برنامج «ريالي» يسهم في تعزيز الوعي المالي لدى الشباب

الدراية بثقافة الادخار يدفع سامية الزواوي إلى جمع رأسمال مشروع ابنها منذ ولادته

استطاعت سامية الزواوي أن تجمع لطفلها منذ ولادته وحتى بلغ عمره 12 عاما 60 ألف ريال سعودي
TT

قررت سامية الزواوي منذ تلقيها بشارة قدوم مولودها الجديد، أن توفر له مدخرا ماليا من أمواله الخاصة يعينه على إقامة مشروع تجاري خاص به بعد إكمال مرحلته التعليمية. واستطاعت منذ ذلك اليوم وحتى بلغ عمره 12 عاما، أن توفر له مبلغا تجاوز 60 ألف ريال سعودي، تم تجميعه منذ ولادته، عن طريق صندوق خشبي له فتحة صغير في أعلاه مثبت في حائط غرفتها، جمعت بداخله كل الأموال التي أتت إليه كهدايا وعيديات إلى جانب ما ادخره منذ بداية مراحله التعليمية.

لم تكن مسألة جمع المبلغ المالي سهلة لسامية وزوجها الذين قرروا الانتقال من المنزل الذين كانوا يسكنون فيه إلى منزل آخر مما استدعاهم هذا الأمر إلى كسر الصندوق لاستخراج المبلغ من داخله وجمعه، لوضعه في البنك لفتح حساب باسم ابنهم المحظوظ هتان، فعلى حد قولها استغرقوا وقتا طويلا لجمع الفئات المختلفة من عملة الريال وعدها.

وتسببت الزواوي في دهشة موظفة البنك التي تسلمت المبلغ المالي لوضعه في حساب ابنها، من اختلاف فئات العملة التي كانت متنوعة بين فئة الريال والخمسة والعشرة والمائة والخمسمائة، وعندما أفصحت لها عن سر اختلاف فئات هذا المبلغ، أخبرتها بأنها ستنقل تجربتها للأمهات التي تعرفهم للاقتداء بها، وتعليم الأبناء ثقافة التوفير.

لم تتوقف الزواوي عند هذا الحد من الجمع ولكنها صنعت صندوقا آخر في غرفة ولدها هتان لتدعه بذلك يكمل المشوار الذي بدأته معه، ويبني لمستقبله من حر ماله.

في هذا الخصوص أكدت دراسة استقصائية جديدة أجرتها «سدكو القابضة» المسؤولة عن برنامج ريالي في السعودية على أهمية غرس قيم الادخار والعادات المالية الرشيدة لدى النشء وتعليمهم الأساليب الادخارية في سن مبكرة.

وكانت الدراسة قد استطلعت آراء أولياء الأمور من واقع تعامل أطفالهم مع المال وكيفية إنفاقه، وخلصت الدراسة إلى أن 86 في المائة من المستطلعين يعتقدون أهمية تدريب الأطفال على الأساليب المالية الرشيدة فيما ترى نسبة 79 في المائة ضرورة تعليم الصغار الأساليب المالية الجيدة قبل سن الـ12 عاما، على أن يتم ذلك من خلال تشجيع الأطفال على تخصيص جزء من مصروفهم اليومي للادخار، ومن خلال تضمين المناهج الدراسية مواد تعليمية تشجع على التوفير وتغرس هذه الثقافة لدى النشء الصغير، وأن من يرون أن المدارس توفر معرفية مالية جيدة للأطفال لم تتجاوز نسبتهم الـ20 في المائة من بين من شملتهم الدراسة.

وكان برنامج «ريالي» الذي أطلقته «سدكو القابضة» ضمن مبادراتها الاجتماعية، من أبرز البرامج التي أسهمت في تعزيز الوعي المالي لدى شريحة الشباب، حيث ساعد البرنامج الشباب في تطوير مهاراتهم وتزويدهم بالمعرفة المالية التي مكنتهم من تحمل مسؤولياتهم في الحياة.

من جهته، قال عمرو باناجه، نائب الرئيس للاتصالات والتسويق: «نتفهم في (سدكو القابضة) احتياجات السوق السعودية ونعمل على تلبيتها، من خلال مبادراتنا الخاصة بنشر الوعي المالي عبر الكثير من الفعاليات التي تتضمن التخطيط المالي السليم وأساليب الادخار وكيفية الاستفادة من القروض المالية ونؤمن بأن تغيير السلوك والعادات أمر يحتاج إلى وقت أطول، لذا نركز في برنامج (ريالي) حاليا على الشباب بتنفيذ برامج متعددة للطلاب في المراحل الجامعية، وحثهم وتشجيعهم على التخطيط السليم، بالإضافة إلى أننا ندرس شرائح المجتمع الأخرى لوضع برامج مستقبلية».

ووفق الدراسة فإن نسبة 77 في المائة من المستطلعين ترى أن نجاح مستقبل الأطفال متوقف في امتلاكهم المهارات الأساسية الخاصة بالوعي المالي، فيما أبدت نسبة 60 في المائة قلقها من عدم توفر الفرص التي أتيحت لهم إبان تخرجهم، كما تضمنت الدراسة أسئلة عن الوسائل المثلى والأدوات الفعالة لتكريس مفاهيم الوعي المالي لدى الناشئة، حيث رأت نسبة 77 في المائة من الفئة التي تم استطلاعها أن القصص والروايات إلى جانب التدريب العملي على الأنشطة المالية تمثل أدوات فعالة لتعليم الأطفال أساليب الوعي الادخاري.

وشدد على ضرورة أن يتم تخصيص برامج ودورات تدريبية وتعليمية مستمرة، وليست وقتية تتعلق بمناسبة معينة بحيث يعرف الصغار أساليب وطرق الادخار، والاستهلاك الرشيد.

وخلصت الدراسة إلى أن التربية المالية والسلوكيات الاقتصادية في سن مبكرة للأطفال من الوسائل الفعالة والأساسية لإنشاء جيل واع وناضج فكريا وماديا واجتماعيا حتى يتمكن من إدارة حياته باستقلالية ومهارة ويتحرر فيما بعد من الاعتماد الكلي على أهله في محطات الحياة الأساسية من تعليم وزواج وعلاج، وتأتي هذه الدراسة في ظل غياب ثقافة الادخار عن الكثير من الأسر في مجتمعاتنا العربية.