الشرطيات في باكستان يواجهن الجريمة والمتشددين والتقاليد

ظروف العمل القاسية تجعل تجنيد عناصر جديدة منهن مسألة صعبة

التقاليد تمنعهن من الحديث مع ضباط رجال
TT

حين أرادت شازادي جيلاني أكبر شرطية في أكثر أقاليم باكستان محافظة أن تنضم إلى القوة كان عليها أن تتحدى والدها وتتخلى عن فكرة الزواج وتسدد تكاليف تدريبها الأساسي، حسب تقرير لـ«رويترز».

في الأعوام التسعة عشر التالية واجهت المفتشة جيلاني وزميلتها المخلصة رضوانة ظفر - التي تربت كغلام بعد أن أصبحت تاسع فتاة ينجبها والدها - العصابات والزلازل والمتشددين. ولحركة طالبان وجود كثيف في إقليم خيبر بختون خوا بشمال باكستان الذي تنتمي له جيلاني بحيث تضطر لارتداء البرقع حين تتحرك. وتضع ظفر شاربا مستعارا لترافقها. لكن التحدي الأكبر الذي يواجه الاثنتين يتمثل في مساعدة المجندات الجديدات بالشرطة. ويبلغ عدد النساء 560 في قوة الشرطة بالإقليم وقوامها 60 ألف فرد. ويرجو قادة الشرطة أن يتضاعف هذا العدد خلال عام لكن ظروف العمل القاسية تجعل تجنيد عناصر جديدة مسألة صعبة. وتحققت انتصارات محدودة.

مولت ألمانيا توفير أماكن لإقامة النساء في ثلاث كليات للتدريب. ولم يعد المجندات ينتظرن سنوات للحصول على التدريب الأساسي. وافتتح الإقليم هذا الصيف مكاتب لتلقي شكاوى النساء في 60 مركزا للشرطة يديرها الرجال.

وتواجه الكثير من النساء الباكستانيات أعمال عنف مروعة ويتمنى المسؤولون أن يبلغ المزيد من النساء اللاتي يتعرضن لإساءة عن الاعتداءات التي يتعرضن لها. وتمنعهن التقاليد من الحديث مع ضباط رجال. وفتح الإقليم مركزي شرطة للنساء فقط عام 1994 لكنهما حرما من الموارد ولم يكلفا بمسؤوليات لفترة طويلة.

وقالت ظفر لـ«رويترز»: «نخوض حربا في مكان العمل.. نحن نساند من هم أحدث منا. لم يكن هناك من يساندنا». وحين كانت جيلاني تلميذة بالمدرسة كانت تريد الانضمام إلى الجيش على غرار والدها. ولم يكن الجيش يجند فتيات لهذا اقترحت الانضمام للشرطة. أصيب والدها وأشقاؤها السبعة بالذعر. وقالت «قالوا إن الشرطة لا تحترم النساء. واجهت معارضة شديدة».

وبعد أن رفضت تناول الطعام على مدى أسبوع ونجحت في كسب تأييد والدتها التي تعمل محاضرة بإحدى الكليات رضخ والد جيلاني. كانت له ثلاثة شروط هي أن تكون شجاعة وأن تكرس حياتها لعملها وأن تكون معها إحدى صديقاتها. وجندت جيلاني صديقتها من المدرسة ظفر.

كانت ظفر تقصر شعرها وترتدي ملابس الصبية. علمت نفسها ركوب الدراجات النارية واستخدام الكومبيوتر وإصلاح المحركات. إنها حارسة جيلاني ومساعدتها وصديقتها.

وقالت ظفر «لا أطهو وليس لدي ثوب ولا أخشى إلا الله». وأضافت «نحمي ونحرس إحدانا الأخرى. حين تكون واحدة منا نائمة تظل الأخرى مستيقظة». حين حاول زميل اقتحام خيمتهما بعد أن دمر زلزال بلدتهما تعاونت ظفر وجيلاني في صده.

لم تكن الشرطيات تحظى باحترام حين انضمت جيلاني إلى القوة. نجح والدها في إلحاقهما بدورات تدريبية وتحمل نفقاتها. تكلف تدريب جيلاني ألفي دولار. وردت لها الأموال بعد ثماني سنوات. لكن ليس لكل فتاة أب صاحب نفوذ. انضمت روزيا ألطاف للقوة منذ 16 عاما وانتظرت ست سنوات وقدمت أكثر من 50 طلبا لتحصل على التدريب الأساسي. والآن وقد أصبحت رئيسة مركز الشرطة المخصص للنساء في بيشاور عاصمة الإقليم تقول إن الأوضاع تغيرت قليلا.

وأضافت «كنا مهملات.. لكنني الآن أعمل على أن تحصل الضابطات الصغيرات على التدريب والترقيات في موعدها». ويتلقى مركز شرطة بيشاور المخصص للنساء نحو 50 شكوى في العام وهو عدد أقل كثيرا من الذي يتلقاه مركز يديره الرجال.

وكانت آخر جريمة تم إبلاغ مركز أبوت آباد المقتصر على النساء عنها عام 2005. وتجلس مديرة المركز سامينا ظفر على مكتب بسيط في حجرة فارغة ينيرها مصباح كهربائي. وقالت «لا تتوفر لنا إمكانات جيدة.. أريد لهذا المكان أن يصبح مثل مراكز الشرطة التي يديرها الرجال».

وتقول ماناجي ناتاراجان وهي أستاذة جامعية أجرت دراسة على مراكز الشرطة النسائية إن النساء يفضلن الوثوق في الشرطيات. وتشير إلى أن العنف الأسري يمثل ثلثي الحالات التي يتم الإبلاغ عنها في مراكز الشرطة النسائية بولاية تاميل نادو الهندية. ونتيجة وساطة الشرطة انخفضت الشكاوى من العنف إلى النصف. ولا تتوفر بيانات في باكستان.

وتتلقى مكاتب النساء في خيبر بختون خوا شكوى كل بضعة أيام وأغلبها من العنف الأسري. ويقتصر الأمر على توبيخ المعتدي. وتخشى الضحايا من أن تؤدي إقامة دعوى رسميا إلى مزيد من العنف. لكن بعض رجال الشرطة يقولون إنه لا يوجد من النساء اللاتي ينضممن إلى القوة من تستحق.

وقال ضابط كبير «النساء اللاتي ينضممن إلى القوة لا يكترثن لسمعتهن أو ليس لهن مكان آخر ليذهبن إليه». وتغضب جيلاني وظفر من الكلام من هذه النوعية. وقالت جيلاني «إذا رأى الناس الشرطيات يؤدين عملهن جيدا فسيغيرون وجهة نظرهم». وفي حين تضطر لارتداء البرقع لتعود إلى منزلها فإنها ترفض ارتداءه في مركز الشرطة. وتساءلت «إذا كنا نؤدي عملا يقوم به الرجل فلماذا لا نكشف وجوهنا.. التغيير يمثل تحديا للمجتمع كله وليس الشرطة وحسب».