بعد «لعبة عادلة».. الجاسوسة الشقراء تعود مع رواية «بلوباك»

فاليري بليم تخلط الواقع بالخيال

فاليري بليم مع زوجها جو ويلسون
TT

في عام 2003، قبيل غزو العراق بقيادة الولايات المتحدة، اتهم الدبلوماسي الأميركي جوزيف ويلسون إدارة الرئيس جورج بوش الابن بالكذب حول محاولة الرئيس العراقي وقتها صدام حسين شراء يورانيوم من النيجر لإنتاج قنبلة نووية يهدد بها إسرائيل والدول الغربية. وكان ذلك من أهم أسباب غزو العراق.

في ذلك الوقت، كشفت الصحف أن زوجة ويلسون، فاليري بليم، جاسوسة في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). وامتلأت واشنطن بشائعات لشهور. ثم اعترف ريتشارد أرميتاج، مساعد وزير الخارجية، بأنه كان وراء تسريب هذه المعلومات السرية جدا للصحف. لكنه قال إنه فعل ذلك بغير قصد.

ثم اتهم كارل روف، واحد من أكبر مستشاري بوش، بأنه المصدر الثاني للتسريب. ورغم انشغال واشنطن بغزو العراق، كبرت الضجة. وعندما ظهرت بليم علنا خلال جلسة تحقيق في الكونغرس، نقلتها كاميرات التلفزيونات، وكانت شقراء جميلة، زاد الاهتمام، وزادت الإثارة. واضطر الرئيس بوش لتشكيل لجنة تحقيق في الموضوع.

خلال التحقيق، قال لويس ليبي، مستشار نائب الرئيس شيني، بعد أن أدى قسم اليمين، إنه أبدى إعجابه حين علم بهوية الجاسوسة. لكنه نفى أنه وراء تسريب السر. غير أن باتريك فتزجيرالد، المدعي العام الذي ترأس التحقيق، حصل على معلومات أكدت أن ليبي سرب السر إلى ثلاثة صحافيين.

واضطر ليبي لأن يستقيل من منصبه. وحوكم بالسجن سنتين ونصف السنة، وغرامة 250 ألف دولار. لكن، بعد أيام، أصدر الرئيس بوش الابن عفوا أسقط عقوبة السجن، وأبقى على الغرامة. غير أن ليبي كان لطخ اسمه إلى الأبد، وإلى حد ما اسم نائب الرئيس شيني، الذي صار واضحا أنه قاد التسريب، وأن ليبي قبل أن يكون كبش الفداء.

ومثل فيلم سينمائي، تطورت الأحداث المثيرة، وظهرت تعابير مثل «الوحش والحسناء» (اسم فيلم سينمائي)، و«الشقراء ودارث فادر» (إشارة إلى أن نائب الرئيس شيني كان شخصية شريرة مثل «دارث فادر» في فيلم «حرب النجوم»). وهكذا، كان طبيعيا أن يصدر فيلم سينمائي حقيقي عن هذه الوقائع. وصدر فيلم مثلت فيه ناعومي واتس، شقراء أيضا، دور بليم. وكان الفيلم اعتمادا على كتاب كتبته بليم نفسها عن قصة حياتها: «لعبة عادلة: حياتي كجاسوسة.. وخيانة البيت الأبيض لي».

الآن، بعد عشر سنوات تقريبا، يبدو أن بليم تريد أن تشتهر أكثر، وتتاجر أكثر. تحولت من ناشطة ليبرالية إلى كاتبة روايات. ومؤخرا، أصدرت رواية «بلوباك». ولأنه كان واضحا أنها ليست كاتبة جيدة (ساعدها صحافي في كتابها الأول عن قصة حياتها)، استعانت بكاتبة روايات لكتابة الرواية.

وربما لم يفاجأ أحد بأن الرواية عن جاسوسة حسناء تعمل في وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه). وبدلا عن فاليري بليم، هذه فانيسا بيرسون. ووصفت فاليري فانيسا بأنها «شابة، وشقراء، ورشيقة، ومثيرة جنسيا». ومرة أخرى، لم يفاجأ أحد بهذا الوصف.

لكن، عكس فاليري، تعد فانيسا «مغامرة»، ويعنى هذا «مغامرات جنسية». وهذه النقطة مهمة، لأن فاليري، الحقيقية، اتهمت بأنها كانت تحصل على أسرار لصالح «سي آي إيه»، عندما عملت جاسوسة في دول في الشرق الأوسط، بإقامة علاقات جنسية هناك.

في ذلك الوقت، نفت، وحتى الآن تنفي، أي علاقة من هذا النوع. ولم يظهر دليل يثبت أي علاقة خاصة، لأن أعداءها كانوا في قمة الأجهزة الأمنية والعسكرية، ولا بد أنهم بحثوا عن أي مغامرة جنسية لتلطيخ سمعتها، وسمعة زوجها، وسمعة الذين كانوا عارضوا غزو العراق في ذلك الوقت.

خلال إنتاج الفيلم عن قصة حياتها، حرصت بليم ألا يكون في الفيلم أي منظر، أو أي عبارة، عن أي مغامرة جنسية لها، كذبا أو صدقا. لكن، يبدو أن بليم، عندما تتحول روايتها الجديدة إلى فيلم سينمائي، لا بد أن تحرص على التركيز على مغامرات فانيسا. وكما كتبت فاليري في روايتها «هذه امرأة جميلة، تعرف كيف تستغل جمالها لصالح عملها. وتعرف كيف تترقى، وتزيد راتبها، من خلال جمالها».

ثم كتبت في الرواية مواضيع معينة، بهدف إثارة جدل أخلاقي عن موضوع الجاسوسات الجميلات، والعلاقة بين جمالهن وتجسسهن. كتبت «تعرف بيرسون كيف تستمتع بسيجارة (دنهيل) وأشياء أخرى مثيرة. رغم أن قانون (سي آي إيه) يمنع ذلك. ورغم أن والدها الأخلاقي زرع فيها قيما أخلاقية أساسية».

ثم تتحدث الرواية عن أحداث خيالية لها صلات بمواضيع مثل: الجمال والقبح، والقوة والضعف، والفشل والنجاح، والمال والسياسة. وفي كل الحالات تستفيد من تجاربها الواقعية كجاسوسة، ومن شخصية فانيسا الخيالية. وفي كل الحالات تثير أسئلة عن الخط الفاصل بين الحقيقة والخيال. وفي بعض الحالات، تثير أسئلة عن حقيقتها هي.