مؤتمر «100 امرأة» يسلط الضوء على الفرص والتحديات التي تواجه النساء

نظمته هيئة الإذاعة البريطانية في ختام تغطية استمرت شهرا كاملا

إحدى جلسات النقاش
TT

«هناك علاقة مباشرة بين الفجوة بين الجنسين في دولة ما وقدرتها التنافسية، لأن تنافسية الدولة تعتمد على كيفية استفادتها من النساء، اللاتي يمثلن نصف موارد الدولة». كانت تلك بعض الكلمات الذكية التي ألقتها المتحدثة الآيسلندية سيغريدو ماريا إغيلسدوتر، ذات العشرين ربيعا أمام المشاركات في ختام مؤتمر «100 امرأة»، الذي نظمته هيئة الإذاعة البريطانية وامتد على مدار يوم كامل.

كان هذا الحدث إيذانا بانتهاء التغطية الخاصة التي أجرتها هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» على مدار شهر، تسلط فيها الضوء على الفرص والتحديات التي تواجه النساء. وضم المؤتمر 100 امرأة حول العالم، من الشخصيات رفيعة المستوى في السياسة والاقتصاد والثقافة والرياضة فضلا عن ناشطات حقوقيات ومدونات ونساء لم تسمع أصواتهن. جاء البرنامج والحدث الختامي نتيجة لمسح أجرته شبكة «بي بي سي» التي سألت فيه مشاهديها عما ينقص البرنامج. وقد تلقت «بي بي سي» كما هائلا من الردود التي عكست التهميش، الذي تشعر به المرأة نظرا لغياب القصص الإخبارية المتعلقة بهن. هذه الحماسة المحيطة بالحوار اتضحت جليا في الانتشار الكبير لموقع المؤتمر «#100Women» على «تويتر» التي لقيت استجابة عالمية خلال اليوم من خلال التعليقات والأسئلة وردود الفيديو.

وتقول ليلانا لاندور، مسؤولة الخدمات اللغوية في «بي بي سي نيوز» لـ«الشرق الأوسط»: «يقدم مؤتمر (100 امرأة) هنا اليوم قاعدة بيانات يمكن من خلالها لـ(بي بي سي) الحصول على مزيد من القصص من النساء». لكن الواضح أن هيئة الإذاعة البريطانية لم تكن الوحيدة التي تغطي القصة، فحدث كهذا يدفع كثيرا من وسائل الإعلام حول العالم جاهدة إلى التفكير بشأن طريقة تمثيلهم للنساء.

أثير خلال المؤتمر الذي امتد على مدار يوم كامل عدد من القضايا كان من بينها الحركة النسائية اليوم والأمومة والإعلام والمال والدين والقوة والسياسات. لكن القضية الأشمل كانت أن النساء لازلن في حاجة إلى تمثيل ومشاركة أفضل، وكان الرد الأساسي لهذا هو تطوير توجهات تهيئ الأفراد للابتعاد عن الأنظمة الذكورية السائدة.

بدأ اليوم بمناقشات حول الأحداث الحالية في سوريا، وكانت القضية الأبرز في هذا الصدد هي أنه على الرغم من مشاركة النساء في شبكات النجاة من الحرب، إلا أنه لا توجد نساء على طاولة المفاوضات. وكانت إنغريد بيتانكورت، السياسية الفرنسية ذات الأصول الكولومبية التي اختطفت في السابق على يد القوات المسلحة الثورية الكولومبية، الأسرع في الرد بأن هذه ليست حالة خاصة بسوريا، بل هي قضية دولية بأن النساء لا يشاركن في المناقشات على مستوى الدول. وأضافت هيلين كلارك، رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والنائبة السابقة في البرلمان النيوزيلندي أنه رغم حصول النساء على حق التصويت في فنلندا عام 1893، إلا أنهن لم يشاركن في التصويت إلا بعد أربعين عامين الأقل من ذلك. وعلى مستوى العالم وعلى مستوى أوروبا، فلا تزال النساء غير ممثلات بنسب كافية في الوظائف العليا.

