فنان و«رجلان آليان» وثلاث لوحات في آن واحد بفيينا ولندن وبرلين

نجحت التقنية الهندسية والقدرة الفنية في الإبداع في كسر البعد الجغرافي

الرسام النمساوي أليكس كيسلينغ في فيينا خلال تجسيده فكرة «فن بلا حدود» (إ.ب.أ)
TT

قام الرسام النمساوي أليكس كيسلينغ بتجسيد فكرة «فن بلا حدود» أول من أمس برسم لوحة دخلت التاريخ الفني لكسرها البعد المسافي، اشترك في تصميمها إنسان ورجلان آليان قام كل منهم برسمها بالتزامن في مدينة تبعد عن الأخرى آلاف الكيلومترات.

اختار الفنان أليكس كيسلينغ أرض المتاحف بالعاصمة النمساوية فيينا موقعا للوحة الرئيسة التي رسمها بنفسه والتي في اللحظات ذاتها، وبالتزامن قام برسمها تنفيذا لأوامره وفق برمجة تقنية خاصة عبر الأقمار الصناعية روبوتان آليان، واحد في ميدان برايتشايد بلاتز بالعاصمة الألمانية برلين، وآخر في ميدان الطرف الآخر بالعاصمة البريطانية لندن.

منذ تمام الحادية عشرة صباحا وحتى السادسة بدأ أليكس برسم إطارات لوجوه بشرية أخذ يضيف إليها ويحدد معالمها ويظللها في تركيز تام ودقة متناهية، إذ كان الروبوتان ينقلان تعليماته حرفيا مع بعض التعديلات وفقا لبرمجة كل منهما مما أدى لخروج الرسومات وكأنها من عمل ثلاثة فنانين جسد كل منهم اللوحة ذاتها وفق رؤيته.

اللوحة التي أطلق عليها المتابعون «الثلاثية» تشبه الأعمال الغنائية التي يشترك في تقديمها ثلاثة فنانين، وجذبت متابعين وراصدين من اهتمامات مختلفة منهم رسامون وإعلاميون ومهندسون بالإضافة لمسؤولين من مكاتب سياحية من العواصم الثلاث ممن يخططون لربط المدن وترويج السياحة فيما بينها. أثناء عملية الرسم الطويلة والمثيرة ورغم التركيز المطلوب أضفى الفنان على الأجواء من حوله كثيرا من المرح بتعليقاته وبالمداخلات المباشرة التي لم تنقطع من المتابعين بالمدن الثلاث كان أثناءها يضطر أحيانا إلى أن يمد رجليه أو يشرب الماء أو تغيير موقعه رغم تعليمات صارمة بالثبات وذلك خشية أن يفسر الروبوتان حركته وكأنها تعليمات.

إلى ذلك حرص المنظمون على إبعاد أي زائر يلبس هنداما أحمر لمسافة تبعد قليلا عن موقع الرسم بدعوى أن للون الأحمر انعكاسا قويا قد تفسره الروبوتات كأوامر كما منع المصورين من التصوير بفلاش حتى لا تصاب الروبوتات بشيء من عدم التركيز. بعد رسمه وتحديده للشكل الخارجي للوجوه عمل أليكس المولود عام 1980 على إدخال كثير من الظلال والإضافات التي بلغ عددها 27 إضافة كل ذلك بغرض ألا تتشابه الرسمات تماما وبغرض إفساح مجال لكل روبوت لإضفاء شيء من لمساته على اللوحة التي ينقلها وهكذا اختلفت رسومات فيينا قليلا عن برلين التي اختلفت بدورها قليلا عن لندن تماما كما اختلفت درجات الحرارة وحالة الطقس واللهجة والمعالم في كل من العواصم الثلاث.

وهكذا وعبر آلاف الكيلومترات نجحت التقنية الهندسية العالمية والقدرة الفنية على الإبداع في كسر البعد الجغرافي محققة إضافة جديدة لحقيقة العولمة وفاعلية تمكن الإنسان وتوجيهاته للآلة.