الموسيقي العالمي فرانز شوتكي: العزف في العالم العربي فرصة جيدة للعمل مع موسيقيين شباب

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه يدعم نشر «الكلاسيكية» بين عموم الجماهير وألا تقتصر على طبقات معينة

فرانز شوتكي
TT

فرانز شوتكي موسيقي ألماني (ولد في عام 1971. ميونيخ) ويعد من أشهر شباب الموسيقيين الألمان. عندما كان في التاسعة عشرة التقى قائد الأوركسترا الشهير سيرجيو سيليبيداكي الذي ضم شوتكي إلى تلاميذه.

بعد دراسته حصل شوتكي على المزيد من الخبرة في الأوبرا، وقيادة الأوركسترا والكورس كما قاد الأوركسترا في عدد من الحفلات والجولات الموسيقية في بلاده وخارجها. وفي عام 200 أسس أوركسترا الحجرة العالمية في ميونيخ.

«الشرق الأوسط» كان لها حوار مع الموسيقي العالمي هذا نصه:

* هل عزفت في الشرق الأوسط أو عملت مع موسيقيين من المنطقة من قبل؟

- لا لم تتح لي هذه الإمكانية من قبل، ولكنني أعتقد أنها سوف تكون مثيرة للاهتمام. أرى أن العزف في العالم العربي فرصة جيدة تسمح بالعمل مع موسيقيين من الشباب لأنهم أيضا غير متشبثين للغاية بآرائهم بشأن كيفية عزف قطعة موسيقية معينة. تعلم أنه في العالم الكلاسيكي الغربي يتم تسجيل القطع الموسيقية عشرا أو عشرين مرة ويتبنى الجميع فكرة محددة بشأن مدى سرعة عزف القطعة ومدى ارتفاع صوتها. إنه أمر صارم للغاية، وربما يتبعون التراث في بعض الأحيان بمبالغة شديدة. ولكنني أعتقد أن الموسيقى لا تتعلق بالتراث فقط، ولكنها رد فعل تلقائي ومتصلة بالحياة في اللحظة الراهنة والإحساس بالموسيقى. لذلك من الممكن أن يكون الأشخاص الذين لا يملكون فكرة مسبقة عن سياق هذه الموسيقى منفتحين وأن يتبعوا مشاعرهم وأفكارهم الخاصة.

* الموسيقى الكلاسيكية، إن جاز لنا التعبير، راسخة للغاية في الثقافة الأوروبية. فهل ترى أن الجمهور في حاجة إلى فهم أوروبا على مدار التاريخ من أجل استيعاب ما يحدث في الموسيقى؟

- لا أعتقد ذلك. بالطبع يمكن لذلك أن يساعد إذا كنت تعلم بعض الشيء عن الخلفية الثقافية للمؤلفين الموسيقيين، وكيف عاشوا وماذا كتب في النصوص الأدبية في تلك الفترة أو ماذا ظهر في اللوحات الفنية. ولكنني أعتقد أن الموسيقى تشكل حالة خاصة بين الفنون. لا يمكنك أن تفكر وأن تسمع الموسيقى وأن تؤلفها في الوقت ذاته. إذا كنت تخوض تجربة موسيقية، لا يمكنك أن تفكر في أي شيء آخر. إذا كنت تقرأ الأدب – إذا كنت تقرأ كتابا مسليا – ستحتاج حينها إلى خلفية ثقافية كبيرة، نظرا لأن الكاتب قد يتحدث عن مبان معينة أو طريقة معينة لفعل شيء ما، وينبغي عليك أن تعلم ما هي على وجه التحديد. ولكن في مجال الموسيقى، لا تعتمد النوتة الموسيقية على أي شيء؛ هناك رد فعل مباشر بين الصوت والعقل البشري. يمكن أن تساعد معرفة الشخص بمعلومة عن خلفية (القطعة الموسيقية)، ولكن ذلك ليس ضروريا. ما زال في إمكانه الإحساس بالموسيقى.

علمت أنه حتى وقت قريب كان هناك اهتمام كبير بالموسيقى الكلاسيكية في الشرق الأوسط. ولكني أعتقد أيضا أن هناك كثيرا من التواصل مع الشعوب الغربية على مدار الأعوام القليلة الماضية، لذلك أصبح العرب يكتسبون مزيدا من المعرفة بالموسيقى الكلاسيكية من خلال هذا الاتصال. الملاحظة الأولى على ذلك هي أنه حتى وقت قريب كان الأمر خاصا بالطبقة العليا فعليا. هل أنا مخطئ؟ أعتقد أن الأثرياء والمثقفين يهتمون بصورة أكبر من غيرهم؛ فهم من يحضرون الحفلات. وينطبق الأمر أيضا على الدول الغربية؛ فهناك بعض الرفاهية في ذلك. ربما تكون هذه ملاحظة جيدة، لأن الموسيقى بها شيء من الرفاهية. في العالم العربي، يوجد متذوقون للفن الرفيع المعقد، يملكون نزعة جيدة لتمييز الجودة العالية. يمهد ذلك الطريق أمام الموسيقى الكلاسيكية. ولكن يجب أن تكون (الموسيقى الكلاسيكية) متاحة للآخرين، الأشخاص الذين قد لا ينتمون إلى الطبقات العليا، لأني أرى أن الموسيقى الكلاسيكية تساعد على تحسين شعور الناس واسترخائهم وإبعادهم عن الإفراط في التفكير.

