التكريمات تنهال على ملالا يوسفزاي.. أحدثها جائزة «ساخاروف لحرية الفكر»

في حال فوزها اليوم بـ«نوبل للسلام» ستكون أصغر شخص يحوزها ويعرض الجائزة لاتهامات التسييس

ملالا تخاطب الجمعية العامة للشباب في «يوم ملالا» بالأمم المتحدة بحضور الأمين العام بان كي مون (أ.ب)
TT

ما زالت الجوائز والتكريمات تنهال على ملالا يوسفزاي الناشطة الباكستانية من أجل حق تعليم الفتيات. وبالأمس، أي قبل يوم من إعلان جائزة نوبل للسلام التي قد تكون من حظها أيضا، فازت ملالا، 16 عاما، بجائزة «ساخاروف لحرية الفكر» التي يمنحها البرلمان الأوروبي. واختار رؤساء الكتل السياسية في البرلمان بالإجماع تكريم الفتاة التي استهدفها قبل عام هجوم لحركة طالبان بسبب نشاطها. ومنذ أن تعافت من إصابة الرأس جراء الهجوم الذي تعرضت له في بلدها، بدأت الطالبة حملة عالمية لصالح تعليم الفتيات وكرمت على أثرها في العديد من المحافل الدولية ومن قبل رؤساء الدول واستضيفت في العديد من البرامج التلفزيونية الشهيرة حول العالم.

وقال مارتين شولتز رئيس البرلمان إن «البرلمان الأوروبي يحيي القوة الرائعة لهذه المرأة الشابة»، مضيفا أن «ملالا تدافع بشجاعة عن حق كل الأطفال في التربية» وهو «حق غالبا ما ينكر على الفتيات الشابات».

وكان من بين المرشحين الآخرين للجائزة مسرب المعلومات الاستخباراتية الأميركي إدوارد سنودن الذي لجأ مؤقتا إلى روسيا، بالإضافة إلى ميخائيل خودوركوفسكي المعارض الروسي للرئيس فلاديمير بوتين. وسوف تقدم جائزة «ساخاروف» في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويشار إلى أن ملالا مرشحة أيضا للحصول على جائزة نوبل للسلام المقرر الإعلان عنها اليوم (الجمعة).

وكانت قد نالت ملالا قبل أيام في لندن جائزة «آنا بوليتكوفسكايا» التي منحتها إياها منظمة بريطانية غير حكومية. وهي المرة السابعة التي تمنح فيها هذه الجائزة التي تأسست تكريما للصحافية الروسية التي قتلت في 2006 بموسكو، والتي تسلمها منظمة «رو إن وور» لمكافأة النساء اللواتي يدافعن عن حقوق الضحايا في مناطق النزاعات. كما حصلت حتى الآن على العديد من المكافآت الدولية وخصوصا جائزة منظمة العفو الدولية. ومنحت آخر جائزة من جوائز «آنا بوليتكوفسكايا» للصحافية الأميركية ماري كولفن التي قتلت في سوريا.

رحب الناشطون في مجال التعليم في باكستان بقرار البرلمان الأوروبي بمنح جائزة «ساخاروف لحرية الفكر» لملالا يوسف زاي. وقالت زهرة أرساهد رئيسة الائتلاف الباكستاني للتعليم، وهو مظلة تضم جماعات مجتمع مدني، إن ملالا «أصبحت رمزا للحق في التعليم». وأضافت أن «هناك العديد من الفتيات اللاتي على استعداد للمشاركة في قافلة التعليم التي حركتها ملالا. الآن تقع على الحكومة مسؤولية اتخاذ خطوات لضمان حصول كل طفل على حقه في تعليم جيد».

لكن رأت حركة طالبان، المسؤولة عن الهجوم على ملالا، أن الناشطة الشابة «لم تفعل شيئا» تستحق عليه جائزة «ساخاروف» الراقية التي يمنحها البرلمان الأوروبي. وقال شهيد الله شهيد الناطق باسم طالبان الباكستانية «لم تفعل شيئا. أعداء الإسلام منحوها الجائزة لأنها تخلت عن الديانة الإسلامية واعتنقت العلمانية».

وقبل أيام توعدت حركة طالبان بمهاجمة ملالا في أي وقت تتاح لها الفرصة فيه. وأضاف شهيد لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنها ليست فتاة شجاعة وليس لديها أي جرأة. وسنستهدفها مرة أخرى عندما تتاح لنا الفرصة». وقال شهيد: «لقد هاجمنا ملالا لأنها كانت تتحدث ضد طالبان وضد الإسلام، وليس لأنها كانت تذهب إلى المدرسة».