كان الحل المقترح، مناقشة مستقلة، هو التمييز الإيجابي، تلك السياسة التي تهدف إلى إشراك النساء. ويؤكد كثير من الأفراد على أن هذا النوع من الأنظمة لا يركز على الجدارة، كما ينبغي أن تكون، بل على التفضيل ويشبع فقط الحاجة إلى إشباع صورة قائمة على ما يمكن أن يطلق عليه المساواة الاجتماعية.

وقد أشارت المدونة والناشطة المصرية نيرفانا محمود أن التمييز الإيجابي سياسة جيدة يمكن أن تؤدي إلى تطبيع دخول النساء المجال السياسي. ويعكس رأي نيرفانا الأثر المترتبة على التمييز الإيجابي في بنغلاديش، التي تبنت الفكرة في عام 2011 باختيار شيرين شارمين تشودري كأول رئيسة للبرلمان، في وقت مبكر من العام على الرغم من الرفض الدائم للمجموعات الإسلامية لها ضدها وضد عملها الخاص بتمكين المرأة.

كما كان التمثيل الإعلامي، أمام وخلف الكاميرا، على رأس قائمة الأولويات خلال اليوم. وكان من بين الإعلاميات اللاتي شاركن في مؤتمر المائة نساء من نوعيات مختلفة للغاية مثل نادية السقاف، رئيسة تحرير صحيفة «يمن تايمز»، وسلوى أبو لبدة، المراسلة التلفزيونية الفلسطينية، وموي ثوزار أونغ، نائب مدير الإذاعة الحكومية في ميانمار، وسيري بورنيل، مقدمة برنامج «سي بي بييبز»، على قناة «بي بي سي»، التي أثارت الجدل بكونها مقدمة برامج معاقة. وقد أشارت السقاف إلى تعقيدات العمل كصحافية، والانخفاض الكبير في الرواتب في اليمن، حيث تأتي اليمن في المركز الأخير بين 136 دولة في تقرير المنتدى الاقتصادي للفجوة بين الجنسين. وقد أشارت السقاف إلى أن 35 في المائة من الفتيات بين سن السادسة والرابعة عشرة في اليمن غير مدرجات في التعليم وأن 20 في المائة فقط يتخرجن في الجامعات. وأكدت على أن الصحافيات في اليمن «أمر نادر».

وشاركت سيغريدو ماريا إغيلسدوتر مع الجمهور فخرها الكبير بحصول بلدها، آيسلندا، على المركز الأول عالميا في تضيق الفجوة بين الجنسين للعام الخامس على التوالي، وتقول عنه إنه «أمر نفتخر به بشدة، لكن كما تعلمون لا يزال أمامنا طريق طويل كي نقطعه. ففي آيسلندا، كما هو الحال في كل دول العالم، تتقاضى النساء رواتب أدنى من الرجال بنسبة عشرة في المائة عن نظرائهن من الرجال، وأن 21 في المائة فقط يشاركن في مجلس إدارة الشركات وأن الثلث يواجهن العنف القائم على أساس الجنس».

وكانت 68 دولة قد أظهرت تقدما في تقرير الفجوة بين الجنسين على مستوى العالم، ولسوء الحظ فإن الشرق الأوسط وأفريقيا لم تحقق أي تقدم في أي من هذه المجالات ولا تزال في ذيل القائمة. إذ لا يزال الشرق الأوسط المنطقة التي تشهد أدنى تمثيل للنساء في السياسة وصنع القرار. وعلى الرغم من الدور الكبير الذي لعبته المرأة في التنمية الوطنية الحالية في قطر، على سبيل المثال، إلا أنها لا تزال في المرتبة 115 نظرا لعدم وجود نائبات في البرلمان أو شغلهن مناصب وزارية. وعلى الرغم من تبني الدول العربية موقفا ذكوريا في المنزل والشارع، إلا أن التشريع الأساسي يمكن أن يساعد في تضييق الفجوة بين الجنسين في المنطقة.