مقتنيات إسلامية نادرة من الصين إلى الأندلس تعرض في أبوظبي

أكثر من 400 قطعة ترصد مراحل تطوير الحرف اليدوية الإسلامية

جانب من معرض «روائع الفنون الإسلامية» في أبو ظبي
TT

افتتح في «الاتحاد غاليري» بأبوظبي أخيرا معرض «روائع الفنون الإسلامية»، والذي يعرض أكثر من 400 قطعة فنية تعود إلى مختلف مراحل تطوير الحرف اليدوية عبر العصور والدول الإسلامية المختلفة، من الصين إلى الأندلس وما بعدها، ومن عصر الدولة الأموية والعباسية والأيوبية إلى العصر الحديث.

تتميز المقتنيات بعرضها المتسلسل حسب الفترة الزمنية التي تعود إليها، في مجموعات متكاملة. وقال مؤسس «الاتحاد غاليري» خالد صديق لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا المعرض يهدف إلى تشجيع الجمهور للتعرف على الحضارة الإسلامية وفنونها». وتجسد المعروضات أصالة حضارة العرب والمسلمين وإبداعهم في مجال التأليف والخط والرسم والفنون التشكيلية بأنواعها، وكذلك قدرتهم على مجاراة الحضارات الإنسانية الأخرى.

وهناك مجموعة كبيرة من المخطوطات الإسلامية النادرة، وأنواع مختلفة من الأسلحة الإسلامية، والتحف البرونزية والسيراميك والملابس الجاهزة من فترات تاريخية مختلفة، إضافة إلى المخطوطات النادرة للقرآن الكريم واللوحات والرسومات والصور الفوتوغرافية الحديثة والدروع والسيوف والقطع الخزفية الأثرية وقطع السيراميك المزخرفة والملابس الجاهزة وبعض القطع الأثرية التي يرجع تاريخها إلى فترة ما قبل الإسلام. ومن المخطوطات النادرة التي ضمها المعرض ورقة من القرآن الكريم من شمال وشرق أفريقيا مكتوبة على رق الغزال يعود تاريخها إلى القرن الثالث أو الرابع الهجريين، وصفحة من القرآن الكريم تعود إلى بلاد الأندلس أو غرب أفريقيا، مكتوبة على ورق البردي الوردي باللون الأسود ومزينة بكتابات مذهبة وزخارف هندسية، يعود تاريخها إلى القرن السابع الهجري، إلى جانب حلي، منها الحلية الشريفة لوصف الرسول، محمد صلى الله عليه وسلم، بخط السوري أحمد الباري، مزينة بالزخارف الإسلامية المذهبة والملونة يحيطها إطار مطعم بالصدف بزخارف هندسية على الطراز المملوكي. كما يضم المعرض طائفة من مخطوطات القرآن الكريم والأوراد الشريفة وصور نادرة عن الديار المقدسة في مكة والمدينة، ومجموعة من السيوف الإسلامية النادرة التي يعود بعضها إلى العصر الأموي والدروع والبزات العسكرية التي كانت شائعة في جيوش المسلمين، ومجموعة من اللوحات الخطية النادرة التي تعود إلى أوج ازدهار الدولة الإسلامية وتتكون من خطوط عرفتها حضارتنا العريقة في سنواتها المبكرة كالكوفي غير المنقوط والمشجر والخط الأندلسي والثلث، إضافة إلى الخزفيات الإسلامية النادرة، سواء من الخزف التقليدي أو الملون، ومجموعة أخرى من الفضيات والنحاس. وهناك مجموعات الفخاريات، منها صحون إسلامية من الفخار من أفغانستان وبلاد فارس وبلاد الشام، وجرة فخارية إسلامية مكتوب عليها بالخط الكوفي المتأخر من بلاد فارس، ووعاء كبير مصنوع من النحاس المطعم ببقايا الفضة المنقوشة بالزخارف النباتية والعبارات التعظيمية للسلطان المملوكي قايتباي، وتعود صناعتها إلى القرن التاسع الهجري في مصر.

