مسؤولية الإنسان في الاحتباس الحراري أكثر يقينا من أي وقت مضى

حسب التقرير الجديد للهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ

راجندرا باتشوري (يسارا) رئيس الهيئة الحكومية المعنية بالتغير المناخي والرئيس المشارك توماس ستوكر خلال تقديم ملخص التقرير في ستوكهولم (رويترز)
TT

جاء في التقرير الجديد لخبراء المناخ في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الذي اعتمد الجمعة في ستوكهولم أن مسؤولية الإنسان في الاحتباس الحراري مثبتة أكثر من أي وقت مضى فيما يتوقع أن يتراوح الارتفاع في متوسط الحرارة بين 0,3 إلى 4,8 درجة مئوية بحلول عام 2100.

وقد رفعت هيئة الخبراء توقعاتها لارتفاع مستوى مياه البحر الذي سيكون بين 26 و82 سنتيمترا بحلول عام 2100 على ما جاء في التقييم العلمي الجديد لظاهرة التغير المناخي.

واعتبرت الهيئة أنه «بات من المرجح كثيرا جدا» أن يكون التأثير البشري السبب الرئيس للاحتباس الحراري المسجل منذ منتصف القرن العشرين أي بنسبة يقين 95 في المائة بحسب المصطلحات الدقيقة جدا للتقرير. في تقريرها الأخير في عام 2007 كان هذا اليقين بنسبة 90 في المائة فقط.

وحيا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في رسالة تلفزيونية بثت خلال مؤتمر صحافي، خبراء الهيئة على «تقييمهم المنتظم والموضوعي» للتغير المناخي.

وقال «هذا التقرير سيكون أساسيا للحكومات التي تعتزم تطبيق الاتفاق الطموح والملزم قانونا حول التغير المناخي في عام 2015».

وأوضحت وكالة الصحافة الفرنسية أن خبراء الهيئة أوردوا أربعة احتمالات تواجه البشر بحلول نهاية القرن، بحسب حدة التغير المناخي.

ويقدر خبراء الهيئة أن ترتفع حرارة الأرض بين 0,3 درجة في أفضل الحالات، و4,8 درجة في أسوأ التقديرات، مقارنة بالمعدل الوسطي المسجل لدرجات الحرارة بين عامي 1986 و2005.

ويرتبط هذا التباين في التقديرات أساسا بكميات غازات الدفيئة المنبعثة في الجو في العقود المقبلة. قد ارتفعت حرارة الأرض بحوالي 0.8 درجة مئوية منذ الحقبة ما قبل الصناعية.

ووحده الاحتمال المتفائل، أن ترتفع الحرارة 0.3 درجة فقط، يتيح احتواء الارتفاع في حرارة الأرض عند مستوى درجتين مئويتين مقارنة مع الحقبة ما قبل الصناعية. وهو الهدف الذي ينوي المجتمع الدولي تحقيقه.

واتفقت نحو 200 حكومة على صياغة معاهدة تحت رعاية الأمم المتحدة بنهاية 2015 لمكافحة ارتفاع درجة حرارة اليابسة من خلال التحول من استخدام الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة وعوامل أخرى. وجاء في بيان صادر عن نائب رئيس الهيئة توماس ستوكر أن «الحد من التغير المناخي يتطلب تخفيضا كبيرا ودائما لانبعاثات غازات الدفيئة».

أما فيما يتعلق بارتفاع مستوى البحار، وهي من نتائج ارتفاع حرارة الأرض، فإن العلماء يقدرون أن يرتفع مستوى المحيطات والبحار بين 26 و82 سنتيمترا بحلول عام 2100، في مقابل 18 إلى 59 سنتيمترا في التقرير الذي أعدوه في عام 2007.

ويعود التباين بين تقديرات التقريرين إلى أن العلماء أخذوا في الاعتبار هذه المرة ظاهرة لم تعط حقها في الدراسة السابقة، وهي ذوبان جبال جليدية ساحلية في غرينلاند في مياه المحيط المتجمد الشمالي.

