«الاستشراق في الفيلم الوثائقي» ندوة تنتقد استمرار نظرة الغرب «المتقدم» إلى «الشرق المتخلف»

ضمن فعاليات الدورة الأولى من مهرجان أوروبا ـ الشرق للفيلم الوثائقي في أصيلة

جانب من المشاركين في ندوة «الاستشراق في الفيلم الوثائقي» في أصيلة («الشرق الأوسط»)
TT

أجمع المشاركون في ندوة «الاستشراق في الفيلم الوثائقي» المنظمة ضمن فعاليات الدورة الأولى من مهرجان أوروبا - الشرق للفيلم الوثائقي، في مدينة أصيلة المغربية، على أن نظرة الغرب للشرق ما زالت ترتكز على نظرة المتقدم إلى المتخلف، وأن الغرب ما زال ينتج صورا عن الشرق كما يريد ويتخيل، من دون البحث عن الصورة الحقيقية أو القريبة إلى الواقع.

وأكد المشاركون الذين كانوا يتحدثون، أول من أمس، في مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية في أصيلة، على أن الأفلام الوثائقية أصبحت أحد العلوم التي تأخذ مجرى تاريخيا وسياسيا، ولها تأثير كبير على السينما.

وأشار المخرج البريطاني أوليبيو سالازار إلى العلاقة الوثيقة بالصناعة السينمائية، مبرزا أنها علاقة تحمل الهوية التاريخية وتعكس الكثير من القيم التي تؤثر على المتلقي انطلاقا من الواقع والخيال والصورة المرئية، ودعا سالازار إلى ضرورة اعتماد الخطوات الجمالية لرسم أي فيلم وثائقي، مبرزا أنه يستغل مساحة كبيرة من المجال السياسي ومجالات أخرى. وتحدثت المخرجة والباحثة الإسبانية آنا ماريا لياريستي عن العلاقة بين الاستشراق والفيلم الوثائقي، مبرزة الجوانب المختلفة التي اعتمدها المخرجون الإسبان والأوروبيون من التاريخ لإنتاج أفلامهم الوثائقية، خاصة فترات الاستعمار التي شكلت فرصة لإنتاج أعمال كثيرة، نافية أن تكون هناك طرق دقيقة للحصول على الوثائق التي تعكس حقيقة بلد ما أثناء الاستعمار، مشيرة إلى أن الموثقين كانت لديهم أهداف استعمارية.

ومن جهته، يرى الإعلامي والسيناريست المغربي عبد الله الدامون، الذي تحدث عن صورة المغرب في الاستشراق الإسباني، أنه لا يمكن الفصل بين الاستشراق الفكري والاستشراق في الفيلم الوثائقي، مؤكدا أن الشروط التي حكمت ظهور الفكر الاستشراقي المكتوب هي الشروط نفسها، التي حكمت ظهور السينما التسجيلية.

وقال إن الحديث عن الاستشراق كنظرة من الغرب نحو الشرق غير مضبوطة، عادّا أن الحقيقة هي نظرة من فوق إلى تحت، ونظرة من الغرب «المتقدم» إلى الجنوب «المتخلف»، مشيرا إلى أنها نظرة تحكم الجميع في إطار المساعدة التي يقدمها المشرق من أجل إرضاء الإرادة الغربية.

وذكر الدامون أنه، في الوقت الذي كانت فيه السينما الغربية تتطور وتنتعش، ظهرت الثروة النفطية في المشرق، وأن الغرب جعل من السينما صناعة حقيقية، في حين أن العرب نظروا إليها بنوع من التوجس والخوف، إلى درجة أنه حاليا هناك بلدان عربية ليس بها قاعة سينمائية.

وأشار الدامون إلى آفة الإنتاج المشترك التي عانى منها المغرب العربي كثيرا عندما دخل في تجارب سينمائية مشتركة مع فرنسا وبلدان أخرى، مؤكدا أن المجتمعات العربية كانت تظهر استعدادها في تقديم نفسها بالطريقة نفسها التي يريد الآخر أن يتقدم بها.

وبدوره، قال الحبيب الناصري أستاذ باحث وناقد سينمائي مغربي، إن المجتمعات العربية أصبح لديها إمكانيات الانخراط لجهة تصحيح مجموعة من التمثلات الخاطئة عن العرب لدى الغرب، مضيفا أنه توجد في مقدمة تلك الإمكانيات ثقافة الصورة التي تعد شكلا من أشكال الكتابة، متسائلا: كيف تستطيع الصورة من خلال الفيلم الوثائقي أن تكون وسيلة للحوار والتواصل مع الآخر، مؤكدا على أن ما هو خارج حضارة الصورة هو خارج حضارة القرن الـ21.