لبناني يهوى جمع العملات منذ 24 عاما.. ومجموعته تتعدى 3550 قطعة

هواية تكمن جماليتها في التنافس والاستقلالية

معاز أمام مجموعته التاريخية والنادرة
TT

ليس غريبا أن تكون هواية البعض جمع العملات، فالكثير من الناس يمارسونها، لكن أن يجمع أحدهم عملات العالم كافة فتلك هي الدهشة التي صنعها الأستاذ الجامعي حسين معاذ. فهو يعمل على مشروعه منذ عام 1989، ويعرف تفاصيل هوايته ومتطلباتها، وكيفية حماية مجموعاته لا سيما الورقية منها.

في التاسعة من عمره وقع معاز في شباك هذه الهواية، مطبقا المثل القائل «فرخ البط عوام». إذ راح يسير على خطى والده، الجامع للعملات المعدنية، بعد احتفاظه بدينار أردني أهداه إياه عمه. يومها، جذبته القطعة النقدية بألوانها وتصميمها المتضمن لصورة مسجد قبة الصخرة، فعرف أن لكل بلد عملته وتنوعه وجمال تصاميمه ورموزه.

ويقول حسين معاز في حديث لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في منزله في مدينة النبطية (جنوب لبنان) «العملة لا تنحصر قيمتها في القيمة الشرائية، بل لها أبعادها الاجتماعية والتاريخية والجغرافية. فهي تؤرخ لحضارات بأكملها ولحقبات مرت في بلد معين، لا سيما مع ربطها بما قرأته عنها أو شاهدته في التلفزيون أو زرته».

التشجيع الذي تلقاه معاز من والده ولاحقا من زوجته وعائلته وأصدقائه شكل الحافز الأساسي له في البحث عمن يمتلك العملات الورقية محلية كانت أم أجنبية، وكذلك كان يوصي أصدقاءه ومعارفه المسافرين بشراء بعض العملات الورقية له من خارج لبنان. وهكذا راحت الهواية تنمو تدريجيا حتى أصبحت شغفا لديه، بعدها لم يتأخر مهندس الديكور في شبك علاقات مع المهتمين في «عالم جمع العملات» من أجل استكمال مجموعة أوراقه النقدية التي تعدت 3550 قطعة عالمية من مختلف الإصدارات والتواقيع.

ويفخر معاز بمجموعته المكونة من 15 ألبوما (مصنوعا من البلاستيك المخصص لحفظ الأوراق) خصوصا الأوراق النقدية اللبنانية التي تحمل اسم «بنك سوريا ولبنان 1952 - 1964»، ومجموعة مصرف لبنان الورقية منذ عام 1964 حتى اليوم، والمجموعات المعدنية منذ عام 1924 بما فيها قطعة «نصف قرش» وحتى الـ500 ليرة لبنانية. ويتابع «من هنا فأنا أمتلك أكبر مجموعة ورقية عالمية في لبنان، وذلك بعدما تأكدت من أن أغلب الهواة لا يملكون بقدر ما أملك من تنوع في الدول وفي الكمية. وينصب تركيزي اليوم على العملات العربية والعالمية، وعلى الأقل عملة واحدة من كل بلد لضمان تجميع كل دول العالم. وهناك دول ذات نسبة أعلى من حيث كمية الإصدارات، فمثلا ثمة بلدان تعدت مجموعاتها نسبة 90 في المائة مثل تركيا ولبنان وليبيا ويوغوسلافيا وباكستان ورومانيا ومصر والبرازيل وكوبا وروسيا. وتبدو مجموعات معاز مثقلة بإصدارات مختلفة من العملة اللبنانية مرورا بالإصدارات التذكارية الخاصة التي تخلد مناسبات وطنية وأحداثا تاريخية أو حتى أشخاصا.

السعادة لا تفارق معاز عند انتهائه من جمع مجموعة معينة. عامل يشكل حافزا للانتقال إلى مجموعة ثانية. فيما شغفه لا ينحصر بالقطع الورقية النادرة ذات الأحجام الكبيرة والصغيرة بل أيضا بتلك التي تتميز بالغرابة والفرادة كمثل تلك العملة المعدة لتنقسم إلى جزءين حاملة قيمة نقدية قانونية (سيلان)، إضافة إلى الأوراق المميزة بأرقامها.