ويتوقع الخبراء أيضا أن يؤدي ارتفاع حرارة الأرض إلى ظواهر مناخية قاسية، حتى وإن كانوا غير قادرين تماما على تحديد ملامحها.

وبحسب توماس ستوكر، فإن «موجات الحر قد ترتفع وتيرتها، وقد تكون أطول.. ومع احترار الأرض، نتوقع أن تصبح المناطق الرطبة حاليا أشد رطوبة بسبب تساقط الأمطار، والمناطق الجافة أكثر جفافا بسبب احتباس الأمطار عنها، رغم بعض الاستثناءات».

وتجدر الإشارة إلى أن الهيئة تأسست قبل 25 عاما بإشراف الأمم المتحدة، وقد حازت جائزة نوبل للسلام في عام 2007. ومهمتها الوقوف على وضع الاحترار على كوكب الأرض وتوضيح الصورة للمسؤولين السياسيين والاقتصاديين.

ومن شأن هذا التقرير الجديد أن يوجه المفاوضات الدولية حول المناخ التي ستعقد في عام 2015 لوضع حد للاحترار المناخي واحتواء ارتفاع درجات الحرارة ضمن درجتين فقط مقارنة مع الحقبة ما قبل الصناعية.

وعلقت كريستينا فيغيرس الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي «نعلم أن الجهود الرامية إلى الحد من الاحترار ليست كافية للحد من ارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة، وأهمها غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج بشكل أساسي عن النشاط الصناعي».

وأضافت «من أجل الخروج بالبشرية من دائرة الخطر، ينبغي على الحكومات أن تتخذ إجراءات فورية وأن تتوصل إلى اتفاق في عام 2015» في الاجتماع الأممي المقرر عقده في باريس.

وأكدت أن «التقرير أثبت أن أمامنا تحديا أكبر وأكثر إلحاحا عما كنا نتصور من قبل».

وقال دين قاهي الرئيس المشترك لمجموعة عمل اللجنة التي أعدت التقرير إنه «نظرا لأن المحيط يشهد دفئا وأنهار الجليد وألواح الثلوج تقل، سيستمر متوسط ارتفاع مستوى البحار عالميا في الزيادة، ولكن بوتيرة أسرع مما شهدناها خلال الأربعين عاما الماضية».

وقد شارك في إعداد التقرير مئات العلماء وراجعه مسؤولون حكوميون من أكثر من مائة دولة التقوا في العاصمة السويدية ستوكهولم.

وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أن هذا التقرير الذي نشر أمس هو ملخص لتقرير من ضمن ثلاثة يتم الإعداد لها من جانب مجموعات عمل في اللجنة الحكومية بشأن التغير الحكومي (آي بي سي سي). ومن المقرر أن تعد المجموعات الأخرى باللجنة تقريرا بشأن آثار التغير المناخي وإجراءات تقليل الظاهرة. ومن المقرر أن يتم جمع التقارير الثلاثة في تقرير شامل يصدر في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014.

وسيتم استخدام نتائج التقرير أيضا في المفاوضات الدولية بشأن المناخ. وتهدف الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ طبقا لها إلى أن تقدم للعالم رؤية علمية واضحة للوضع للمعلومات المتعلقة بالتغير المناخي وتأثيراته البيئية والاقتصادية الاجتماعية المحتملة.

والهيئة نتاج لجهازين من أجهزة الأمم المتحدة هما منظمة الأرصاد الجوية العالمية وبرنامج البيئة للأمم المتحدة. وقد أصدرت حتى الآن أربعة تقارير تقييمية حول حالة المناخ العالمية، بتكليف من حكومات 195 دولة، أي العالم بأكمله تقريبا. وتعتبر تقارير الهيئة هامة في تقديم المعلومات الخاصة بالسياسات المناخية التي تتبناها تلك الحكومات. وتجدر الإشارة إلى أن الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ هي منظمة صغيرة تدار من جنيف لا يزيد عدد العاملين فيها عن 12 شخصا. كما أن جميع العلماء الذين يشاركون في إعداد تقاريرها هم من المتطوعين.