موروثات الفراعنة تطغى على احتفالات أهل الأقصر والصعيد بالأعياد

فرحة وبهجة قبل العيد تتبعها زيارة القبور وما يصاحبها من حزن ودموع

العيد في الصعيد.. كعك وبسكويت ونزهات («الشرق الأوسط»)
TT

قالت دراسة مصرية، صدرت بمناسبة احتفالات عيد الأضحى المبارك، إن احتفال مواطني محافظة الأقصر وغيرهم من سكان صعيد مصر يطغى عليه كثير من العادات والطقوس التي ترجع لعصور أجدادهم الفراعنة.

وأوضحت الدراسة الصادرة عن مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية أن لأهل الأقصر وصعيد مصر طبيعتهم الخاصة، حتى في الاحتفال بالأعياد، وذلك لما يتمتعون به من موروثات شعبية كثيرة لا تزال حاضرة حتى اليوم.

وتنقسم تلك الموروثات والعادات الشعبية التي يحتفظ بها المصريون في الأقصر وقرى الصعيد، بين قضاء أول أيام العيد فوق مقابر الموتى، وفي صحبة من رحل من الأهل والأحبة، حيث يبدأون أول أيام العيد بارتداء الملابس الجديدة ثم الصلاة والتكبير، ثم التوجه إلى مقابر القرية، رجالا ونساء وشبابا وأطفالا، ويجلسون في محيط قبور من رحلوا، فيستمع الرجال لقراءة القرآن الكريم، وتردد النساء بكائيات على موت الأعزاء ومن رحلوا صغارا وشبانا، أو رحلوا فجأة أو رحلوا في بلاد الغربة، مثل: «مال المصلى اليوم ما صلى بريقه انكسر واللي استخار الله» و«داركم واسعة وبابها كويس يا ميت ندامة صبحت بلا ريس».

وتقول النساء على الغريب الذي مات بأرض غير موطنه: «يا شيخ البلد يا صاحب الخيمة، طلع حريمك بدوا للغريب ليلة».

وقالت الدراسة التي أعدتها ثلاث باحثات مصريات، هن شيرين النجار وياسمين حسين أبو زيد وسارة عمر، إن البكائيات والندابات موروث شعبي مصري يرجع تاريخه لعهود الفراعنة. ففي مقبرة «راموزا» ترى صورة لم تتغير طوال أكثر من أربعة آلاف عام، ولا تزال ترى في بعض الجنازات في الأقصر، وكأنها مأخوذة اليوم.

وأكدت الدراسة أن ظاهرة زيارة الموتى، التي يقوم بها المصريون في صعيد مصر مع حلول أول أيام العيد، عادة متأصلة في نفوسهم منذ القدم، ولم تستطع عوامل المدينة وارتفاع نسبة التعليم أن تقتلها. فرغم بهجة وفرحة العيد لا ينسون من رحلوا من الأحباب والأهل والأصدقاء، وهذا الطقس عنوان للمزاج المتعدد الذي يعيشه الإنسان المصري؛ فمن فرحة وبهجة إلى زيارة القبور وما يتبعها من حزن وألم ودموع.

وقالت الباحثات إنه كما أن للعيد مظاهره المبكية في الأقصر وصعيد مصر، فإن له مظاهره المبهجة أيضا، فهناك الاحتفال بـ«يوم الخبيز» الذي يسبق يوم العيد، حيث تحرص النساء وربات البيوت في الأقصر على الاستعداد للاحتفال بالعيد مبكرا «بيوم الخبيز» والكعك إذ تقيم نساء كل نجع احتفالية جماعية لإعداد البسكويت و«الشريك» أو «الناعم» أي الغربية، أما «الشريك» فهو يجمع بين البسكويت والخبز العادي ويجهز على شكل أصابع، ثم يحمص في الفرن لتناوله مع الشاي في الصباح. وذلك قبل العيد بـ10 أيام.

وأوضحت دراسة مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية أن كعك العيد في مصر هو عادة ترجع للعصور الفرعونية، حيث كانوا يضعونه مع الموتى داخل المقابر، وكان الفراعنة ينقشون على الكعك رسم الشمس، آتون، التي عبدوها لزمن طويل وكانت المصريات يشكلن الكعك على هيئة عرائس، وما زال هذا التقليد متبعا حتى اليوم في قرى الأقصر، حيث تصنع الأم عددا من العرائس بعدد أطفالها.

وفي «طلعة العيد»، أي زيارة النساء لمقابر الموتى، تحرص المصريات على تقديم كعك العيد، على هيئة حلقات مغطاة بالسكر، ليُفرّق على الفقراء. ففي معتقداتهن المتوارثة أن «ملاك الرحمة» يقوم بتعليقها في أحد فروع شجرة الحسنات.

ولا تنسى الأسر الأقصرية في ليلة العيد إرسال «عشاء» من اللحوم والخضروات والفاكهة لكل بنات الأسرة المتزوجات، وإلى خطيبات الأبناء أيضا، وهو عرف لا يتجاهله غني أو فقير، وكذلك لهفة وشوق الأطفال الصغار لشراء ملابس وأحذية العيد الجديدة، وربما الآن لم يعد الصغار فقط الذين يحرصون على شراء الملابس الجديدة ولكن الكبار أيضا، والطريف أن أهل قرى صعيد مصر يشترون ملابس العيد الجديدة ليلبسوها عند الذهاب لزيارة موتاهم في أول أيام العيد.

وتقتصر في صبيحة يوم العيد مظاهر الاحتفالات بالعيد في القرى على ارتداء الجديد والصلاة وزيارة الأقارب ومصافحة الأهل والجيران وتوزيع العيدية على الصغار، ويحرص البعض على تناول الإفطار في ديوان العائلة - أي دار المناسبات - ثم التوجه إلى المقابر لزيارة الموتى.