معرض استعادي للفنانة المغربية ليلى السيدي في لندن

«أبعد من الجمال» يتحدى الرجال والمفاهيم السابقة للاستشراقيين

حتى بشرة المرأة تصبح الكنفا في أعمالها تغطيها من رأسها وحتى أخمص قدمها بنصوص من الخطوط العربية
TT

تتحدى الفنانة المغربية ليلى السيدي بأعمالها ليس فقط الصورة النمطية التي رسمها الاستشراقيون للمرأة، وإنما أيضا كيف نقرأ التاريخ وهوية المرأة الجنسية وحتى الفن المعماري. إذ تحاول مثلا من خلال رسومها تفكيك المفاهيم أو الأيقونات التي قدمها الغرب حول فضاءات النساء (الحريم)، وتقديمها في قالب جديد.

في معرضها الاستعادي «أبعد من الجمال»، الذي يستضيفه حاليا غاليري «كاشيا هيلدبراند» في لندن، توظف فيه الفنانة للا السيدي التصوير الفوتوغرافي مع عدد من الوسائط الفنية المتعددة. رسوم الحناء وجمالية الخط العربي، التي استخدمت من قبل الفنانين الاستشراقيين في لوحاتهم، وظفتها الفنانة في تشكيل صورة مختلفة للمرأة العربية في بيئتها التقليدية، مخالفة تماما الصورة التي رُسمت لها من قبل هؤلاء. ومن هنا فإن «أبعد من الجمال» هي أعمال فنية توثق لمفهوم الجمال من خلال التقاليد والماضي، ومن هنا فقد فتحت الفنانة نافذة تاريخية على الهوية الجنسية للمرأة وثقافتها وحتى بيئتها المعمارية.

أعمال الفنانة للا السيدي التي تعيش في الولايات المتحدة الأميركية حاليا، عادت بها إلى طفولتها في موطنها الأصلي بالمغرب، وأعطتها فرصة باستعادة الماضي لكن بنظرة الحاضر، مستخدمة اللغة من أجل التواصل مع هذا المكان غير المحدد المعالم.

الحريم، «قصر الحريم»، هو المكان الذي حدده الاستشراقيون للمرأة. لكن في عالم الفنانة، فإنه الفسحة الخاصة من البيت للإناث، التي تمنع الاتصال بالرجال من خارج إطار العائلة. أما الحناء المستخدم كمادة تلوينية، فإنها تقوم بإخفاء وتجميل جسم المرأة، في آن واحد، أي أنها أصبحت بعدا مجازيا في أعمالها.

«حتى بشرة المرأة تصبح الكنفا في أعمالها، تغطيها من رأسها وحتى أخمص قدمها، بنصوص من الخطوط العربية، التي كانت تُعتبر مهنة يحتكرها الرجال». قال الغاليري حول المعرض الاستعادي للفنانة الذي افتتح أخيرا ويبقى مستمرا حتى الثامن ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

«استخدام فن الخطوط العربية مهنة تقليدية يقوم بها الرجال. من خلال استخدامي الحناء، المادة التقليدية التي تتجمل بها النساء، تمكنت من التعبير، وفي الوقت نفسه إزالة التناقضات التي واجهتها في ثقافتي، بين سلم التراتب والتوافق الاجتماعي، بين العام والخاص، وبين ثراء التقاليد الإسلامية وجوانبها المقيدة للأعمال الفنية»، كما قالت الفنانة عن أعمالها المعروضة.

ما قامت به أنها استخدمت مادة الحناء لتزيين جسم المرأة بالخطوط العربية، وبهذا فإنها كسرت تقليدا رجاليا، فقد تحدت الرجال في عقر دارهم، ومن خلال مادة تجميل نسائية، التي لم تكن مستخدمة سابقا في فن الخط.