معرض لرواد الفن التشكيلي البحريني في غاليري فنون زوراب تسيريتيلي

ضمن أيام البحرين الثقافية في موسكو

وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة تفتتح الأيام الثقافية البحرينية
TT

رصفت المنامة عاصمة السياحة العربية طريقها إلى البعيد، تحديدا إلى جمهورية روسيا الاتحادية، إذ افتتحت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة معرض الفن التشكيلي «الرسامون المعاصرون للبحرين: آفاق جديدة» في غاليري فنون زوراب تسيريتيلي في موسكو ضمن «أيام البحرين الثقافية»، كثاني معرض يُقام في سياق التعاون المبرم ما بين وزارتي الثقافة البحرينية، من خلال متحف الفنون الشعبية التطبيقية ومتحف البحرين الوطني، ويجسد المعرض النصف الثاني من أيام البحرين الثقافية في روسيا بعد إطلاق معرض اللؤلؤ في اليوم السابق له بمتحف الفنون الشعبية التطبيقية في العاصمة الروسية موسكو.

من خلال المعرض الفني قدم كل من الشيخ راشد بن خليفة آل خليفة، والفنانة بلقيس فخرو، والفنان عبد الرحيم شريف، والفنان خليل الهاشمي ود. أحمد باقر بصريات فنية ونحتية تقتبس ملامح الفن الحداثي والمعاصر، والاتجاهات المغايرة التي يعاين من خلالها فنانو البحرين أفكارهم، وذلك من خلال أكثر من 20 عملا فنيا بعضها من مقتنيات متحف البحرين الوطني وبعضها خاصة بالفنانين أنفسهم. وقد عكست الأعمال المشاركة تطور اتجاهات الفن التشكيلي المعاصر في البحرين وتعدد المعالجات والأنساق، بدءا من الفن التجسيدي والغرافيك، اللوحات الفنية الجمالية، وانتهاء بالأعمال التجريدية والمعروضات الفنية ثلاثية الأبعاد. وقد اختيرت هذه الأعمال كلمحة قريبة وسريعة يتمكن من خلالها الزائرون لغاليري فنون زوراب من العبور سريعا على المشهد التشكيلي البحريني المعاصر خلال فترة انعقاد المعرض الذي يستمر حتى 13 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

وقد طرحت الأعمال في تفاصيلها ومعالجاتها الفنونية والتشكيلية ملامس متعددة من التاريخ البحريني، بعضها التقط إرث الحضارات التاريخي والتراكم الإنساني المكثف في إعادة لتصويرها بقلب التشكيل، فيما انتقت بعض الأعمال قضايا أخرى تحسسها الفنان وأعاد إنتاجها بذاكرته وأدواته، وقاربت الأعمال ببصرياتها وملامسها اكتشافات لونية وتداخلات جميلة أشاد بها الحضور.

هذه الثقافة الفنية التي حملتها المنامة إلى أهم غاليري فني في روسيا وعراب التشكيل في الموطن الآخر، كانت طريقا لونيا وجماليا يجمع التقاليد الغنية للشرق بتأثيرات الغرب، وقد بدت ملامح التغيير التاريخي في القرن العشرين واضحة، حيث عمد هؤلاء الفنانون لتجريب غير المتوقع وإعادة إنتاج أنماط فنية جديدة، حتى صاروا رواد الحركة التشكيلية البحرينية، باعتبارهم من وضعوا أسس الفنون المعاصرة.

«أيام البحرين الثقافية» تتضمن أيضا «معرض اللؤلؤ» الذي دشنته الشيخة مي بنت محمد آل خليفة بمتحف الفنون الشعبية التطبيقية في موسكو. وقد انطلق المعرض في سياق احتفاء المنامة عاصمة السياحة العربية 2013م بفصل «السياحة الترفيهية»، وتمهيدا لإطلاق «السياحة البيئية»، وهو التعاون الأول ضمن الاتفاقية المبرمة بين البلدين وفي تاريخ العلاقات الدبلوماسية والثقافية بينهما. حيث تقدم الأيام الثقافية البحرينية في روسيا لمحة عن التراث الإنساني الثقافي، واقتباسات فنية بصرية بالإضافة إلى مجموعة منتقاة من الموسيقى الشعبية والإيقاعات المحلية.

وأعربت وزيرة الثقافة خلال المؤتمر الصحافي الذي سبق تدشين المعرض عن سعادتها بمثل هذا التعاون الذي يمثل خطابا إنسانيا وتبادلا حقيقيا لإرث الشعوب ومكتسباتها. وأكدت أن هذه الاتفاقية التي تشمل إقامة 3 معارض مختلفة ما بين البحرين وروسيا تأتي ضمن استراتيجية التواصل الثقافي والتاريخي للمنامة عاصمة السياحة العربية 2013م.

ويستدرج معرض اللؤلؤ الذي يستمر حتى 16 أكتوبر المقبل، جماليات البحر وقصص البحارة والغواصين، عبر الكثير من النماذج الجميلة والحضارية التي استدعت من خلالها الثقافة ملامح التاريخ البحريني بحقبه المختلفة: دلمون، تايلوس وحتى الفترة الإسلامية. وقد بسط المعرض أمام زواره كل ما تبقى من زمن الرحلات البعيدة من أنواع اللؤلؤ والحلي المرجانية، أدوات الصيد، المصنوعات الصغيرة التي كانت تُستخدم لنحت وصناعة الأدوات البحرية، المخطوطات الأثرية والتاريخية التي تعود لتلك الفترات، وغيرها من التفاصيل التراثية والمشغولات اللؤلؤية الثمينة. ومن خلال كل تلك الموجودات يختصر المعرض تاريخ 5 آلاف عام تعاقبت من خلالها مختلف الحضارات والثقافات باعتبار جزيرة البحرين بموقعها الاستراتيجي نقطة تقاطع والتقاء فيما بينها، كما يستعيد الألفية الرابعة قبل الميلاد حينما كانت حضارة دلمون محطة تجارة عالمية، جاء إليها السومريون بمعتقداتهم حول الخلود واعتبارها الجنة لاتساع الحدائق فيها وشهرتها بالماء العذب. أما حكاية اللؤلؤ البحرينية فقد جعلت من البحرين مركزا هاما لها، نظرا لجودة اللؤلؤ الطبيعي ونقائه، حيث إن مصايد اللؤلؤ والمحار في الخط الساحلي تنتج أفضل الأنواع إطلاقا، في الوقت الذي تبدو فيه ظاهرة غريبة ونادرة أن ينتج مثل هذا النوع من اللآلئ من مياه الخليج المالحة التي يتسرب الماء العذب إليها من الرمال تحت البحر. وحول كل هذه التفاصيل كتب الرحالة والباحثون القدماء والتجار الكثير عن حياة الغوص واللؤلؤ وتاريخها. كما تبدو حياة البحر عميقة من خلال مشروع «طريق اللؤلؤ: شاهد على الحياة الاقتصادية» بمدينة المحرق، الذي تم تسجيله على قائمة التراث الإنساني العالمي لليونسكو في عام 2012م.