأفلام اللبنانية»، وأفلام حقوق الإنسان «هيومان رايتس ووتش» و«أفلام المطبخ» و«أفلام الأطفال»، إضافة إلى قسم استعادي لأفلام المخرج الروسي ألكسندر سوكوروف. وقالت نوفل إن «أفلام سوكوروف، الذي يعتبر أحد كبار السينما، لم يسبق أن عرضت في بيروت على هذا النحو».

وتغيب هذه السنة، كما العام الماضي. مسابقة الأفلام الشرق أوسطية الروائية. وتقول كوليت نوفل لـ«الشرق الأوسط» «إن هذه السنة تميزت بنتاجاتها الرائعة، ما رأيناه في (مهرجان كان) كان خلابا، ورأينا أن مخرجين من مصر والخليج تمكنوا من إحداث اختراقات مهمة في عالم السينما، رغم كل ما نمر به من أحداث». ورأت نوفل «أن الجيل اللبناني السينمائي الجديد، هو جيل واعد، وأن المهرجان سيقدم 21 فيلما هي في غالبيتها لخريجين وسيتبين للجمهور أهمية هذه الأعمال التي في غالبيتها من الأفلام القصيرة».

ومن الأفلام التي سيشاهدها جمهور «مهرجان بيروت الدولي للسينما»، ضمن فئة «البانوراما الدولية» التي تشمل 28 فيلما: «غريب البحيرة» L’Inconnu du Lac الذي عرض في مهرجان «كان» في مايو (أيار) الفائت، ويتناول علاقة مثلية بين شابين، أحدهما قاتل خطر، من إخراج الفرنسي آلان غيرودي.

ومن الأعمال البارزة أيضا فيلم Miele، الذي تتناول فيه الممثلة الإيطالية فاليريا غولينو، في أول تجربة إخراجية لها، مسألة «الموت الرحيم»، وعرض في «كان» كذلك، وحصل على تنويه خاص.

وفي «الألب» ALPEIS للمخرج اليوناني يورغوس لانتيموس، والفائز بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان البندقية 2011. وبجوائز أخرى، قصة مجموعة تقدّم خدمات خاصة جدا، إذ تستعين بها عائلات أشخاص متوفين للحلول محل هؤلاء.

الأفلام كثيرة، مهمة وجميلة، وغالبيتها عرض في مهرجانات عالمية، وبينها ما هو قديم أيضا، لكن مديرة المهرجان اعتبرت أنه لا بد من أن تصل إلى الجمهور اللبناني. وفي «البانوراما» كذلك مجموعة من الأفلام ذات الطابع السياسي، بينها «بيكاس» Bekas، وهو العمل الأول للمخرج الكردي كارزان قادر. ويروي الفيلم قصة طفلين يتيمين قتل أهلهما على يد نظام صدام حسين، ويسعيان لتغيير ظروف حياتهما ويحلمان بأن يأتي سوبرمان أميركي لإنقاذهما. ويقدّم المخرج الإيراني محسن مخملباف فيلما من إنتاج كوري جنوبي، ومع ممثلين كوريين جنوبيين، هو «الابتسامة المستمرة» Ongoing Smile، عن مؤسس مهرجان «بوسان» الكوري الجنوبي، والذي قرر الاستمرار في العيش كشاب مفعم بالنشاط والحيوية حتى آخر يوم من حياته، رغم تقدمه في السن.

وضمن مسابقة الأفلام الشرق أوسطية الوثائقية سبعة أفلام، وهي «من العتمة» للبنانية صونيا حبيب، و«دخلت مرة في الجنينة» لمواطنها جان حاتم و«سترة» للفرنسيين ستيفان الليغريه وكاترين ديران واللبنانية - الفرنسية ماريا بولس، و«امرأة بدوية» للكردي هاشم عيفاري، و«الحدود الهشة» للمخرج الكردي كيوان كريمين و«إطعام خمسمائة» للإماراتي رافد الحارثي، وCrop للألمانية يوهانا دومكي والمصري مروان عمارة. وتمنح في نهاية المهرجان جائزة «ألف» لأفضل فيلم في هذه الفئة، ولأفضل مخرج، إضافة إلى جائزة لجنة التحكيم الخاصة.