يقول كثير من أصدقائي الموسيقيين أيضا إننا لا نعزف الموسيقى فقط من أجل الآخرين بل نحن كموسيقيين نعزف الموسيقى من أجل أنفسنا، لأننا نحتاج إليها. ربما لا يحتاج الأشخاص من غير الموسيقيين إلى الموسيقى كل يوم، ولكن هناك شيء ما في البشر، وليس من المهم أن يكونوا عربا أو غربيين أو آسيويين، يستجيب للموسيقى بعمق.

* أنت تنظم حفلات خصيصا للشباب مع فرقة الأوركسترا الخاصة بك. فهل ترى هذه وسيلة لجذب موسيقيين جدد إلى هذا النوع من الموسيقى؟

- نعم، هذا مهم للغاية. في الغرب، لم يعد سهلا أن تجذب مواهب جديدة. وأعتقد أنه من المهم تحقيق الانتشار لا سيما من خلال وسائل الإعلام الجديدة. لدي أيضا أصدقاء في العالم العربي يفكرون بالفعل في صناعة أفلام عن الموسيقى الكلاسيكية وإظهار صورة الموسيقيين كأشخاص طبيعيين: قد يلعبون تنس الطاولة في فترات استراحتهم أو يخرجون في المساء. (من خلال هذه الأفلام)، يمكنك أن ترى كيف يعيشون معا وكيف يعزفون القطعة الموسيقية. ومن خلال مواقع مثل «يوتيوب» و«فيس بوك» يمكنك أن تطرح أسئلة عن القطعة الموسيقية وأن تجد أشخاصا يتفاعلون معك. توجد إمكانات كثيرة يمكن تحقيقها.

* من بين أهداف أوركسترا الحجرة التي تقودها في ميونيخ تشجيع الشباب على الدخول في مجال الموسيقى الكلاسيكية أو التفكير في احتراف الموسيقى الكلاسيكية. أعتقد أنك سمعت عن الأوركسترا السيمفونية الملكية العمانية. في الثمانينات، تمت الاستعانة بشباب ذوي خلفيات متنوعة وإلحاقهم بمدرسة داخلية. وفي خلال عامين تعلموا كل شيء يحتاجون إليه من أجل التعرف على الموسيقى الكلاسيكية والعزف على الآلات حتى يصبحوا عازفي أوركسترا سيمفونية محترفين. أردت أن أسأل إذا كانت لديك فكرة عما كان يجب أن تشمله هذه العملية ومدى قوتها وكيف يمكن تكرارها؟

- أعتقد أن الفكرة العامة مثيرة للاهتمام. إذا كان ما فهمته صحيحا، لم يحتج سلطان عمان لأن يرسلهم إلى أوروبا أو أي مكان آخر، بل أراد منهم البقاء وسط خلفيتهم الثقافية وفي الوقت ذاته تعلموا الموسيقى الكلاسيكية. إذا كان عليك أن تتعلم كل شيء في عامين، سيكون هذا صعبا بعض الشيء. ما أعتقد أنه سيكون أفضل هو الجمع بين تعليم العازفين العرب الشباب في بلادهم، ربما بمساعدة موسيقيين غربيين، ولكن في الوقت ذاته يمكن إرسالهم أيضا إلى العمل مع أوركسترا غربية لفترة محددة من الزمن.

أستطيع أن أتخيل بسهولة استضافة عازف موسيقى لمدة أسبوع أو اثنين في فرقتي. على سبيل المثال، إذا كنا نعزف برنامجا جديدا سنحتاج إلى عمل خمس بروفات في المعدل الطبيعي، ثم نعزف في حفلتين أو ثلاث. وهناك إمكانية لقدوم أشخاص من العالم العربي ليعزفوا في فرقتي أو في أي أوركسترا غربية لمدة قصيرة. ويمكن فعل العكس، على سبيل المثال استقدام قادة فرق الأوركسترا الألمانية مثلي إلى عمان مثلا والسماح لهم بالعزف مع عازفين عرب.