وفي مقابلة مع «بي بي سي»، أعربت ملالا عن عدم اكتراثها بالتهديدات على حياتها وجددت رغبتها في العودة إلى باكستان من بريطانيا حيث عولجت من إصابتها في الهجوم وحيث تدرس حاليا.

وتكافئ جائزة «ساخاروف لحرية الفكر» سنويا مدافعا عن حقوق الإنسان والديمقراطية.

ويعلن البرلمان الأوروبي الفائز بجائزة «ساخاروف لحرية الفكر» سنويا منذ عام 1988 تكريما لذكرى العالم السوفياتي والمعارض أندريه ساخاروف. ومن الفائزين السابقين بالجائزة زعيم جنوب أفريقيا الأسبق المناهض للعنصرية نيلسون مانديلا، وأونغ سان سو كي زعيمة المعارضة في ميانمار. ورشحت كتلة الخضر في البرلمان الأوروبي سنودن للجائزة تقديرا لما وصفته بـ«خدمته الجليلة» لحقوق الإنسان وللمواطنين الأوروبيين عندما كشف عن برامج مراقبة أميركية سرية. وفازت ملالا بالجائزة بعد تصويت بين رؤساء كل الكتل السياسية في البرلمان الأوروبي الذي يضم 750 عضوا.

يذكر أن البرلمان الأوروبي منح العام الماضي جائزته للإيرانيين نسرين سوتودا وهي محامية ومعها المخرج السينمائي جعفر بناهي، كما أعلن العام قبل الماضي عن منح الجائزة لكل من أحمد السنوسي من ليبيا، وعلي فرزات ورزان زيتونة من سوريا، وأسماء محفوظ من مصر، ومحمد بوعزيزي من تونس.

وتحتل ملالا وطبيب كونغولي يساعد النساء اللواتي يتعرضن للاغتصاب وناشطون روس وبيلاروس المراتب الأولى على لائحة الذين يتوقع فوزهم بجائزة نوبل للسلام هذا العام والتي تعلن اليوم في أوسلو. والأمر المؤكد الوحيد هو أن 259 فردا ومنظمة يتسابقون على الجائزة لهذا العام، في رقم قياسي جديد. وفي الساعات الأخيرة قبل موعد إعلان الفائز، أكدت ملالا يوسف زاي أنها لا تستحق نيل جائزة نوبل للسلام. وقالت لإذاعة باكستانية: «كثيرون يستحقون جائزة نوبل للسلام. أعتقد أنني لا أزال أستطيع القيام بالمزيد. برأيي، لم أنجز الكثير كي أفوز بجائزة نوبل للسلام».

مع ذلك، يعتبر عدد كبير من الخبراء في جوائز نوبل أن ملالا من أبرز المرشحين لنيل نوبل للسلام لهذا العام بعد أن أصبحت رمزا عالميا لحقوق الفتيات في التعلم في مواجهة التطرف الديني.

وفي هذا الإطار، يرى كريستيان بورغ هاربفيكن مدير معهد أبحاث السلام في أوسلو أن منح جائزة نوبل لملالا من شأنه أن يوجه «رسائل عدة مهمة جدا»، أولا بشأن «دور التعليم، خصوصا للفتيات والنساء، ومن أجل السلام، والديمقراطية وحقوق الإنسان». وفي حال فوزها، ستكون ملالا البالغة 16 عاما أصغر شخص يحوز جائزة نوبل في تاريخ هذه الجوائز. وهذا العمر اليافع الذي، على الرغم من امتيازاته، قد يشكل عاملا سلبيا ضدها وفق البعض. ويعتبر الصحافي الأميركي سكوت لندن المتخصص أيضا في «نوبل»، أن منح ملالا مثل هذه الجائزة «قد يثير جدلا ويمثل مخاطرة للجنة (نوبل) بعد عدد من الخيارات السيئة مثل الرئيس الأميركي باراك أوباما عام 2009 والاتحاد الأوروبي» العام الماضي.

ويوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن عددا متزايدا من الأشخاص حول العالم ينتقدون هذه الجائزة التي باتوا يعتبرونها مسيسة، وأن «الفائزين يتم اختيارهم ليس على أساس استحقاقهم بقدر ما هو على القيمة الإعلانية المنسوبة إليهم».

وكانت ملالا قد حلت قبل أسبوع ضيفة على برنامج «ذا ديلي شو» الأميركي للإعلامي الشهير جون ستيوارت، وفي برنامج يركز في العادة بشكل أكبر على السخرية بشأن ساسة الولايات المتحدة وضيوف اللقاءات التلفزيونية والبرامج الحوارية، قالت الفتاة: «إننا بشر.. هذا جزء من طبيعتنا الآدمية، لا نعرف قيمة الشيء إلا بعد أن يضيع من بين أيدينا». وأضافت: «لقد شهدنا الوحشية. أحلك الأيام في حياتنا».