أما مسابقة الأفلام الشرق الأوسطية القصيرة فتتضمن 16 فيلما، بينها «حرمة» للسعودية عهد كامل، و«سكراب» للسعودي بدر الحمود، و«سيدهم» للمصري مينا نبيل، و«سحر الفراشة» للمصري روماني سعد، و«ميسي بغداد»: للمخرج العراقي سهيم عمر خليفة، و«بوبي» للتونسي مهدي البرصاوي، و«دايرة» للمصري كمال الملاخ، و«خيال» للمخرج الكردي العراقي كامران بيتاسي، و«سمكة برية» للعراقي عدي مانع، و«الرحلة» للإماراتية هناء مكي.

أما «ركن الأفلام اللبنانية» فهو مخصص للأفلام القصيرة غير الداخلة في المسابقة، وفيه عشرة أفلام لمخرجين لبنانيين شباب.

ويقدم المهرجان للسنة الثانية على التوالي قسما للأفلام التي تتناول حقوق الإنسان بالتعاون مع قسم المهرجانات في منظمة «هيومان رايتس ووتش». وترى نوفل أن هذه الفئة تشكل إضافة كبيرة، لا سيما فيلم «نساء الشمس» للمخرجتين المصريتين جيهان نجيم ومنى الضعيف، ويتناول قصة امرأة بدوية تعيش مع بناتها في إحدى القرى الصحراوية الأكثر فقرا في الأردن، نجحت في الحصول على شهادة في هندسة الطاقة الشمسية من جامعة هندية، رغم ما تعرضت له من ضغوط عائلية واجتماعية، ومن خلال تغير كل العالم المحيط بها. وقد فاز الفيلم بجوائز في عدد من مهرجانات الأفلام الوثائقية، أو تلك المختصة بأفلام حقوق الإنسان.

يعرض ضمن هذه الفئة خمسة أفلام، أبرزها «خمس كاميرات مكسورة» للفلسطيني عماد برناط، بمشاركة ناشط السلام الإسرائيلي غي ديفيدي.

أما «أفلام المطبخ والغذاء» فتعتبرها نوفل من الفئات المهمة جدا، وتقول: «أنا نفسي تعلمت منها. وهي تثقيفية على مستوى عال، وتعالج مواضيع بيئية مثل الماء، ومسار المواد الغذائية الذي تمر به قبل أن تصلنا، وتدخل أحشاءنا. وهي موجودة في المهرجان للسنة الثالثة على التوالي. وسيعرض هذا العام Oma & Bella للمخرجة الألمانية - الكندية أليكسا كارولينسكي، و«النداء الأخير في الواحة»، من إخراج الأميركية جيسيكا يو. وهناك فيلم «أحلام معلّبة» حيث تقوم المخرجة الفنلندية كاتيا غوريلوف برحلة بصرية مذهلة بمسافة 35000 كلم، تقطع خلالها الطرق التي يتعيّن على البشر والحيوانات اتباعها لإنتاج الرافيولي المعلّبة.

ورغم أن فئة أفلام الأطفال غابت السنة الماضية، بسبب صعوبة الأوضاع فإنها تعود هذه السنة من خلال أربعة أفلام. وتعتبر نوفل أن «لهذا أهمية قصوى نظرا لإقبال المدارس على اصطحاب التلامذة لمشاهدة الأفلام سنويا، وهذا ما يجب ألا نحرمهم منه». تتشكل لجنة التحكيم لهذه السنة من المنتج والمخرج نيغول بيزجيان، ورئيسة تحرير صفحة الإنترنت والإعلام الاجتماعي لتلفزيون «المستقبل» ومنتجة الأفلام الوثائقية ديانا مقلّد، ومديرة قسم الإبداع في شركة «فاير هورس» للإنتاج التلفزيوني منى منيّر. تأسف نوفل لأن المهرجان لن يتمكن هذه السنة من استقبال الضيوف كالعادة، نظرا لأن الكثير من السفارات نبهت مواطنيها من خطورة السفر إلى لبنان. لكن نوفل تضيف «لا يهم، ستكون الأفلام متعة للجمهور اللبناني، الذي سيتنفس فنا جميلا بأسعار زهيدة».