رائحة الطهي تختلط بحبر الكتب في أروقة معرض الشارقة الدولي للكتاب

كتب الطبخ تلقى رواجا واسعا ومؤلفوها يحضرون إعداد طبخاتهم

تستقطب فعاليات «ركن الطهي» في معرض الشارقة الدولي للكتاب عددا كبيرا من السيدات والرجال على حد سواء
TT

في كل عام، وعلى مدى دوراته الـ32، درج معرض الشارقة الدولي للكتاب على تقديم الطبخ والطهي باعتباره جزءا لا يتجزأ عن الثقافة، ولطالما انعكست المأكولات من أرجاء العالم خلال صفحات الكتب الذي يحرص المعرض إشراكها في معارضه، لكي يكمل صورة الثقافة التي لا تقتصر على الآداب والعلوم فقط. كما اعتاد المعرض أن يقدم عروضا عملية للطبخ في أروقته الخارجية، ويشرك عشاق الطعام في متابعة دروس الطبخ.

من خلال أجواء تختلط فيها روائح البهارات الهندية والزعفران الفارسي مع المقبلات اللبنانية والحلويات الخليجية، تستقطب فعاليات «ركن الطهي» في معرض الشارقة الدولي للكتاب، عددا كبير من السيدات والرجال على حد سواء، فالأطباق الشهية يبحث عنها الجميع، حتى ولو كانت مختلطة مع حبر الورق، وأصوات المثقفين والشعراء والمفكرين الذين يغدقون على جمهور المعرض بإبداعاتهم الأدبية والثقافية، كتبا وقصائد وندوات.

من الهند، موطن الأطباق الغنية بالبهارات التي لا يقاوم مذاقها، حلوة كانت أم حامضة، حارة أم لاذعة، يأتي الطاهيان فيكي رتناني وسنجيف كابور، ليقدما مجموعة من الأطباق المستوحاة من طبيعة الهند الغنية بالخضراوات والأعشاب والبهارات، حيث تتميز هذه الأطباق بسهولة وسرعة تحضيرها، علاوة على إمكانية تجهيزها من مواد تكون متوفرة غالبا في البيت.

وفي كل فعالية يقدمها الطاهي رتناني أو زميله كابور لا بد أن يكون أرز الكاري أو دجاج التندوري حاضرا، في أطباق تمتزج فيها حرارة مواقد الطهي مع قرون الفلفل المشتعلة والكثير من التوابل القوية النكهة. ولا ينسى الطاهيان، السلطات المضاف إليها غالبا بعض من أصناف الخضراوات التي لا تعيش إلا في شبه القارة الهندية.

أما المطبخ الفارسي المعروف بكثرة استعماله للتوابل والأعشاب العطرية مثل الزعفران، والزيزفون، والكمون، والبقدونس، فقد أحضرت إدارة المعرض هذا العام اثنين من كبار الطهاة في إيران وهما سالي بوتشر وجمشيد غولشان إبراهيمي، اللذين يبدعان معا تشكيلة متنوعة من الأطباق التي لا يخلو أحدها من الكباب، والأرز البسمتي، وكعك الخضراوات، إلى جانب المشروبات الكثيرة التي تزيد من شهية المائدة الإيرانية.

ويكثر الطاهيان بوتشر وإبراهيمي من استعمال الفواكه في الطهي، مثل الخوخ، والرمان، والسفرجل، والمشمش، والزبيب، إلى جانب المكسرات مثل الفستق الحلبي، والكاجو، واللوز، والصنوبر، والتي يعتبرونها من العناصر التي تضفي على أطباقهم مذاقا فريدا ومظهرا رائعا، تأكل منه العين قبل الفم، ولا ينهيان فقراتهما إلا بدعوة الحاضرين إلى تذوق هذه الأطباق وإبداء الرأي فيها، في فعالية لا تخلو من مشاركة كل أفراد الأسرة.

ومن لبنان، ضيف شرف الدورة الـ32 من المعرض، وموطن أوسع تشكيلة من المقبلات التي تبدأ من الحمص والبابا غنوج والمحمرة ولا تنتهي عند التبولة والفتوش، تقدم الطاهية المعروفة دلال كنج وصفات شعبية لإعداد هذه الأطباق إلى جانب الحلويات والأطايب المالحة والحلوة. وتخصص كنج كل يوم تقام فيه هذه الفعالية لعدة أطباق محببة لأفراد الأسرة مثل المشاوي والمحاشي والشوربات، مع الاهتمام بمحبي الأطباق النباتية التي يقبل عليها كثير من العرب والأجانب.

وتشارك الطاهية الكويتية عرفات الأربش جمهور معرض الشارقة الدولي للكتاب بخبرتها الطويلة في إعداد أشهى المأكولات الخليجية، إضافة إلى اهتمامها بشرح طرق إعداد السلطات والمعجنات والحلويات، المعروفة في دول الخليج العربي.

وفي كل هذه الفعاليات المتواصلة حتى نهاية المعرض، على فترتين صباحية ومسائية، يكون الكتاب حاضرا من خلال وجود دور النشر المتخصصة في نشر وتوزيع كتب الطهي بالقرب من مكان إقامة «ركن الطهي»، والذي جهز له مكان رحب مع مطبخ واسع في القاعة الخامسة ما يتيح لأكبر عدد من الجمهور أن يتابع إعداد أهم الطبخات العالمية على يد الطهاة المهرة، والتي تجسد ثقافة هذه البلدان وشغفها بأهم هاجس يواكب الإنسان، وهو الطعام. فليس عجيبا أن نتحسس نكهة الطبخ من بوابات المعرض، التي تختلط برائحة الحبر. ومثلما نحتفظ بعناوين الكتب البالغة 405 آلاف العناوين، نتذكر نكهة الأطعمة الآتية من أرجاء العالم.