وتمثل مجموعة الدنانير الإسلامية الذهبية المتسلسلة التي تعود إلى أوائل العهد الأموي (القرنين الأول والثاني الهجريين) قيمة مهمة في مجال التوثيق. وهناك مجموعة تضم أربعة سيوف مختلفة مصنوعة من الفولاذ المتموج (الجوهر) مزينة برسوم نباتية وكتابات تعود للعصور العثماني والصفدي والمغولي، وكذلك مجموعة أخرى من أربعة سيوف مزينة بالكتابة العربية تعود إلى العهد المملوكي (مصر، سوريا، اليمن) في القرنين الثامن والتاسع الهجريين، وخوذة محارب وواقية لليد تعودان للعهد القاجاري في بلاد فارس في القرن الثاني عشر الهجري، وأيضا درع محارب عثماني تتكون من خوذة وقميص وواقية للصدر واليد، وهو مصنوع من الحلقات والصفائح وتعود صناعته إلى القرن العاشر الهجري في إسطنبول، وقميص محارب آخر مصنوع من الجوهر، ومجموعة من السيوف والأسلحة العثمانية (هندية ومغولية وفارسية ومن شبه الجزيرة) تعود للقرنين الحادي عشر والثالث عشر الهجريين.

كما عرض جزء من محيط حزام الكعبة المشرفة من العهد العثماني، من قماش المخمل القديم مكتوب عليه جزء من آية قرآنية بخيوط من الفضة المذهبة، ويعود تاريخ صناعته إلى القرن الثالث عشر الهجري، و«الصرمة العثمانية»، وهي من قماش الحرير العثماني القديم مكتوب عليها بالطول آية الكرسي بخيوط الفضة المذهبة، ويعود تاريخ صناعتها إلى أوائل القرن التاسع عشر، وكذلك عدد الحليات الشريفة التي تشتمل على وصف للرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، كما ورد في الأثر عن صحابته الكرام، وتتكون الحلية من مجموعة من الخطوط الإسلامية كالثلث والنسخ والإجازة والتعليق محاطة بالوحدات الزخرفية الإسلامية.

* خالد صديق.. جامع روائع الفنون الإسلامية في الإمارات

* منذ نحو 25 سنة بدأ جامع مقتنيات الفنون الإسلامية الإماراتي خالد صديق بالعمل على تجميع مجموعته الخاصة من المقتنيات، وبالنظر إلى سعة اهتماماته وانجذابه إلى الجمال في جميع أشكاله وأطواره، فقد كان لذلك تأثير كبير على تنوعها وثرائها. أراد منذ البداية أن يمتلك منطقة ليست شائعة أو معروفة في الفن، لذا ضمت مجموعته ما يمكن أن نطلق عليه (خريطة لمسارات الشغف) تتشكل من مجموعة من الأحجار النيزكية النادرة، وفي خطوة لاحقة قام بعمل مجموعة من الميداليات التذكارية للشيخ زايد وتذكارات أخرى تتناول شعار دولة الإمارات العربية المتحدة، وكانت تلك خطوة رائدة في مجال تصنيع وإبداع أشكال فنية من الحجر النيزكي لندرته وارتفاع ثمنه وصعوبة العمل عليه.

ثم بدأ تصميم وابتكار ساعة أطلق عليها تسمية «المنارة» استمد فيها حضارة الشرق، واتسعت مجالات اهتماماته لتشمل تصميم مجموعة من الأعمال النحتية التي أصبحت متداولة ورائجة على نحو واسع، وهي كسائر أعماله التي تنتمي جوهريا إلى دولة الإمارات، كأعماله التي تناولت رجالا إماراتيين بأزيائهم التي تكسبهم هويتهم، وبالفعاليات المجتمعية المعروفة في الدولة كمنحوتة حامل الصقر أو الجولة أو رفع العصا، وكذلك منحوتة الفقمة التي وفرت الدولة محمية لها للحد من اصطيادها وتعرضها للانقراض، وكذلك الجمل الذي نفذه بمرات كثيرة.

وفي عام 2004 قرر أن يتشارك شغفه مع مساحة أكبر من محبي الفنون المختلفة فافتتح غاليري الاتحاد لأول مرة واشتمل على مجموعة من الأعمال الاستشراقية والإسلامية والأعمال الفنية التشكيلية المعاصرة ومعروضات كان تنوعها يعكس شخصية خالد صديق بثرائها وقدرتها على التواصل مع الجمال بجميع وجوهه وأشكاله.