بدأ معاز الاحتراف بعدما تخرج في كلية الهندسة - الجامعة اللبنانية، ومنذ ذلك الحين راح يسافر إلى رومانيا وتركيا حيث الأسواق المخصصة لـ«عرض العملات»، مستفيدا من المهرجان السنوي الذي كان ينظم فيهما لهذه الغاية. حيث كانت المرة الأولى التي يجمع فيها الرجل الثلاثيني أكبر قدر ممكن من العملات قبل أن ينتقل إلى العالم الافتراضي.

واليوم وبعد مضي 24 عاما على جمعه العملات الورقية لم يبق أمام معاز سوى عشرين بلدا من كل دول العالم، مبديا حرصه على أن يمتلك منها ولو قطعة واحدة، مستدركا بأن أسعار عملاتها مرتفع ويلزمها تخصيص ميزانية لها.

واللافت أن جميع هذه العملات موجودة على موقع «ebay»، المتخصص في العملات ولديه صدقية عالمية، حيث يستعين به معاز بمعدل مرة كل شهرين إلى 3 أشهر، لشراء ما يفتقر إليه من قطع نادرة ومميزة، ثم يتسلمها عبر البريد، فضلا عن القطع التذكارية التي يهوى جمعها أيضا كونها تزيد من جمالية المجموعة. ويتم البيع والشراء وفقا لـ«كتالوغ» عالمي يشرح بالتفصيل حالات العملات وتصنيفاتها وتسعيرها.

وردا على سؤال يجيب «بالطبع هذه الهواية لا يمكن أن تتشارك فيها مع أحد، لأن جماليتها تكمن في التنافس وفي استقلاليتها، حيث ينمي كل هاو شيئا خاصا به»، لافتا إلى أنه ومنذ أشهر قليلة باشر شابان بتقليده متأثرين به وبهوايته.

واليوم يركز معاز في عملية الشراء على العملة الورقية الخاصة بدولة ولدت حديثا أو ولاية أو مقاطعة نجحت في نيل استقلالها، والبحث عن عملات لدول غير معترف فيها عالميا، وكذلك على جزر غير معترف فيها، كاشفا عن أن بعض البلدان لديها أكثر من عملة محلية. وفي سبيل تسهيل الانتشار والتعرف على أقرانه أنشأ معاز صفحة خاصة بمجموعاته على الـ«فيس بوك»، وهي تتضمن كل البلدان، حيث لكل منها ملف خاص، موضحا أنه كلما تسلم عملة جديدة يقوم بتصويرها وتنزيلها عليه قبل أن يضعها في الألبوم، مما جعل الموقع في حالة تجدد دائم.

وفي ما يتعلق بفكرة بيع المجموعة، يشير إلى أنه ذات يوم عرض عليه تاجر لبناني شراءها لكنه رفض «العرض كان ضئيلا مقارنة مع جهودي التي بذلتها. وأمام قيمة مجموعتي العالمية المتعارف عليها اليوم، حتى لو دفع لي أحدهم المبلغ المناسب فلن أبيعها، لأنها أصبحت شغفي وجزءا من حياتي».

لا تكاد تمر ليلة، من دون أن يتأمل معاز ألبوما من ألبوماته قبل النوم، إلا في حال كان تعبانا، أو لديه ملل كثير، مشبها ذلك بمن يسقي شجرة يحبها ويراقبها تكبر كل يوم. ويختم بأنه على وشك الانتهاء من تأسيس جمعية مخصصة لكل هواة جمع العملات الورقية والمعدنية والطوابع والسندات والصور القديمة و«البوسترات» وأوراق اليانصيب، ستمكنهم من تطوير الهواية واللقاء بهواة جدد وفتح إمكانية البيع والشراء بين الهواة، والمشاركة والاستماع لمحاضرات، آملا الإعلان عنها مع بداية عام 2014.